عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي: واقع الحال الثقافي يقتضي إصلاحا مؤسساتيا عميقا يستجيب لمتطلبات الحكامة الجيدة وفق استراتيجية وطنية شاملة ومقاربة تشاركية

في تعقيب الفريق الاشتراكي بمجلس النواب خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة حول موضوع «الثقافة»

 

 

قال عبد الرحيم شهيد «لا بد من الحرص في السياسة العمومية الثقافية على المقاربة المتوازنة في التعاطي مع كل مكونات الهوية الوطنية، وبنفس الطريقة مع كل الروافد الثقافية: العربية الإسلامية، الأمازيغية، الصحراوية الحسانية، الإفريقية، الأندلسية، العبرية والمتوسطية».
ودعا عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي في مجلس النواب، في تعقيب له خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة حول موضوع «الثقافة»، إلى ضرورة استحضار الاختيار الاستراتيجي الثالث الذي حدده التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، والمتمثل في النهوض بالتنوع الثقافي وجعل الثقافة رهانا عالميا بالغ الأهمية في مجال الصعود الاقتصادي والسيادة.
وفي ذات السياق أبرز أن هذا الاختيار دعا إلى جعل الثقافة موردا للنمو والاستثمار والتشغيل، وتشجيع المبادرات الصاعدة والابتكارات والمقترحات الصادرة عن كل الفاعلين في الحقل الثقافي. كما أكد على تثمين التراث الثقافي المحلي، والمحافظة على الموروث الوطني والتراث اللامادي، وتشجيع السياحة الثقافية.
كما انتقد رئيس الفريق الاشتراكي ما جاءت به الحكومة في المجال الثقافي، مطالبا بضرورة تبني استراتيجية واضحة المعالم في هذا المجال، فقد اكتفت الحكومة بتقديم برامج وإجراءات محدودة على المدى القريب. والحال أن البلاد في أمس الحاجة إلى استراتيجية شاملة، متوسطة وبعيدة المدى، تقطع مع المشاريع الثقافية الظرفية والمنهجية الانتقائية التي تفاضل بين الحقول الثقافية والفنية.
وسجل النائب الاشتراكي شهيد على أن كل وزير للثقافة يأتي ليعطي الأفضلية لقطاع على حساب باقي القطاعات، منهم من يفضل المجال السينمائي، ومنهم من يفضل الحقل المسرحي ومنهم من يعطي الأسبقية لصناعة الكتاب. لكن ما أحوجنا إلى التعامل مع كل المجالات الفنية والثقافية بالإنصاف والمساواة.
ودعا الفريق الاشتراكي بهذه المناسبة إلى فتح حوار وطني حول الثقافة يقوم بتحيين المعطيات المتعلقة بالشأن الثقافي على ضوء تداعيات الجائحة، وتنبثق عنه المحددات الكبرى للسياسة العمومية. مستنكرا في نفس الوقت انسحاب الحكومات المتعاقبة من فضاءات النقاش العمومي، وأن يظل الرصيد الوطني متوقفا في ثلاث مناظرات حول الثقافة المغربية الأولى سنة 1986 والثانية سنة 1992 من تنظيم وزارة الثقافة، والثالثة سنة 2015 من تنظيم اتحاد كتاب المغرب، الفاعل الثقافي التاريخي الوازن، «الذي نستغرب عدم استقباله إلى اليوم من طرف وزير الثقافة رغم استقباله للعديد من الجمعيات الثقافية المختلفة».
كما طالب الفريق الاشتراكي بأن تبادر وزارة الثقافة بشراكة مع اتحاد كتاب المغرب ومختلف الفاعلين المعنيين إلى تنظيم دورة جديدة للمناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية، موضحا أن الثقافة المغربية، في لحظة التحول التنموي، لا تحتاج إلى الاكتفاء بإجراءات معزولة بعضها عن بعض كما ورد في البرنامج الحكومي وقانون المالية لسنة 2022.
وبخصوص تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية أكد رئيس الفريق الاشتراكي على الإرادة السياسية والجرأة الواضحة في أجرأة وتفعيل ذلك. وأهمية تأطير الموارد البشرية المؤهلة لتدريس الأمازيغية وتوظيفها لهذا الغرض، لا أن يتم توجيهها إلى تدريس مواد أخرى لا علاقة لها بها، وهو ما نسجله للأسف في العديد من المؤسسات التعليمية.
وطالب الفريق الاشتراكي بإجراء تقييم حقيقي ومستعجل لمعرفة الوضعية الحقيقية لدور المغرب بالخارج (في بروكسيل وباريس)، وإطلاع الرأي العام عن أسباب عدم فتح واستغلال دار المغرب بأمستردام التي تم تشييدها منذ سنوات وبملايير السنتيمات.
وفي ذات السياق تساءل النائب شهيد عن كيف يمكن تبرير أداء الحساب الخصوصي للخزينة المسمى «الصندوق الوطني للعمل الثقافي» الذي لم تتجاوز نفقاته ما بين 2018 و2020 حوالي ثلث موارده؟ سنة 2018: الموارد 590 مليون درهم، النفقات 168 مليون درهم ؛ سنة 2019: الموارد 750 مليون درهم، النفقات 244 مليون درهم ؛ سنة 2020: الموارد 717 مليون درهم، النفقات 239 مليون درهم.
وسجل النائب الاشتراكي شهيد، خلال نفس الجلسة، حول مستوى تنفيذ الميزانية الخاصة بالقطاع أن نسبة الإصدارات لا تتجاوز 43 %، فيما ميزانية الاستثمار لا تتجاوز 65 %، بالإضافة إلى التفاوت في تنفيذ ميزانية الاستثمار بين الجهات متسائلا عن الكيفية التي ستتعامل بها الحكومة مع هذه الوضعية وكيف ستعالج المؤشرات المتواضعة التي رصدها التقرير السنوي لنجاعة الأداء، والمتعلقة بضعف النتائج مقارنة مع التوقعات التي حددها قطاع الثقافة، في القيادة والحكامة تم تحقيق فقط 20 %، وفي برنامج الفنون تم تحقيق 55 % .
وبالموازاة مع ذلك، استغرب الفريق الاشتراكي المفارقة الصارخة بين توفر الموارد المالية وبين ما يعيشه العاملون في المجال من وضعية اجتماعية مأساوية، في أوساط الموسيقيين والكتاب والمسرحيين والممثلين والمخرجين والفنانين التشكيليين وغيرهم. وعدم تقديم الدعم المالي رغم توفره للجمعيات الثقافية للمشاركة في المهرجانات الدولية رغم ما تحققه من نتائج مشرفة لصورة المغرب، وآخرها عدم تمكين مسرح « أنفاس» من المشاركة في المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي. وإيقاف الدعم المالي الذي كان مخصصا لنشر الكتب والمجلات منذ حكومة التناوب، والذي تم تطويره عبر السنوات.
وشدد رئيس الفريق الاشتراكي على أنه لا يمكن تقوية الأداء الثقافي للبلاد بقرارات ارتجالية ومزاجية، كما وقع بخصوص تغيير تاريخ ومكان انعقاد معرض الكتاب بالدار البيضاء، الذي أصبح موعدا سنويا مكرسا، في الزمان والمكان، في البرنامج العربي للناشرين والمؤلفين، وهو ما سيخلق ارتباكا كبيرا للثقافة المغربية هي في غنى عنه.
وفي الأخير أكد رئيس الفريق الاشتراكي أن واقع الحال الثقافي يقتضي إصلاحا مؤسساتيا عميقا يستجيب لمتطلبات الحكامة الجيدة من خلال عدة تدابير أولها اعتماد استراتيجية وطنية شاملة للثقافة المغربية وفق مقاربة تشاركية على المستوى المؤسساتي والتدبيري وعلى مستوى علاقة الاستثمار بالثقافة وعلى مستوى الديبلوماسية الثقافية.


الكاتب : مكتب الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 02/02/2022