شدد عبد المقصود الراشدي، رئيس جمعية الشعلة وعضو المكتب السياسي للحزب، على أن النموذج التنموي الجديد يجب أن يرتبط بإفراز تماسك اجتماعي منسجم وقوي ومبني على العدالة الاجتماعية والعدالة الترابية. وتساءل الراشدي إن كان اعتماد النموذج الجديد، الذي طرح في إطار المباديء التي كرسها الدستور الجديد في مجال الحكامة والمحاسبة والمردودية، سيتطلب تعاقدا سياسيا جديدا، وما سيترتب عن ذلك من التفكير في تعديل وتصحيح الدستور المغربي الحالي.
وقال الراشدي في كلمته حول “مداخل القضية الاجتماعية في أفق المشروع التنموي الجديد”، إنه لا يتصور “أن حزبا اشتراكيا أو يؤمن بالاشتراكية الديمقراطية، ووراءه تاريخ نضالي من أجل الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان، وأمامه ضبابية كبيرة بين الوسائل والإمكانيات وطبيعة العرض الذي يمكن أن يقدم اليوم وبين طموحات لأفراد والجماعات مع العلم بأن مرحلة تاريخية قد انتهت وأننا دخلنا في مرحلة جديدة برزت فيها أجيال ووجوه سياسية أو حزبية جديدة”.
وأضاف “لذلك لا أتصور أن هناك مشروعا تنمويا لا يربط بين المواطن وبين الوطن، لأن الجوهر هو في هذه الثنائية: كيف يمكن لنا كمواطنات ومواطنين أن نجد موقعا حقيقيا في ظل وطن نريده أن يكون فضاءا للعيش المشترك فيما بيننا”.
واعتبر الراشدي أن أي تجديد أو تطوير للمشروع التنموي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المداخيل الجوهرية، وعلى رأسها التعليم والصحة والعالم القروي والنساء والشباب، إذافة إلى المداخيل الصناعية والثقافية والسياسية.
وأكد أن مدخل التربية والتعليم يكتسي طابع الأولوية بالنسبة للفئات الشعبية والمتوسطة، وذلك بارتباط مع مصير ودور المدرسة العمومية. زقال “هذه المدرسة العمومية هي عنوان للمعرفة، هي عنوان للرقي الاجتماعي، وهي عنوان للتماسك الاجتماعي. اليوم كيف يمكن أن نتصور تماسكا اجتماعيا بمدارس متعددة، بين الفرنسية والانجليزية والأمريكية الموجودة وما هي المضامين الاجتماعية التي يمكنها أن تمررها ويتمثلها أطفال اليوم ومواطنات ومواطني الغد، وطبيعة المجتمع، ومنطق التفكير الذي قد يكون في هذا المجتمع على ضوء هذه المعطيات”.
وأضاف الراشدي “طبعا نحن أغلبنا إنتاج المدرسة العمومية في زمانها. ولكن هذه المدرسة العمومية ربما نحن كذلك نساهم في التخلي عنها، سواء بالتفكير في القطاع الخاص، وكأن القطاع الخاص له بدائل، رغم احترامي له، والحال كما نرى في المدارس العمومية اكتظاظ نراه في العديد من المؤسسات القطاع الخاص”.
وأشار إلى أن المدرسة التي شكلت عمق تكوين الطبقة المتوسط وعنصر الاشتراكية الديمقراطية وجزءا من هوية تاريخ الاشتراكية الديمقراطية بالمغرب، وقال “ يبدو لي أنها يمكن أن تشكل مدخلا كبيرا للحوار والنقاش سواء من حيث المضمون أو الآليات أو البرامج وهذا شيء يعرفه ذووا الاختصاص”.
المسألة الثانية التي تكتسي الأولوية بالنبسة للراشدي هي الصحة. وقال بهذا الصدد “السياسة الصحية في المغرب، بشهادة المسؤولين الرسميين، متواضعة جدا حتى لا أقول بئيسة، ولا تعم كافة المواطنات والمواطنين، ومنحصرة من حيث الوسائل والآليات في منطقة جغرافية محدودة ضدا على العدالة الترابية. التي ينبغي أن تشكل مدخلا أساسيا اليوم لكل مشروع تنموي جديد”. وفي المرتبة الثالثة يأتي التشغيل، باعتباره إشكالية أفقية تعاني منها كل الأسر المغربية. وربط الراشدي بين التشغيل وخلق الثروة والتوزيع العادل لثمار النمو وفوائده بين مختلف الشرائح والطبقات الإجتماعية.
وبخصوص مسألة البادية، قال الراشدي “نحن في بلد لا يمكن أن نتنكر للمرجعية القروية لأغلبنا. لا يمكن أن نتصور القرية اليوم بدون مدرسة ولا مصحة ولا طرق ولا ماء صالح للشرب”، مشيرا إلى أنه “إذا كان لمشروع اشتراكي ديمقراطي اليوم من عرض يريد أن يقدمه للمجتمع : كيف يمكن للقرية المغربية أن تشكل نموذج أساسي في التنمية الاجتماعية لإدماج جزء كبير من المواطنات والمواطنين في الاستفادة من الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية”.
وتحدث الراشدي عن الحركات الاحتجاجية التي تعرفها البلاد، وتوقع كباحث سوسيولوجي أن تتكاثر في الأيام القادمة، مشيرا إلى أن “النضال الذي كان في الماضي من أجل الحقوق و من أجل حرية التعبير وحرية التجمع ومن اجل المطالب السياسية، ترك اليوم مكانه لجيل جديد من المطالب تهم الإنسان وتهم الحاجيات المباشرة. وأظن أن المواطنات والمواطنين تبرز ملامح مطالبهم اليومية ذات طبيعة الكرامة في غياب تأطير مجتمعي”. وأضاف “لذلك الحركات الاحتجاجية بصيغتها الحالية هي نموذج جديد للنضال الديمقراطي من أجل تطوير البلاد”.
عبد المقصود الراشدي: لا أتصور أن هناك مشروعا تنمويا لا يربط بين المواطن و الوطن
بتاريخ : 21/04/2018