عتبات

 

أعرف أن ذهنك يوغل في مغاور الحياة باحثا عن سكينة روحك التي عصفت بها رياح الزمن الهوجاء إلى هذا المكان.
أعرف أنك كلما سبحت في فضاء الكلمات الرنانة، تشتد بجسدك رعشة الخوف من الآتي، ولا تسعفك استراتيجياتك التنبؤية ومستقبلياتك الحالمة. وكلما تذكرت لحظة ماضيه تتأسى على عبورك اللامتناهي من كل المحطات كي تصل وترسو على شاطئ عشق أبدي موهوم تعتقد أنه متأصل فطريا في ذاتك.
كل هذا عرفته. لكن الذي لم أكن أتوقعه هو أن تتكسر وتتحطم أسئلتك على صخور هذا الزمن المتآكل الصدئ المتناسل على الدوام.
لماذا لا تسحبك الكلمات وتمحوك اللغة من صفحات كتاب الموتى؟

2–
كانت الكتابة عندك ولاتزال كذلك: قرصا مهدئا لغضبك يبعدك عن جفاف المألوف وصقيع المعتاد.ويطفئ لهيب الاستفهامات المتأججة بداخلك. وكنت كلما تناولت القرص تتوهم أنك تفتض بكارة عذراء أو تغازل جسد امرأة. أو تتذوق طعم ثمار الشجرة المحرمة. وكيفما كان تفسيرك لتصرفك، فالشيء الأكيد هو أن المال أقدر من كل السلطات في زمن الحلم، أداته في التداول العمومي هو الرقم المعاملات !!

–3
ها أنت الآن ترقص فرحا بعودتك إلى اللامكان.
ها أنت تمشي بأقدام من حديد في اتجاه حقول زراعة الألم. وتنسى بأنك لست آدميا ..في ارتعاشات أفكارك حكمة اللامعنى وهي تتراقص ضاحكة في أفواه الخرسى.
ها أنت تكتب عن اللاجدوى لتشكل هندسة بياض يومك أو بياض الورقة. لكن «ما أضيق العيش» الذي غذى أرواحا عظيمة في الفكر والفن..
وحين يتفتق الذهن الطفولي على الحياة يصنع التحدي ويوقظ آثار الأقدام الأولى التي استحقت هذا الاسم بعد مراحل القوائم الغابرة.

4–
هو أنت هذا الألـم وأنت الفلاح أيضا. ذاك الذي يحصد ثمار الألم من حقول وجدتها محروثة ومزروعة.. كان غيرك ممن سيقول هم الذين دفعوك لكي تحترف الحصاد ويصبح فلاحا!


بتاريخ : 01/12/2022