عز الدين بوركة يفتح «نوافذ هنري ماتيس»

عن دار خطوط للنشر والتوزيع، يصد،ر قريبا، للكاتب والشاعر عز الدين بوركة، كتاب جديد موسوم بـ»: «نوافذ هنري ماتيس.. المغرب شرقا بين الألفة والغرابة»..
جاء في كلمة التصدير التي أنجزها القاص ساحر ما بعد الحداثة، أنيس الرافعي ..:
« وأنَا أقرأُ سطور الكتاب اللّبيب مُتوقّد الحُدوس، الذي وضعهُ الناقد الجماليّ عز الدين بوركة عن هنري ماتيس، لا أدري لم توهّمتُ، في لحظة تجلٍّ، بأنَّهُ يستبطنُ بين فصوله القِصار سرديّةً مغربيّةً مُضمرة، قوامها راوٍ، غريبُ المنبت و الأُرُومة ، مُتعدّدُ الأصوات و البصائر، يصلُ لتوِّه ، مُتعبا مُثقلا بالحُمّى، إلى مدينة طنجة، كي يقيم لمدّة سبعة أيام داخل فندق بسيط يقعُ في مواجهة البحر.  يعثرُ الأجنبيُّ الغامضُ، بالصدفة ، تحت وسادة سريره على دليل مُصوَّر للوحات ماتيس، فيتلهَّى قُبيل خروجه كلّ يوم لاكتشاف متاهات طنجة وأسرارها بتصفّح الدليل . وعلى امتداد الأيام السبعة لرحلته ، كتبَ في دفتر يوميّاته على طاولة خشبيّة وَقُرَ فوقها حوضٌ زجاجيّ صغير تسبحُ داخله سمكة « بيرانا»  حمراء،  عن ريفيٍّ ذي أبهة اسمهُ « حميدو « يقف نظير علامة استفهام ؛ عن امرأة صبوحةٍ تدعى « زهرة « تنبثقُ كنبتة غنباز  على شرفة حجريّة ؛ عن مدخل قصبة أندلسيّة عتيقة ؛ عن ضريح للوليّ الصالح «سيدي أحمد البقالي» ؛ عن خليج بحريّ يمتدُّ مثل لسان أزرق نظيف؛ عن مشهد طريق أفعوانيّة مُتربة مُغبَّرة تلوحُ من نافذة فندق آخر يشبه إلى حد بعيد فندق سَكَنِه ؛ وعن مقهى « دالية « التي شرب فيها شايا مغربيّا مُنَعْنَعًا…» .
من مقدمة الكتاب نقرأ أيضا:
«لقد سمحت الإقامة في طنجة لهنري ماتيس بنقل مشاعره إلى التصوير الصباغي على نحو مكثف بالتلوين الساعي للكشف عن «وحشية» الذات تجاه العالم، ليس بالمعنى الموحش والعنيف، بل بكل ما تتطلبه الرغبة في تبيان ما لا ندركه بالعين ومدركاتها اللونية والضوئية. قدم منزعجًا بفعل أزمة نفسية دفعته إلى مساءلة نفسه باستمرار، وجد ماتيس في هذه المدينة الصفاء والثقة التي كان يفتقر إليها لإعطاء زخم جديد للوحاته وتجربة نابعة من عذوبة الضوء.
وجد ماتيس في كل مكان بطنجة مصدرا للكشف والإلهام. هناك وجد ذاته، واستثمر كل ما راكمه من نظر وما جربه من طرق تصوير متصل بالفن الإسلامي والعربي، والكشف الذي يأتيه من الشرق، ليتمثل في التوفيق المبهر بين بدائع الزخرفة التي سبق أن تقاطع معها في فنون الإسلام وجمالية الذات الإنسانية، الذي تجسد في عملية محو التفاصيل وتخطيط الملامح، حيث نزح صوب تبني شخوص ذاتية لا موضوعية، شخوص منصهرة في الفضاء ومفعمة بالشحنات النفسية والعاطفية التي ظل راغبا في الكشف عنها في كل مسيره الفني، بما فيه ذلك الذي أنجزه في آخر حياته.»


بتاريخ : 11/01/2024