عمر أعنان يُعلي من المصداقية البرلمانية ويُحصّن النقاش الجامعي من التشهير

في خضم الجدل الذي أثارته تصريحات النائب البرلماني مصطفى ابراهمي عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية حول ما اعتبره «تزوير دبلومات مهندسين» بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بوجدة، برز موقف برلماني ناضج ومتوازن قدّمه النائب عمر أعنان، أعاد النقاش إلى سكته المؤسسية الرصينة، وذكّر بأن من «مسؤولياتنا كبرلمانيين ألا ننجر خلف التأويلات غير المثبتة أو الحملات الافتراضية المغرضة».
فبينما اختار النائب ابراهمي تفعيل المادة 163 وطرح سؤال طارئ مضمونه اتهامي ويكاد يكون قضائيا، دون أن يحرص على التثبت والتقصي، فإن النائب عمر أعنان، وعياً منه بحساسية الملف وبسياقاته الجامعية والدبلوماسية، ذكّر تحت قبة البرلمان بأن جودة التكوين تقاس بمعايير أكاديمية ومهنية دقيقة، لا بالشبهات التي تروج في بعض منصات التواصل أو تسوقها جهات قد تكون مدفوعة بأجندات غير علمية.
النائب أعنان، المنتمي للمعارضة الاتحادية، لم يكتف برفض الانزلاق وراء منطق التشهير، بل طالب بتحقيق شفاف ومسؤول، لا رغبة في الإثارة، بل صوناً لسمعة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بوجدة، التي تمثل اليوم نموذجا يحتذى به في ما يخص الانفتاح الأكاديمي على الشراكات الدولية، والتكوين عالي الجودة للمهندسين المغاربة.
وقد تجلت المفارقة المؤلمة حين لاحظ الرأي العام تراجع النائب ابراهمي عن نبرة الاتهام التي حملها سؤاله الخطي، فغابت كلمتا «تزوير» و»دبلومات» عن مداخلته الشفوية، ليظهر فجأة مدافعاً عن الطلبة ومشككاً في المعلومات التي قدمها بنفسه. فهل يتعلق الأمر باعتراف ضمني بعدم دقة المعطيات التي استند إليها؟ وهل سيكون لهذا التراجع تبعاته الأخلاقية والسياسية في صورة اعتذار صريح للهيئة التدريسية والطلبة وأطر المؤسسة الذين تعرضوا للتشهير؟
إن المؤسسات الجامعية ليست بمنأى عن النقد أو التقييم، بل إن من واجب الجميع، برلمانيين ومواطنين وإعلاميين، مساءلتها والمطالبة بتحسين أدائها. لكن بين المساءلة والتشهير مسافة أخلاقية وقانونية لا يجب تخطيها، خاصة حين يتعلق الأمر بسمعة مؤسسات ذات إشعاع دولي.
لقد كان لبيان جمعية طلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بوجدة أثر مهم في إعادة بعض التوازن إلى النقاش، حيث كشف عن وعي طلابي رفيع يرفض التوظيف السياسوي للمعلومة، ويؤمن بقيمة الحوار والإنصاف والمؤسساتية. كما أن جواب وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أكد، بدوره، على جدية الشراكات التي تربط المدرسة بمؤسسات تعليمية دولية، وعلى التزامها بالمعايير البيداغوجية المعتمدة.
إننا في حاجة اليوم إلى أصوات برلمانية مثل صوت النائب عمر أعنان، التي لا تتردد في الدفاع عن جودة التعليم العمومي دون تهويل أو تجنٍّ، بل بمسؤولية وطنية تضع مصلحة الجامعة المغربية فوق الحسابات السياسية الضيقة. فالرهان الحقيقي ليس في صناعة الإثارة، بل في صناعة الثقة.


الكاتب : n مكتب الرباط

  

بتاريخ : 06/06/2025