عندما يتم تحويل اللامركزية الترابية بإقليم بركان إلى عبء على الدولة

مشروع ميزانية جماعة بركان لسنة 2023 نموذجا

 

اعتمد المغرب، بوعي صائب وناجع، اللامركزية كخيار استراتيجي لترسيخ الديمقراطية في تدبير الشأن العام، وتقريب المرفق العمومي من المواطنات والمواطنين في تدبير المجال الترابي؛ ولأجل ذلك، شهدت، من الناحية القانونية، تحولات عميقة ونوعية منذ تبنيها، ساهمت بشكل كبير في تطوير مفهومها وتحسين نجاعة أداء مكوناتها، بالنحو الذي وسع من اختصاصاتها ومنحها هامشا أوسع في تدبير الشأن العام الجهوي والإقليمي والمحلي.
وقد توجت هذه التحولات القيمة بصدور دستور المملكة المغربية لسنة 2011 والقوانين التنظيمية للجماعات (القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات والقانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم والقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات)؛ والتي تشكل في مجموعها ترسانة دستورية وقانونية متطورة، جعلت من غاياتها تأهيل الجماعات الترابية والارتقاء بها وتقويتها من أجل جعلها قادرة على المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، باعتبارها المكون التنظيمي الترابي للدولة الذي يعالج القضايا التنموية عن قرب بشكل فعال وناجع.
واعتبارا لأهميتها هاته، نالت اللامركزية أهمية رفيعة في الخطب الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، حيث أكد جلالته في رسالته السامية الموجهة إلى المشاركين في أشغال المناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة المنعقدة بمدينة أكادير بتاريخ 20 دجنبر 2019: « ولا يخفى عليكم ما تشكله اللامركزية الترابية ببلادنا منذ الاستقلال، من أهمية بالغة في إدارة الدولة، باعتبارها خيارا استراتيجيا في بناء صرحها الإداري والسياسي وفي ترسيخ مسيرتها الديمقراطية، ومن تم حظيت، على مر المحطات التاريخية التي عرفتها بلادنا، بمكانة هامة في مسلسل الإصلاحات الدستورية والسياسية والإدارية التي اعتمدتها، حيث مكنت من إدخال تغييرات جدرية على المنظومة القانونية المتعلقة بهذا الورش، وساعدت على الترسيخ التدريجي للدور الأساسي للجماعات الترابية في مجال التنمية، في مختلف أبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.»
هذا، وترجمت المنظومة القانونية بالمغرب هذه الإصلاحات العميقة في مسار اللامركزية بالمغرب؛ إذ تم تكريس مبدأ التدبير الحر في الدستور المغربي لسنة 2011، كما أكدت القوانين التنظيمية السالفة الذكر على الوظائف التنموية التي يجب على الجماعات الترابية القيام بها في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
لكن، رغم هذه التحولات العميقة في مسار اللامركزية على مستوى الإصلاحات الدستورية والقانونية، فإن الملاحظ أن في الواقع العملي أن الجماعات الترابية لم تستوعب بعد أدوارها الجديدة، وبقيت حبيسة للمقاربة الكلاسيكية في تدبير الشأن العام المحلي؛ وهو الأمر الذي تؤكده مشاريع الميزانيات المعتمدة، حيث تغيب فيها كل المعالم الناجعة والمنجزة في مسألة التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ وذلك على النحو الذي يجعلها دائما عبئا ثقيلا على الدولة.
فمن المفروض، وفق هذه الإصلاحات الدستورية والقانونية التي عززت صلاحيات ووسائل العمل الممنوحة للجماعات الترابية، أن تكون هذه الأخيرة مساهمة في تخفيف العبء الاجتماعي والاقتصادي على الدولة، بل وترتقي إلى غاية القيام باختصاصات منقولة ومشتركة وفق ما تنص عليه القوانين التنظيمية السالفة الذكر، على النحو الذي يرتقي بالجماعات الترابية من أدوارها الكلاسيكية إلى أدوارها الحديثة ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية، ترسيخا لمسار الجهوية المتقدمة.
ويظهر هذا العبء الذي تشكله بعض الجماعات الترابية، من خلال مشاريع ميزانيتها المعتمدة، حيث لا زالت تهيئ وتعتمد وتسير وقف مقاربة ميزانيــــة الوسائـــــــــــل Budget des moyens عوض مقاربة ميزانية النتائج Budget des résultats؛ الأمر الذي لا يسمح للرأي العام ومختلف الفاعلين السياسيين من تقييم نتائج الاختيارات السياسية، وتفعيل على إثر ذلك ربط المسؤولية بالمحاسبة.
فمن خلال قراءة مشروع ميزانية جماعة بركان برسم سنة 2023، سواء في جزئها المتعلق بميزانية التسيير أو جزئها الثاني المتعلق بميزانية التجهيز؛ يتضح أن المقاربات المعتمدة في تدبير الشأن العام المحلي لا تزال لم تساير التحولات العميقة التي جاءت بها الإصلاحات الدستورية والقانونية ببلادنا، بل ولاتزال تنهج نفس المقاربات على النحو الذي جعلت من خلاله اللامركزية الترابية تنقلب إلى عبء قانوني واقتصادي واجتماعي على الدولة عوض أن ترتقي وفق الغايات الدستورية والقانونية السالفة الذكر؛ وهو الأمر الذي يمكن ملامسته في المستويات الأربعة التالية:

المستوى الأول: تحويل اللامركزية الترابية كعبء قانوني

حدد القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات في مادته 152 وما يليها القواعد والأحكام المنظمة لإعداد والمصادقة وتنفيذ ميزانية الجماعات المحلية؛ إذ ساير المشرع المغربي من خلال هذه الأحكام مقاربة التدبير المرتكز على النتائج المعتمدة في القانون التنظيمي لقانون المالية المتعلق بالميزانية العامة للدولة، حيث انتقلت ميزانيات الجماعات الترابية من ميزانية الوسائل إلى ميزانية النتائج؛ وهو الأمر الذي تترجمه مقتضيات المادة 157 من ذات القانون التنظيمي التي نصت على ضرورة تقديم نفقات ميزانية الجماعات الترابية داخل أبواب على أساس برامج أو مشاريع أو عمليات محددة؛ على النحو الذي يمكن من تقييم مؤشرات نجاعة الأداء، وتبعا لذلك تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، في جميع فروعه القانونية والقضائية والسياسية.
وإذا كان مشروع القانون التنظيمي المذكور أعلاه، قد قسم تكاليف الجماعات الترابية إلى نفقات للتسيير ونفقات للتجهيز، وحدد مكونات الجزء الأول المتعلق بنفقات التسيير، فإنه نص بصيغة الوجوب في المادة 180 من ذات القانون التنظيمي على ما يلي: « توجه نفقات التجهيز بالأساس لإنجاز برنامج عمل الجماعة والبرامج المتعددة السنوات. ولا يمكن أن تشمل نفقات التجهيز على نفقات الموارد البشرية أو نفقات المعدات المرتبطة بتسيير المرافق التابعة للجماعة.»
ورغم هذه المقتضيات التشريعية، فإن الملاحظ من خلال قراءة مشروع ميزانية الجماعة الحضرية بركان، أنها تتضمن باب الإدارة العامة (10) على اعتمادات مخصصة للعتاد وأثاث المكتب بقيمة 1.000.000,00 درهم وللعتاد التقني بقيمة 700.000,00 درهم، وللسيارات والدراجات النارية بقيمة 3.200.000,00 درهم، ولسداد أصل القرض بقيمة 8.796.810,00 درهم؛ في حين أنه يتضح بالرجوع إلى ميزانية التسيير في الباب 10 من الفصل 30 يتضح أنها تتضمن اعتمادات مخصصة للوازم المكتب ومواد الطباعة وأراق المطبوعات والعتاد التقني والمعلوماتي… وغيرها من الاعتمادات المتعلقة بالأنشطة المتعلقة بوسائل التسيير الأخرى والتي رصدت لها اعتمادات تقدر بقيمة 10.933.000,00 درهم.
الإشكال الذي يطرح نفسه بإلحاح أن هذه الاعتمادات المذكورة كلها تتعلق بنفقات المعدات اللازمة لتسيير المرافق التابعة للجماعة، والتي من المفروض أن تكون كلها مبوبة في ميزانية التسيير وليس في ميزانية التجهيز التي من المفروض ألا تتضمن نفقات المعدات من جهة، ويجب ان تترجم برنامج عمل الجماعة الذي يجب أن يتضمن المشاريع الاستثمارية التي يجب على الجماعة القيام بها.
فهل الاعتمادات المخصصة للعتاد وأثاث المكتب المبرمجة في ميزانية التجهيز والمقدرة بمبلغ 1.000.000,00 درهم، تندرج ضمن برنامج عمل الجماعة الذي يجب أن يتضمن، حسب مضمون المادة 78 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، الأعمال التنموية التي يجب على الجماعة القيام بها؟ فهل شراء أثاث المكتب والعتاد التقني والسيارات والدراجات النارية وأداء أصل القروض يعتبر من ضمن الأعمال التنموية لجماعة بركان؟
لأجل ذلك، يمكن القول إن مشروع ميزانية الجماعة الحضرية لبركان برسم سنة 2023 يحول من اللامركزية الترابية إلى عبء قانوني على الدولة، حيث يتم انتهاك بشكل صريح في إعداد واعتماد وتنفيذ هذه الميزانية لمقتضيات المادتين 78 و180 من القانون التنظيمي للجماعات.

المستوى الثاني: اللامركزية عبء اقتصادي

يترجم دستور المملكة المغربية لسنة 2011 والقانون التنظيمي للجماعات التحولات النوعية والعميقة التي أرادت بلادنا من خلالها تأهيل الجماعات الترابية إلى القيام بوظائف اقتصادية واجتماعية، لتنتقل من اختصاصاتها الكلاسيكية إلى القيام بأدوار ذات طبيعة اقتصادية واستثمارية واجتماعية، من شأنها المساهمة في جلب الاستثمارات وتشجيعها.
ذلك أنه بالرجوع إلى مشروع ميزانية التجهيز للجماعة الحضرية لبركان، يتضح أن الباب رقم 40 المتعلق بمجال الشؤون الاقتصادية تم تحصيص له صفر (0) اعتمادات، رغم أنه يهم مجال الفلاحة والغابات والصناعة والصناعة التقليدية والتجارة؛ الأمر الذي يطرح معه التساؤل حول أي دور اقتصادي تقوم به الجماعة الحضرية بركان؛ خاصة وأن ظاهرة الباعة المتجولين متفشية بشكل كبير، كما أن القطاع الفلاحي يعاني من اجتثاث عميق، ناهيك عن قطاع التجارة الذي يعرف ركودا كبيرا، فأي دور اقتصادي للجماعة الحضرية لبركان في التخفيف من شدة الأزمة الاقتصادية لهذه القطاعات؟
ويزداد هذا التساؤل عمقا، عند قراءة الاعتمادات المخصصة في ميزانية التجهيز لمجال الشؤون التقنية حيث خصص له ما يصل إلى مبلغ 2.800.000,00 درهم، منها 800.000,00 درهم لحفر الآبار و2.000.000,00 درهم لوضع الأعمدة والأسلاك، في حين أنه لم يخصص للماء الصالح للشرب ولشبكة الواد الحار أي اعتمادات؛ مما يثار معه التساؤل حول الأدوار الاقتصادية للجماعة في محاربة ظاهرة الجفاف والحد من انتشار السكن العشوائي من خلال إيصال شبكة الواد الحار وتأهيلها أحياء السكن العشوائي؟
وزيادة عما سبق ذكره، فبقراءة شمولية لمشروع ميزانية التجهيز للجماعة الحضرية بركان برسم سنة 2023، يتضح أن الاعتمادات المخصصة للإدارة العامة (الباب10) قد ارتفعت بمقارنتها مع تلك المعتمدة في ميزانية التجهيز برسم سنة 2022 بنسبة تفوق 100 في المائة، حيث في هذه السنة الأخيرة كانت تقدر بمبلغ 7.985.620,00 درهم؛ في حين أنه برسم سنة 2023 تم الرفع منها بنسبة 17.296.810,00 درهم، والتي يحتل فيها سداد أصل القرض مبلغا قدره 8.796.80,00 درهم؛ الأمر الذي يؤكد أن الاقتراض يعرقل بشكل كبير الأعمال التنموية للجماعة.
هذا، ففي الحالة التي يتم من خلالها الرفع من الاعتمادات المخصصة للإدارة العامة في مشروع ميزانية التجهيز برسم سنة 2023، فإن الملاحظ أنه في نفس الميزانية فإن الاعتمادات المخصصة لمجال الشؤون الاجتماعية قد تم التخفيض منها سنة 2023 (3.000.000,00 درهم) مقارنة مع سنة 2022(4.000.000,00 درهم)، وخصوصا أن بعض القطاعات المرتبطة بها كالصحة والتعليم الابتدائي والتعليم الثانوي والتكوين وتقوية القدرات….. لم يتم تخصيص لها أي اعتمادات؛ حيث تم تخصيص المبلغ المقترح 3.000.000,00 درهم للبنايات دون بيان طبيعتها ومكانتها في برنامج عمل الجماعة الذي يجب أن يتضمن الأعمال التنموية للجماعة.

المستوى الثالث: اللامركزية عبء اجتماعي

من المفروض في تدبير الشأن العام الاجتماعي المحلي، أن تساهم الجماعات الترابية إلى جانب الإدارة العمومية في محاربة الفوارق الاجتماعية والهشاشة، وذلك بتدبير عقلاني للاعتمادات المخصصة للشؤون الاجتماعية، من خلال رسم الأولويات حسب حاجيات الساكنة، مع أخذ بعين الاعتبار الحاجيات الأساسية للساكنة، وخصوصا منها تلك التي توجد في وضعية هشاشة اجتماعية، تفتقر لأبسط شروط العيش الكريم في مجال الصحة والتعليم والسكن.
لكن، هذه المقاربة التدبيرية الناجعة والمنجزة التي يجب على الجماعة الحضرية بركان القيام بها، حتى تساهم في تخفيف العبء عن الدولة، وتبعا لذلك ممارسة أدوارها الاجتماعية والاقتصادية، تظل غائبة في مشروع ميزانية الجماعة برسم سنة 2023.
ذلك، أنه باستقراء لمشروع الميزانية لسنة 2023، يتضح أنه رغم الرفع منها مقارنة مع سنة 2022 ( 5.220.000,00 درهم سنة 2022 مقابل 7.170.000,00 سنة 2023)، فإن المسجل فيها هو غياب تدبير الأولويات حسب الحاجيات الأساسية للساكنة، والتي تعاني من نقص الخدمات الصحية والعلاجية باعتبارها من الالتزامات الدستورية للجماعات الترابية طبقا للفصل 31 من دستور المملكة المغربية؛ إذ في الوقت الذي يتم فيه تخصيص حوالي 4.000.000,00 درهم للجمعيات الرياضية، فإنه تم تخصيص اعتمادات محتشمة للهلال الأحمر المغربي (100.000,00 درهم) والعلاجات الأساسية والمحافظة على الصحة 63.000,00 درهم، وشراء مواد التلقيح 180.000,00 درهم، والإعانات المقدمة للمؤسسات الخيرية العمومية (100.000,00 درهم)، والتعليم الابتدائي (100.000,00 درهم) وشراء لوازم مدرسية (100.000,00 درهم)…..؛ الأمر الذي يطرح معه التساؤل حول مدى قيام الجماعة الحضرية بركان بأدوارها ووظائفها الاجتماعية في محاربة الهشاشة الاجتماعية واستعمال هذه الاعتمادات المتاحة للمساهمة إلى جانب الدولة وهيئاتها العامة في تمكين المواطنات والمواطنين من الحقوق الاجتماعية المنصوص عليها في الفصل 31 من الدستور؟ أليس بهذه الشاكلة تتحول اللامركزية إلى عبء اجتماعي على الدولة؟
وفضلا عما سبق ذكره، نفس الأمر يتأكد عند استقراء الاعتمادات المخصصة في ميزانية التسيير لمجال الشؤون الاقتصادية (الباب 50)، والذي من المفروض أن يتضمن اعتمادات تخصص لدعم الأنشطة الفلاحية ودعم الفلاحين والتجار، خاصة في هذه المرحلة التي يعاني منها القطاع الفلاحي من الجفاف والقطاع التجاري من الركود الحاد؛ إذ لم يتم تخصيص برسم مشروع ميزانية 2023 أي اعتمادات في هذا الجانب؛ الذي يسائل المجلس الحالي حول طبيعة وظائفه الاجتماعية ويثير مسؤوليته السياسية في محاربة الهشاشة الاجتماعية والإكراهات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها مدينة بركان؟

المستوى الرابع: اللامركزية عبء استثماري

اعتبارا للتراكمات التي شهدتها اللامركزية في بلادنا، يجعل من المفروض في الجماعات المحلية أن تقوم بأدوار طلائعية في تشجيع الاستثمار الداخلي والمساهمة في جلب الاستثمارات الخارجية؛ خاصة وأنها أصبحت تتوفر على إمكانات من شأن تسخيرها أن يساهم في تعزيز استراتيجية الدولة في تحسين مناخ الاستثمار وعالم المال والأعمال، خاصة وأن بلادنا مقبلة على تبني ميثاق للاستثمار، وفق التوجيهات الملكية السامية، سيساهم في تعزيز قدرات المغرب الاستثمارية.
ويمكن فقط من خلال تسخير الأصول العقارية المملوكة أو المخصصة للجماعات الترابية أن يساهم في تجاوز العديد من المعيقات الاستثمارية؛ وذلك من خلال البحث عن شراكات اقتصادية واستثمارية تجلب الشركات التجارية الكبرى لتحفيزها على إقامة مشاريع تجارية وصناعية، تساهم هي الأخرى في محاربة البطالة والقطاع غير المهيكل.
لكن، وعوض مسايرة السياسة العامة للدولة في مجال تحسين مناخ الاستثمار، يلاحظ أن الأصول العقارية تظل تعاني من الجمود وعدم المساهمة في هذا السياق؛ وهو الأمر الذي تشهد عليه الأصول العقارية المخصصة كساحات عمومية بعد أن كانت مراكز كلاسيكية للتجارة؛ حيث عوض أن يتم وضع مشاريع تحل محلها وفق تصور عصري يوسع من الدورة الاقتصادية، فإنه تم تخصيصها كساحات عمومية، في الوقت الذي تنتشر فيه ظاهرة التجار المتجولين؛ إذ كان من المفروض أن تقام فيها، من خلال الخروج من الدور الكلاسيكي إلى دور حديث يتصف بالجرأة والابتكار عبر البحث عن شراكات مع شركات تجارية كبرى لإقامة مراكز تجارية كبرى في إطار الشراكة بين القطاع العام والخاص.
بهذه الشاكلة، لن تكون اللامركزية الترابية في إقليم بركان سوى عبء اقتصادي واجتماعي على الدولة، لن تساير فيه السياسة العامة التي أضحت بلادنا تتميز بها، بل وتستنير بها العديد من دول العالم، فرغم التحول النوعي في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، فإن واقع التدبير المحلي لا يعكس هذا التحول.

(*)عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية


الكاتب : عبد المنعم محسيني*

  

بتاريخ : 19/10/2022