«عن العرق، النوع والعبودية في الخطاب الإسلامي» : تاريخ العبودية، العرق والإسلام -01-

في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان غالبية العبيد من أصل إثيوبي. لم يقتصر وصف العبيد على السود فقط، بل شمل أيضا العبيد «البيض» المستوردين من الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وكذلك العبيد العرب الذين كانوا على الأرجح أسرى حرب وغالبا ما كان يتم إطلاق سراحهم مقابل فدية، وهي ممارسة مربحة بين البدو، يرى المؤرخ «أبو الفرج الأصبهاني» (ت 967)، الذي قام بتأليف عمل متعدد الأجزاء عن الشعر والأغاني العربية، أنه: «في عصر ما قبل الإسلام، استعبد العرب أطفالهم المولودين من العبيد الإناث الذين خدموا الرغبات الجنسية لأسيادهم

 

 

استخدمت معظم النصوص الإسلامية، مثل «الموطأ» و»الرسالة»، ومجموعات روايات النبي (كتب الحديث)، مثل «صحيح البخاري» و»صحيح مسلم»، للتغاضي عن تطبيع ممارسة استخدام العبيد ك»محظيات» (المقصود النساء -عادة- المستغلات جنسيا سواء كن حرات أوعبدات) وتطبيعها. في هذا الفصل، يزعم الكاتب أنه «خلافا لهذه النصوص الإسلامية، فإن القرآن لا يدعم هذه الممارسة فحسب، بل يضع في الواقع أولوية عالية لعتق العبيد بهدف نهائي هو إلغاء العبودية». يعتبر القرآن المصدر الأساسي للإسلام والشريعة الإسلامية، وهو لا يجيز أو يضفي الطابع الرسمي على استخدام العبيد كمحظيات. كيف نفسر إذن التناقض بين تفسيرات القرآن المدونة في الشريعة الإسلامية، والتي تتغاضى عن المحظية (العبدة)، والقرآن نفسه، الذي يعزز بنية الحياة الاجتماعية التي تهدف إلى بيئة عادلة اجتماعيا في خدمة الله بدلا من التغاضي عن علاقات العبودية بين الناس؟
لكي نفهم كيف أصبحت المحظية شرعية في الإسلام، من الضروري تتبع تطور مفهوم «العبودية» في القرآن والحديث والشريعة الإسلامية. في عصر ما قبل الإسلام، كان امتلاك العبيد مصدرا للهيبة يعكس ثروة الأسرة ووضعها الاجتماعي، وكانت العبودية معيارا اجتماعيا متجذرا بعمق في السلوكيات والمعتقدات والمؤسسات الثقافية. لم تكن المعايير التي تحكم العبودية في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام «منهجية» بقدر ما لم تكن هذه المعايير موحدة أو متجانسة عبر المناظر الثقافية المتنوعة التي كانت موجودة في المنطقة.
في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان غالبية العبيد من أصل إثيوبي. لم يقتصر وصف العبيد على السود فقط، بل شمل أيضا العبيد «البيض» المستوردين من الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وكذلك العبيد العرب الذين كانوا على الأرجح أسرى حرب وغالبا ما كان يتم إطلاق سراحهم مقابل فدية، وهي ممارسة مربحة بين البدو، يرى المؤرخ «أبو الفرج الأصبهاني» (ت 967)، الذي قام بتأليف عمل متعدد الأجزاء عن الشعر والأغاني العربية، أنه: «في عصر ما قبل الإسلام، استعبد العرب أطفالهم المولودين من العبيد الإناث الذين خدموا الرغبات الجنسية لأسيادهم، إلى جانب أداء واجباتهم المنزلية الأخرى. ووفقا للأصبهاني، فإن الأطفال المولودين من العبيد يمكن أن يعتقهم آباؤهم في بعض الأحيان.
كانت ممارسة «العتق» في شبه الجزيرة العربية (قبل الإسلام) مماثلة لتلك الموجودة في قانون «حمورابي» (توفي الملك البابلي حمورابي عام 1750 قبل الميلاد) في بلاد ما بين النهرين (العراق سابقا)، على الرغم من أن العتق في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام لم يسمح بالحق القانوني الكامل في ممتلكات الآباء، كما كان الحال بموجب قانون حمورابي. وفقا لهذا القانون «إذا اعترف الرجل بأطفال جاريته على أنهم أطفاله، فإن هؤلاء الأطفال، إلى جانب أي أطفال شرعيين أحرار آخرين، يتقاسمون أي ميراث تركه لعائلته. وأما إذا لم يتعرف الرجل على نسل محظيته وهو لا يزال على قيد الحياة، فإن الأم وأطفالها يحصلون على حريتهم بعد وفاته، ولكن بدون حقوق الميراث (الفقرات 170-173). كما قنن «القانون الروماني» القديم وضع العبيد وأطفالهم الذين أنجبهم المواطنون الأحرار…


الكاتب : ترجمة: المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 12/03/2024