تتوفر جل القرى والمدن المغربية على ما يكفي من المرافق أو الملحقات التربوية بدءا من مؤسسات التعليم الأولي والمؤسسات الابتدائية إلى ثانويات إعدادية وأخرى تأهيلية تمكن الفئات المتمدرسة من مواصلة مراحلها التعليمية المختلفة، بكل يسر وسهولة، لكن مدينة عين عتيق تفتقد إلى ذلك، وهي تحتاج إلى التفكير والتخطيط لتدبير ليس فقط قطاع التربية والتكوين بل إن كل القطاعات محتاجة إلى توفير الحد الأدنى، وخاصة في الإقامات السكنية التي تستقبل العديد من الأسر القادمة والفارة من جحيم وغلاء أثمنة الإيجار بالعاصمة، لتتحول عين عتيق إلى متنفس لأجل كراء شقة أو تملكها عن طريق اللجوء إلى الإقراض مما حولها إلى سوق لتسويق المنتوج العقاري، وبذلك ارتفعت أثمنته، لكن تلك الإقامات السكنية أو الزنازن الإسمنية غالبا ما تسبب للساكنة والأسر أزمات في التنقل في غياب مدارس تعليمية كافية لاستيعاب مختلف المتمدرسين ومن كافة الأعمار، ولا سيما منهم الناجحون سواء من المرحلة الابتدائية نحو التعليم الإعدادي أو منه نحو الثانوي التأهيلي مما يدفع أغلب الأسر إلى البحث عن الحلول لتوفير الظروف الملائمة لتمدرس أبنائها، فيلجؤون إلى عائلاتهم بالمدن القريبة من أجل استضافة واحتضان أبنائهم سواء الإناث او الذكور لتوفير سبل التمدرس في حدودها الدنيا، وقد صرح للجريدة أحد المستفيدين من السكن بإحدى الإقامات أنه أصيب بصدمة لما علم أن الثانوية التأهيلية التي ستدرس بها إحدى بناته تتواجد بمدينة تمارة مما فرض عليه البقاء في بيت بالإيجار بالرباط كي يضمن لأولاده الاستمرار في الدراسة ويتحمل في نفس الوقت دفع مبلغين ماليين، الأول للإيجار والثاني كقسط شهري لمؤسسة القروض البنكية، مكتفيا بالحضور إلى شقته لقضاء العطل البينية والسنوية، أما الآخر الذي يشتغل بأحد معامل الرخام بالمنطقة، والذي اقتنى شقة فقد وجد نفسه بعد أن درست ابنته بإحدى الإعداديات بالمنطقة، وبعد نجاحها وانتقالها إلى الثانوية التأهيلية، مضطرا لنقل أسرته إلى منزل والديه بسلا من أجل الاستقرار، وليختار التنقل من مدينة سلا إلى مقر عمله كعامل بمصنع للرخام بعين عتيق يوميا .
إن جل ساكنة الإقامات بجنان الزهراء الأربعة وتجزئة ابن الهيثم وغيرها يعيشون معاناة في التنقل للعمل وللتمدرس وللصلاة وللعب، ذلك أنهم محرومون من مرافق تعليمية ودينية ورياضية، أما الترفيه والتنزه فهو من باب الكماليات مادامت الضروريات منعدمة، فمتى ستلتفت الجهات المعنية إلى مدينة عين عتيق، محليا وإقليميا وجهويا، ولو بإحداث ملحقة ثانوية تأهيلية بإحدى الإعداديات، وذلك على الرغم من ويلات البعد حيث مخاطر لصوص الهواتف والكلاب الضالة التي ترافق المتسوقين إلى السوق الأسبوعي، وتنتشر وسط ساكنة الإقامات حيث تزداد مخاطر الإزعاج ليلا ونهارا بنباحها الشديد، وخاصة على الأطفال والنساء، مما يدفع بالأسر إلى مرافقة أبنائها إلى المدارس الابتدائية، أما الذين يتابعون دراستهم بالإعداديات فغالبا ما ينسق بعض الآباء في ما بينهم لإيصال أبنائهم بالتناوب ضمانا لوصولهم سالمين إلى الإعدادية وفي الوقت المناسب؟ وذلك جزء من المعاناة التي عبر عنها العديد من الأسر بهذه الإقامات السكنية.
عين عتيق بدون ثانوية تأهيلية ..إلى متى؟

الكاتب : محمد طمطم
بتاريخ : 15/07/2023