عُزْلَةُ اللَّامُنْتَهَى

 

-أ-
لَسْتُ مَهْوُوساً بِالْمَاءِ النَّابِعِ نَاراً فِي يَدِي
وَلَا أَنْ أَدْخُلَ أَبْوَابَ الْمَعْنَى
وَلَا أَنْ أَسْرِقَ الضَّوْءَ مِنْ جُحْرِ الظُّلْمَةِ
فَأَرْضِي أُرْجُوحَةٌ مَائِلَةُ حَدَّ الْغَثَيَانِ
وَالْمَدَى مَخْنُوقُ الرُّؤْيَا
تَلْكَ حَرَائِقُ أُخْرَى تَقُودُ خَطْوِي جِهَةَ الْخَرَائبِ
تَرْقُصُ مُجَرَّدَةً مِنْ سُؤَالِ الْوُجُودِ
وَتَرْتَدِي زَوَالاً فِي انْتِظَارِ رَمَادِ اللَّعْنَةِ
فَالْمَوْتُ عُزْلَةٌ اللّامُنْتَهَى
لِذَا أَنْتَبِذُ زَاوِيَةَ الْمَنْفَى
أَخُوضُ حُرُوبِي مَعَ دَرْسِ النَّمْلِ
أُفَكِّكَ مُعَادَلَةَ الصَّبْرِ
وَاَرْنُو إِلَى طَرِيقٍ مُخْتَلِفٍ عَنْ نَهَارِ الْوُضُوحِ
لأَنِّي أُحِبُّ  لُغَةَ الْغُمُوضِ وَأَخْشَى كِتَابَ الِالْتِبَاسِ
وَلَا كِتَابَةَ لِي
فَكَلُّ الْأَشْيَاءِ تَمْحُو الْأَشْيَاءَ الْأُخْرَى
وَكُلُّ الْخُطُوطِ مَسْرَى لِحْبْرِ الرُّؤْيَا
وَكُلُّ مُفْرَدٍ مُثَنَّى
وَكُلُّ جَمْعِ نَاقِصُ الِاكْتِمَال
هُوَ ذَا احْتِمَالِي
أَنْ أُرَاوِدَ النَّارَ لَا الرَّمَادَ
الظِّلَالَ لَا الضَّوْءَ
الِاخْتِلَافَ لَا الِائْتِلَاف
الْبُعْدَ لَا الْقُرْبَ
اللُّغْمَ لَا الْهُدْنَةَ
أَنْ اُشْعِلَ الْأَرْضَ بِحَجَرِ الْفَلَاسِفَةِ
بِمَنْطِقِ الطَّيْرِ وَعُجْمَةِ الْجُنُون
أَنْ أُمَزِّقَ حِجَابَ اللّيْل
وَأُغَنِّي لِلسَّمَاءِ حَدَائِقَ السَّرْد

-ب-
لَسْتُ مَهْوُوساً بِالْحَافَةِ بَلْ بِالْعُشْبِ
بِالْقِمَّةِ بَلْ بِالْهَاوِيَةِ
حَيْثُ الْمَعَاوِلُ تَهْوَى وَجَعَ الْجُدْرَانِ
وَلِي هَشَاشَةُ الطِّين
أَنَا الْكَائِنُ الْمُحْتَمَلُ
أُرَوِّضُ اللَّعَنَاتِ
وَأَرْتُقُ الْأَرْضَ بِإِبَرَةِ الْعَمَى


الكاتب : صالح لبريني

  

بتاريخ : 17/09/2021