أَفْتحُ عَيْني صَباحا ..
عَلى غُرْفة تُوجِعُها الْعَتمات
وَلا تَفْلتُ مِن قَبْضَة الْجِدار
كَأنّي بِها تَزيدُ انْكِماشًا
وَتَكْتُم سَوْرَة الْأَلَم.
أَفْتَح نافِذَتي
عَلى صَباحٍ ذابِل الْأَلْوان
فاتَهُ مَوْسِم الإشْراقِ
عَلى غَيْر عادَة
ما تَنْقُله عيْنُ سَيِّدَتي
مِن مَباهِج أيَّام خَوالي.
أَراها دامِعَة الزُّجاج
وَلا نَشيج يَصّاعُد مِنْ فَجَواتِ الْخَشَب.
أَفْتحُ بابًا، لِأَدْلقَ خَطْوي
كَما المَاءُ..
لَعلِّي أَنْسابُ، جَدْوَلاً
يَحْفِر في الْخارِج مَجْراهُ
وَيَكونُ الْمَصبُّ
إِلى مُنْتَهاه.
لَكنَّ الْخَوْف يَرْتدُّ بي
إِلى وَحْشةِ الْبَيْت
وَيَصْطفِق الْبابُ
مُحَذِّرًا مِن خارجٍ مَجْهول
وَسُحْنَة يَوْم كابِي.
أَفْتُح عُلْبةَ أَلْوانٍ
مَرْكونَة في الذَّاكِرة
عَلى مَحْو ٍ
لا تَرْأَبُه اسْتِهاماتُ ما كانَ
أَبْحثُ عَن وَرَق في دفْتْر قَديم
لِأَرسُم زَهْوَ وِجْدان
أُبْري أقْلامَ الرَّغْبة الْمُلوَّنَةْ
فَلا تَسْلسُ الْكَلِمات في حَضْرة الذِّكْرى
وعُقْم الأَلْوان.
أَفْتَح ما أفْتَح
وَلا يَتَّسِع انْعِتاقي..
لِأعُبَّ هَواءَ طُمَأْنينة
وَأخوضَ في ضَوْءِ نَهارٍ
مَديد الإِفْصاح.
أُغْلِق عَيْني فَتَرْحُب الْجِهاتُ
وَأَهْمِز صَهَواتِ الحُلم
كَأنْ لا غُرْفة
لا بابْ
وَلا نَقْع يُثار ُ
في الْعُبور الْغَزير بِالْأَسْرار
وانْتِفاءِ الْمَجْهول.
وَأَرْغَب في أَنْ يَطول الْغَمْضُ
أَمْشي عَلى ضَوْءِ الْبَصيرَة.
أَفْتَح عَيْني صَباحًا
عَلى خَيْط دُخان يَتلوَّى صُعودًا
إِلى حَضيضٍ بعيد
عَلى هَشيم ليْلٍ بَلَّلَه النَّدى
مَبْثوثًا
عَلى مَرْمى الْعَيْن
كَأنَّ جَيْشًا مَرَّ حَثيثًا ،
وَدكَّ الْحُصون ..
والْغُرفَة
ما زالتْ تُوجِعُها الْعَتَمات
وَأنا يَضيقُ بي سَريري.
لا أَصْحو
ولا أَنامُ.