غزة على الشاشة العالمية: قصص إنسانية تتحدى الحصار والحرب في مهرجان كان والمحافل الدولية

في خضم الواقع المرير الذي يعيشه قطاع غزة، تتجلى قصص إنسانية مؤثرة تسعى للوصول إلى العالم عبر نافذتين سينمائيتين بارزتين. فبينما يستعد فيلم «كان ياما كان في غزة» للمخرجين الفلسطينيين المبدعين طرزان وعرب ناصر لعرضه العالمي الأول ضمن فعاليات الدورة الثامنة والسبعين لمهرجان كان السينمائي الدولي، حاملاً معه حكاية شباب يصارعون قسوة الواقع عام 2007، يواصل فيلم وثائقي مؤثر آخر بعنوان «غزة… طفولة مسلوبة» من إنتاج التلفزيون العربي، رحلته في حصد التقدير العالمي، موجهًا عدسته نحو الجانب الإنساني المباشر للحرب الإسرائيلية على غزة منذ عام 2023 وتأثيرها العميق على الأطفال الأبرياء.
فيلم «كان ياما كان في غزة»، وعلى الرغم من أحداثه التي تدور في عام 2007، يحمل في طياته رمزية قوية تعكس استمرار التحديات التي يواجهها سكان غزة. قصة يحيى وأسامة، وهما شابان يحاولان شق طريقهما في ظل هذه الظروف الصعبة، ترمز إلى سعي الشباب الفلسطيني للتغلب على القيود والعثور على معنى وأمل في حياتهم. حتى لجوؤهما إلى طرق غير تقليدية للبقاء على قيد الحياة، ومواجهتهما للفساد،يمكن قراءته كاستعارة للتحديات الهيكلية التي يواجهها المجتمع في غزة. الفيلم و بأسلوبه السردي المميز وتقديمه لشخصيات معقدة، يسعى لتقديم صورة إنسانية بعيدة عن التبسيط والاختزال.
بالمقابل، يأتي فيلم «غزة… طفولة مسلوبة» ليقدم شهادة مباشرة ومؤثرة عن الواقع المرير وعن الثمن الباهظ الذي يدفعه الأطفال في خضم الصراعات.
من خلال قصص صبري ومحمد وصلاح، نشاهد هشاشة الطفولة في مواجهة العنف والخوف. الفيلم لا يكتفي بتوثيق الدمار المادي ،بل يتعمق في الآثار النفسية العميقة التي تتركها الحرب على جيل بأكمله. فنجاح هذا الفيلم في المحافل الدولية يؤكد على الدور الحيوي للفن الوثائقي في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية الملحة وإيصال أصوات الضحايا إلى العالم.
تعكس الخلفية الإنسانية في غزة واقعًا معقدًا ومؤلمًا،فمنذ سنوات طويلةيعاني القطاع من حصار خانق أثر بشكل كبير على جميع جوانب حياة سكانه. نقص حاد في الإمدادات الأساسية، قيود على الحركة، وبنية تحتية هشة،كلها عوامل تزيد من صعوبة الحياة اليومية. بالإضافة إلى ذلك، خلفت النزاعات المتكررة ندوبًا عميقة في المجتمع. في هذا السياق القاسي، يصبح الفن وسيلة حيوية ومباشرة للتعبير عن الألم والأمل والصمود الإنساني.
بشقيه الروائي والوثائقي يلعب الفن دورا بالغ الأهمية في تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية للتواصل مع جمهور عالمي. فوصول هذه القصص إلى مهرجانات مرموقة مثل كان وحصول أفلام مثل «غزة… طفولة مسلوبة» على جوائز دولية، يمثل انتصارًا للقصص الإنسانية وفرصة لإبقاء قضية غزة حاضرة في الذاكرة العالمية.
كلا الفيلمين،و على اختلاف أسلوبهما وروايتهما، يشتركان في كونهما شهادة حية على حياة وصراعات الفلسطينيين في غزة. يمثل نجاح هذين العملين السينمائيين اعترافًا دوليًا بأهمية تسليط الضوء على الواقع في غزة، وضرورة تذكر ومشاركة القصص الإنسانية التي غالبًا ما تغيب وراء عناوين الأخبار.


الكاتب : يونس بدن

  

بتاريخ : 17/05/2025