أوكرانيا وروسيا تتفاوضان بتركيا.. وكييف توافق على الخلو من الأسلحة النووية الوحدة وأخفقت في تشديد العقوبات
تستضيف إسطنبول التركية جولة جديدة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا على أمل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب، في وقت تشهد فيه مدينة ماريوبول بشرق البلاد وضعا إنسانيا «كارثيا».
جاء ذلك عقب اتفاق بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعد مكالمة هاتفية بينهما، بخصوص استضافة مدينة إسطنبول الاجتماع المقبل لمفاوضات الوفدين الروسي والأوكراني.
ورحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالجولة الجديدة للمفاوضات قائلا إن «ثمة فرصة وحاجة لعقد لقاء وجها لوجه في تركيا مع روسيا».
وتطرق زيلينسكي في رسالة مصورة نشرها عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى المحادثات المزمع إجراؤها في تركيا بين وفدي التفاوض الروسي والأوكراني، مؤكدا أن أولويات بلاده في المفاوضات معروفة.
وتابع: «تنتظرنا جولة جديدة من المفاوضات، لأننا نسعى للسلام. وفق ما بلغني فإن ثمة فرصة وحاجة لعقد لقاء وجها لوجه في تركيا، هذا ليس سيئا، فلْنرَ النتيجة».
ولفت زيلينسكي إلى أن الهدف يتمثل في عودة الحياة إلى طبيعتها في أوكرانيا.
وشدد على أن سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها أمران لا جدال فيهما، وأن الضمانات الأمنية الفعالة إلزامية بالنسبة لدولته.
الموافقة على شرط روسي
وفي لقاء مع وسائل إعلام روسية، عبر زيلينسكي عن استعداد بلاده لقبول إحدى شروط موسكو من خلال تبني وضع «غير نووي» رسمي كجزء من اتفاق لإنهاء الحرب بين البلدين.
وكشف زيلينسكي أن «محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا مستمرة»، ووصف الوضع غير النووي للبلاد بأنه «أهم قضية» على جدول الأعمال.
وأعرب الرئيس الأوكراني عن استعداد بلاده لتكون دولة خالية من الأسلحة النووية، باعتبارها النقطة الأهم في المحادثات الأوكرانية-الروسية».
وأشار زيلينسكي إلى أنه مهتم بتوقيع «اتفاقية جادة» من شأنها أن تتضمن ضمانات أمنية لأوكرانيا، يوقعها جميع الضامنين.
ولم تمتلك أوكرانيا أسلحة نووية منذ عام 1996 بعد أن وافقت على التخلي عن ترسانتها النووية السوفييتية بشرط احترام حدودها بموجب مذكرة بودابست، التي وقعتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا.
ومع ذلك، تسعى موسكو للحصول على تأكيدات بأن الأسلحة النووية لن يتم نشرها في أوكرانيا في المستقبل، من قبل حلف شمال الأطلسي «الناتو» على سبيل المثال.
في المقابل، ندد الرئيس فولوديمير زيلينسكي بحصار كامل على مدينة ماريوبول التي يحاول الجيش الروسي السيطرة عليها منذ بضعة أسابيع.
وقال: «كل المنافذ للدخول إلى المدينة والخروج منها مقطوعة، من المستحيل إدخال مؤن وأدوية إلى ماريوبول» مضيفا أن «القوات الروسية تقصف قوافل المساعدة الإنسانية وتقتل السائقين».
وكشف أنه تم نقل حوالي ألفي طفل إلى روسيا مؤكدا أن «هذا يعني خطفهم، لأننا لا نعرف أين هم تحديدا. بعضهم مع أهلهم، وبعضهم الآخر لا. إنها كارثة».
وقتل حوالي ألفي مدني في ماريوبول بحسب حصيلة أعلنتها بلدية المدينة مؤخرا. وقال زيلينسكي إن حوالي مئة ألف شخص ما زالوا محاصرين في المدينة الاستراتيجية الواقعة على بحر آزوف.
وفشلت عدة محاولات لفتح طريق آمن للمدنيين وسط تبادل اتهامات بين الطرفين بانتهاك وقف إطلاق النار.
وبعد عشرة أيام على قصف مسرح ماريوبول، لم يعرف بعد مصير مئات المدنيين الذين لجأوا إلى المبنى، ووصفت مسؤولة في البلدية البحث عنهم بأنه مهمة شبه مستحيلة.
وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن فرنسا وتركيا واليونان ستنفذ «عملية إنسانية» للإجلاء «خلال الأيام القليلة المقبلة» من مدينة ماريوبول المحاصرة جنوب أوكرانيا.
وقال ماكرون إثر القمة الأوروبية في بروكسل: «سنطلق بالاشتراك مع تركيا واليونان عملية إنسانية لإجلاء كل من يرغبون في مغادرة ماريوبول».
لوهانسك تريد
الانضمام لروسيا
أعلنت المنطقة الانفصالية الأوكرانية لوهانسك، الموالية لموسكو شرقي أوكرانيا، الأحد، أنها تخطط لتنظيم استفتاء شعبي للانضمام إلى روسيا. وقال «رئيس لوهانسك»، ليونيد باسيتشنيك، إنه سيتم إجراء استفتاء على أراضي «الجمهورية» في المستقبل القريب، بشأن الانضمام إلى الاتحاد الروسي.
في المقابل، أعلنت أوكرانيا، الأحد، أن ما وصفتها بالاستفتاءات «الزائفة» في «أراضيها المحتلة» ليس لها أي شرعية قانونية، وسيواجهها المجتمع الدولي بـ»رد فعل أقوى».
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية أوليه نيكولينكو، في بيان رسمي، نقلته وكالة «أوكرين فورم» المحلية.
وشدد على أنه «لا توجد دولة في العالم تعترف بالتغيير القسري لحدود الدولة الأوكرانية المعترف بها دوليا».
وتابع: «بدلا عن ذلك، سيواجه المجتمع الدولي روسيا برد فعل أقوى، مما يعمق من عزلتها العالمية».
وبعد احتجاجات شعبية أطاحت بالرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش عام 2014، أعلن انفصاليون مؤيدون لروسيا قيام ما يسمى جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك في إقليم دونباس شرقي البلاد.
وفي 21 فبراير الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتراف بلاده بالجمهوريتين على أنهما منفصلتان عن أوكرانيا، ليعلن في 24 من الشهر ذاته عن «عملية عسكرية خاصة في دونباس»، وتبدأ بذلك حرب روسيا على أوكرانيا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، تدمير قاعدة وقود كبيرة ومصنعا لصيانة وتحديث المعدات العسكرية قرب مدينة لفيف غربي أوكرانيا.
جاء ذلك بحسب ما نقلت قناة «روسيا اليوم» عن المتحدث باسم الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، غداة إعلان سلطات لفيف تعرض المدينة لـ6 انفجارات قوية مساء السبت.
وقال كوناشينكوف، في إفادة صحفية، صباح الأحد، إن الجيش الروسي يواصل عملياته الهجومية في إطار العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وأضاف أن القوات الروسية دمرت بأسلحة جوية بعيدة المدى عالية الدقة قاعدة وقود كبيرة بالقرب من مدينة لفيف، كانت توفر الوقود للقوات الأوكرانية في المناطق الغربية من البلاد، وكذلك في منطقة العاصمة كييف.
وأوضح أن القوات الروسية دمرت أيضا بصواريخ مجنحة عالية الدقة مصنعا في لفيف كان يقوم بتصليح وتحديث أنظمة صواريخ مضادة للطائرات من طراز Tor وS-125، ومحطات رادار للقوات الجوية الأوكرانية، ومعدات للحرب الإلكترونية، وأجهزة تصويب للدبابات.
وتحولت «فولنوفاها»، إحدى مدن منطقة دونيتسك التي اعترفت موسكو باستقلالها، إلى مدينة أشباح نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
وتخضع مدينة فولنوفاها شرقي أوكرانيا، لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا منذ 11 مارس الجاري.
وأصبحت المدينة، التي يقطنها ما يقرب من 22 ألف شخص، من الأماكن التي استعرت فيها الحرب منذ اندلاعها في 24 فبراير الماضي.
ومع حلول الأسبوع الأول من الحرب، تضرر 90 بالمئة من المدينة، وتدمرت البنية التحتية بفعل القنابل التي سقطت عليها.
أوكرانيا تتعهد بحرب عصابات
من جهته، قال رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، الأحد، إن روسيا تريد تقسيم أوكرانيا إلى قسمين، كما حدث عند تقسيم كوريا إلى شمالية وجنوبية، وتعهد بشن حرب عصابات «شاملة» لمنع تقسيم البلاد.
وأفاد بودانوف، في بيان نشر على حسابه بموقع «فيسبوك»، أن روسيا تحاول «توحيد الأراضي المحتلة في كيان واحد على شكل شبه دولة، تعارض أوكرانيا المستقلة».
وأضاف البيان أنه «بعد الإخفاقات بالقرب من كييف، واستحالة الإطاحة بالحكومة المركزية لأوكرانيا، قام (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين بالفعل بتغيير اتجاهات العمليات الرئيسية نحو الجنوب والشرق».
وأوضح أن هناك سببا للاعتقاد بأن بوتين يفكر في «السيناريو الكوري»، حيث سيحاول «فرض خط فاصل بين المناطق المحتلة وغير المحتلة» في أوكرانيا.
وتعرضت شبه الجزيرة الكورية إلى التقسيم إلى دولتين، شمالية وجنوبية، إبان الحرب الكورية منتصف القرن الماضي.
وزاد بودانوف قائلا: «إنه (بوتين) بالتأكيد غير قادر على ابتلاع الدولة بأكملها»، حسب البيان.
وتوقع أن الكرملين «لن يكون قادرا على تنفيذ السيناريو الكوري» في أوكرانيا، وفق قوله.
وأشار أن مسألة إنشاء ممر بري إلى شبه جزيرة القرم «لا تزال ذات صلة بالنظام الفاشي الروسي»، لكن المشكلة الرئيسية لتنفيذ هذه الخطة هي مدينة ماريوبول «غير القابلة للكسر».
وأضاف: «إننا نشهد بالفعل محاولات لإنشاء سلطات موازية في الأراضي المحتلة، وإجبار الناس على التخلي عن الهريفنيا (العملة الأوكرانية)».
وأوضح أن روسيا ترغب في «المساومة حول ذلك على المستوى الدولي».
ولفت أن «المقاومة والتجمعات التي يقوم بها المواطنون في الأراضي المحتلة، والهجمات المضادة من قبل القوات المسلحة الأوكرانية والتحرير التدريجي للأراضي، تعقد بشكل كبير تنفيذ خطط العدو».
وحث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الغرب على منح بلاده دبابات وطائرات وصواريخ لصد القوات الروسية، في حين قالت حكومته إن قوات موسكو تستهدف مستودعات الوقود والغذاء.
في غضون ذلك، واصل المسؤولون الأمريكيون جهودهم لتخفيف حدة تصريحات أدلى بها الرئيس الأمريكي جو بايدن، عندما قال أمس السبت إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لا يمكن أن يبقى في السلطة».
وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن واشنطن ليس لديها استراتيجية لتغيير النظام في موسكو. وأضاف للصحفيين في القدس أن بايدن كان يعني أنه «بكل بساطة لا يمكن السماح للرئيس بوتين بشن حرب أو عدوان على أوكرانيا أو أي طرف آخر».
وبعد ما يزيد على أربعة أسابيع من بدء الصراع، فشلت روسيا في السيطرة على أي مدينة أوكرانية كبيرة، وأشارت موسكو يوم الجمعة إلى أنها قلصت طموحاتها للتركيز على تأمين منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، حيث يقاتل الانفصاليون الذين تدعمهم روسيا الجيش الأوكراني منذ ثمانية أعوام.
استطلاع أوروبي
أبدى نحو نصف الأوكرانيين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و55 عاما استعدادهم للمشاركة بشكل مباشر في القتال ضد الغزو الروسي، وفق استطلاع أجراه عدد من الباحثين الأوروبيين رغم القيود التي تفرضها الحرب.
وتصل النسبة في صفوف الرجال إلى نحو 70 بالمئة، بينما تناهز 30 بالمئة لدى النساء، وفق استطلاع الرأي الذي نشره معهد أوسلو لأبحاث السلام (بريو) بدعم من شركة «انفو سابيانس» المحلية لاستطلاعات الرأي.
وتجاوزت العيّنة التمثيلية في الاستطلاع ألف أوكراني، اعتُبر أن سنّهم يخولهم المشاركة في المقاومة، وقد أجري رغم العوائق التي تفرضها الحرب.
وُجهت الأسئلة خلال الأسبوع الثالث من النزاع (9-12 مارس)، وأجاب المشاركون (رجال ونساء بنسب متساوية) عبر الإنترنت عن مواقفهم تجاه أربعة خيارات للمقاومة.
وقال 49 بالمئة من المستطلَعين أنه «من المحتمل للغاية أو من المرجح أو من المحتمل إلى حد ما» أن يشاركوا في «مساعدة المقاومة من خلال الانخراط في قتال عسكري مباشر على أرض مفتوحة ضد القوات الروسية أو الموالية لروسيا»، وفق معهد «بريو».
واعتبر المعهد النروجي في تحليله لنتائج الاستطلاع السبت أن «اندفاع الشعب الأوكراني لمحاربة الغزاة استثنائي».
وفي وقت إجراء الاستطلاع، قال واحد من كل خمسة مشاركين إنهم تعرضوا لهجوم مباشر من القوات الروسية أو تلك الموالية لروسيا، وكانت هذه المجموعة الأكثر استعدادا للانضمام إلى المقاومة.
إنسانيا، قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم الأحد إن 1119 مدنيا لقوا حتفهم حتى الآن، وأصيب 1790 منذ أن بدأت روسيا هجومها على أوكرانيا.
وقالت الأمم المتحدة في بيان شمل الفترة ما بين بدء الحرب في 24 فبراير ومنتصف ليل 26 مارس، إنه كان من بين القتلى نحو 15 فتاة و32 صبيا، بالإضافة إلى 52 طفلا.
وأضافت أنه من المتوقع أن تكون الأرقام الحقيقية للضحايا أعلى بكثير نتيجة لعدم وصول التقارير من بعض المناطق التي يدور فيها قتال عنيف، في حين أنه ما زال من الضروري التأكد من تقارير كثيرة.
وقالت الأمم المتحدة إن معظم المدنيين الذين تم تسجيلهم كانوا ضحايا أسلحة متفجرة، ذات تأثير واسع النطاق، بما في ذلك القصف بالمدفعية الثقيلة، وأنظمة الصواريخ متعددة الفوهات، والهجمات الصاروخية والجوية.
وعلى صعيد اللجوء والنزوح، فر أكثر من 3 ملايين و800 ألف شخص من أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير، حسبما أعلنت الأمم المتحدة الأحد. وانخفض عدد عابري الحدود بشكل واضح منذ 22 مارس.
في المجموع، يعتقد أن أكثر من 10 ملايين شخص، أي ما يزيد على ربع عدد السكان، فروا من ديارهم، وعبر بعضهم الحدود بحثاً عن ملجأ في البلدان المجاورة، فيما وجد آخرون ملاذاً في مكان آخر داخل أوكرانيا.
وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 6,5 ملايين نزحوا في الداخل.
في حين قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن 3,821,049 شخصاً فروا من أوكرانيا بحلول الأحد الساعة 11,00 ت غ الأحد أي بزيادة 48450 عن أرقام السبت.
ومنذ 22 مارس، انخفض عدد الفارين من المعارك وظروف الحياة الصعبة في أوكرانيا بوضوح إلى ما دون 100 ألف شخص يومياً، وحتى إلى ما دون 50 ألفا في الأيام الأخيرة.
ولم تشهد أوروبا مثل هذا التدفق السريع للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية.
وحوالى 90 بالمئة من الفارين هم نساء وأطفال. وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن بين الفارّين أكثر من 1,5 مليون طفل.
وقبل الغزو، كان يعيش في أوكرانيا نحو 37 مليون نسمة في المناطق الخاضعة للسيطرة الأوكرانية، أي باستثناء شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا عام 2014 والمناطق الانفصالية الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا.
وفي 24 فبراير الماضي، أطلقت روسيا «عملية عسكرية» في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية «مشددة» على موسكو.
وتشترط روسيا لإنهاء العملية تخلي أوكرانيا عن أي خطط للانضمام إلى كيانات عسكرية بينها حلف شمال الأطلسي «ناتو»، والتزام الحياد التام، وهو ما تعتبره كييف «تدخلا في سيادتها».