فشل المغرب في تحقيق أهداف الثورة التحويلية في مجال القنب: جدل تصدير الحشيش إلى هولندا يضع المشروع على المحك

لم يكن تقنين القنب الهندي في المغرب مجرد خطوة لتنظيم استعمالاته، بل حمل منذ البداية رؤية طموحة لتحويل هذا النبات إلى رافعة اقتصادية واجتماعية، في مشروع قيل إنه سيوجه نحو «الصناعات الدوائية» و»المنتجات ذات القيمة المضافة العالية»، بهدف خلق دينامية جديدة للتنمية المستدامة في مناطق زراعة القنب التقليدية. لكن بعد مضي أكثر من عامين على اعتماد القانون (رقم 13.21 الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 12 يوليو 2021)، لا تزال الإنجازات الملموسة غائبة. إذ تكشف المؤشرات الحالية عن تعثر واضح في تنفيذ الأهداف الكبرى، وتحول المسار نحو مقاربة تعيد إنتاج منطق التصدير الخام، في ظل تزايد الجدل حول محاولات المغرب تلبية الطلب الهولندي على الحشيش، بدل بناء صناعة تحويلية وطنية قوية.

هولندا تبحث عن بدائل… والمغرب في الواجهة!

بحسب تقرير نشرته مجلة «Cannamo” الإسبانية المختصة في الصناعات المرتبطة بالقنب (عدد فبراير 2025)، فإن السوق الهولندية تواجه «نقصا حادا» في مادة القنب الطبي، وهو ما دفع السلطات هناك إلى النظر في إمكانية الاستيراد بشكل قانوني من دول مثل: «كندا»، أو حتى «المغرب» (باعتباره من أكبر المنتجين على مستوى العالم).
وقد صرّح أحد المسؤولين الهولنديين (في قطاع الصحة) – حسب ذات المصدر – أن: «المغرب يملك إمكانات هائلة لتزويد السوق الأوروبية، إذا ما طور منظومة قانونية ومعيارية قادرة على ضمان الجودة وتتبع الإنتاج»».

*وعود لم تتحقق ورؤية غير واضحة

يصطدم التركيز على التصدير الخارجي، بجملة من الوعود التي قدمتها الحكومة عند إقرار القانون، ومنها: «تطوير منظومة وطنية للبحث العلمي في مجال القنب الطبي»، عبر شراكات مع الجامعات المغربية (تقرير وزارة التعليم العالي حول البحث في النباتات الطبية، 2022).
هناك أيضا، «تمكين المزارعين من الانتقال من السوق غير النظامية إلى سوق مقننة عادلة»، و»إنشاء وحدات تحويل ومعالجة معتمدة»، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
وفي تقرير صادر عن «المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي» سنة 2023، تم التنبيه إلى: «خطر اختزال مشروع تقنين القنب في منطق تجاري ضيق، دون الاستثمار في البعد الابتكاري والتنموي».

*قلق المراقبين ودعوات لإعادة التقييم

عبر عدد من الخبراء، عن قلقهم من هذا الانزياح عن الأهداف المعلنة. ففي تصريح للباحث المغربي في السياسات الدوائية، د. «رشيد الغنام»، قال: «كان المغرب أمام فرصة حقيقية لخلق منظومة متقدمة لصناعة القنب الطبي، لكن غياب الإرادة التنموية الحقيقية قد يضيع هذه الفرصة».
ويذهب مراقبون إلى «اعتبار أن الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، لا تمتلك حتى الآن خطة عمل مفصلة أو شراكات دولية معلنة، رغم مرور أكثر من عام على تأسيسها».

*هل تتدخل الحكومة قبل فوات الأوان؟

في ظل هذه المعطيات، تتزايد الدعوات لإعادة النظر في مسار المشروع، من خلال: أولا، «إعادة هيكلة الهيئة الوطنية وجعلها أكثر انفتاحا على الخبرات الدولية». ثانيا، «ربط المشروع بأجندة تنمية قروية شاملة، بدل اختزاله في بعده التجاري». ثالثا، «الاستثمار في وحدات التصنيع داخل المغرب، خصوصا في مناطق كتامة والحسيمة وتاونات، التي تم تصنيفها ضمن المناطق المرخص لها».
ويرى العديد من المختصين، أنه إذا لم يتم تصحيح المسار، فإن المغرب مهدد بفقدان «فرصة تاريخية» لبناء صناعة تحويلية منافسة، والاستمرار في لعب دور المزود الخام للسوق الأوروبية، دون قيمة مضافة حقيقية.


الكاتب : تـ: المهدي المقدمي

  

بتاريخ : 06/05/2025