في مشاهد جد مؤسفة، توصلت «الاتحاد الاشتراكي» بتسجيلات مصورة، توثق لعملية سكب أطنان من حليب الأبقار أرضا والتخلي عنها في لحظة «هدر حليبي» تطرح أكثر من علامات استفهام، بسبب المآل الذي باتت تعرفه هذه المادة التي ظلت إلى وقت قريب موضوع مناشدات من أجل تطوير إنتاجها والرفع من معدلاتها وتوفيرها للمستهلكين بشكل كاف ومستمر.
مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أكدت أن عددا من مسؤولي التعاونيات الصغيرة وجدوا أنفسهم مضطرين للتخلي عن كميات جد مهمة من مادة الحليب بشكل يومي، وذلك بعدما تراجعت «شركات» مختصة في جمع هذه المادة من أجل العمل على تحويلها إلى منتجات مختلفة، سواء تعلق الأمر بالحليب الطري نفسه أو بالمشتقات الحليبية المختلفة، عن تجميع نفس الكميات المعتادة، إذ وحسب مصادر الجريدة، فقد قررت وبشكل أحادي تقليصها في عدد من الأماكن إلى حوالي النصف عما اعتادت شاحناتها الصهريجية استقباله بشكل يومي!
وخلق قرار تقليص كميات الحليب المجمّعة من التعاونيات، أزمة كبيرة في أوساط الفلاحين الصغار تحديدا، الذين يقومون بحلب الأبقار المعدودة على رؤوس الأصابع التي يتوفرون عليها والتي تعتبر مصدر عيش بسيط لهم ولأسرهم، الذين ينقلون حليبها للتعاونيات، التي عليها أن تسدد لهم مقابلا ماديا عن الكميات المتوصل بها، إما بشكل أسبوعي أو نصف شهري، حسب الطريقة المتعامل بها، في حين أن هذا الحليب وبعد تجميعه يظل في التعاونية دون أن يجد طريقه للشركة المعنية؟
وأعاد الوضع الجديد إلى أذهان الفلاحين الصغار والتعاونيات المعنية، حسب مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، مشاهد زمن المقاطعة وتداعياتها الكبيرة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، إذ تكرر نفس سيناريو التخلي عن حليب الأبقار المجمّع من الفلاحين بسكبه أرضا، علما بأن هذا الأمر سبق وأن نبّهت إليه الجريدة في يوليوز من السنة الجارية، بعد أن ظهرت أولى بوادره، وعوض أن يتم إيجاد حلول لهذا المشكل وأن يتم الاهتمام بالوضع الاجتماعي للفئات المعنية به، فقد ظل الحال على ما هو عليه، بل وازداد فداحة، في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر الجريدة أن السبب الرئيسي في كل هذا يتمثل في الاعتماد على «مسحوق الحليب» المتوفر بكثرة في «الصناعة الحليبية»، هذا الأمر الذي يؤطره القانون بحيث يمنع بشكل كلي استعماله في «الحليب الطري»، ويجيزه في «المشتقات الحليبية الأخرى»، وهو ما يطرح علامات استفهام متعددة؟