فنانون مغاربة‮ ‬يتفاعلون مع مطالب جيل‮ ‬Z‮ ‬

محمد خيي‮: «‬ياك أنا مواطن،‮ ‬علاش‮ ‬غادي‮ ‬تعتاقلني؟‮»‬
رفيق بوبكر‮: «‬المشكل الحقيقي‮ ‬ف كروش لحرام أصحاب المدارس الخصوصية والكلينيكات‮»‬
سميرة القادري‮: «‬الصحة والتعليم والعيش الكريم مطالب جيل‮ ‬Z‮»‬
هشام بهلول‮: «‬ملف التعليم والصحة‮ ‬يستحق إشراف ولي‮ ‬العهد‮»‬
منال بنشليخة‮: «‬جيل‮ ‬Z‮ ‬عندو الحق‮ ‬يحلم ويبني‮ ‬الوطن‮»‬
ديزي‮ ‬دروس‮: «‬جيل ما كيصبرش على القمع وباغي‮ ‬تعليم زوين وصحة فالمستشفيات‮»‬
محمد باسو‮: «‬الشباب اللي‮ ‬خارجين نقيين وكيبغيو بلادهم،‮ ‬مطالبهم عادلة ومشروعة‮»‬
طاليس‮: «‬الرد بالقمع إهانة‮ ‬غير مقبولة،‮ ‬والمطلوب الارتقاء لا الشعارات‮»‬
البيغ‮: «‬القمع طريقة بليدة‮.. ‬راه ولادكم هادوك‮»‬

 

 

 

في‮ ‬مشهد مؤثر وصفه الفنان محمد خيي،‮ ‬بدا الشاب المغربي‮ ‬وكأنه‮ ‬يختصر وجع جيل كامل من خلال أسئلة مباشرة وصادمة،‮ ‬أسئلة لم تجد من‮ ‬يرد عليها‮. ‬ويقول الفنان محمد خيي‮ ‬في‮ ‬تدوينة له على صفحته الرسمية في‮ ‬الفيسبوك،‮ ‬على لسان هذا الشاب‮:‬
‮”‬ياك أنا مواطن،‮ ‬علاش‮ ‬غادي‮ ‬تعتاقلني؟ اشنو درت؟ كنبيع الحشيش؟ هاز جنوي؟ وقول،‮ ‬ياك الشرطة في‮ ‬خدمة المواطن؟‮”‬
لقد طرح الشاب أسئلة بسيطة لكنها عميقة الدلالة،‮ ‬ومع ذلك لم‮ ‬يجد أمامه سوى صمت رجل الأمن الذي‮ ‬اكتفى بالنظر،‮ ‬عاجزا عن الرد‮. ‬ويضيف خيي‮ ‬واصفا الموقف‮:‬
‮”‬رجل الأمن بقا كيشوف،‮ ‬ماعندوش جواب،‮ ‬لأن الأسئلة معقولة‮. ‬مشهد كيضر ف الخاطر،‮ ‬مكانش علاش نوصلوا لهاد المواصل‮.”‬
هذا الصمت لم‮ ‬يكن عاديا،‮ ‬بل كان اختصارا لواقع‮ ‬يشعر فيه الشباب بأنهم‮ ‬يعاملون كخصوم،‮ ‬رغم أن مطالبهم لا تتجاوز حبهم لوطنهم ورغبتهم في‮ ‬أن‮ ‬يكون في‮ ‬أحسن صورة‮. ‬يقول خيي‮:‬
‮”‬الشباب مطالب والو،‮ ‬غير بلادو تكون فأحسن صورة،‮ ‬بلادو تكون بلاد متقدمة،‮ ‬بلادو‮ ‬يكون فيها المواطن تيعيش بكرامة‮. ‬بلادو فيها المستشفيات فين‮ ‬يتعالج،‮ ‬بلادو فيها مدارس وجامعات فين‮ ‬يقرأ ويتعلم باش‮ ‬ينفع وطنو،‮ ‬حيت تيحبو وتيعشقو،‮ ‬ومستعد‮ ‬يضحي‮ ‬بالغالي‮ ‬والنفيس من أجلو‮.”‬
لكن بدل أن‮ ‬يحتفى بهذا الحب للوطن،‮ ‬نجد الاعتقال والمضايقة‮. ‬وهنا‮ ‬يطرح خيي‮ ‬السؤال المؤلم‮:‬
‮”‬واش هاد الشباب تعتاقل لأنه باغي‮ ‬الخير لبلادو؟‮”‬
ويواصل مؤكدا أن التوازن مفقود بين مجالات الاستثمار‮:‬
‮”‬فالحقيقة،‮ ‬كيف ما كاين اهتمام بالرياضة،‮ ‬يكون فميادين أخرى‮. ‬مزيان‮ ‬يكونوا ملاعب تبهر الخارج والداخل،‮ ‬ولكن مامزيانش ناس الخارج زوار المغرب‮ ‬يضحكوا على حالت مستشفياتنا اللي‮ ‬كتقتل المريض وتمرض الصحيح‮. ‬قلة الأطباء،‮ ‬قلة الممرضين،‮ ‬المعاملة اللا إنسانية،‮ ‬ماشي‮ ‬هذا هو المستوى اللي‮ ‬بغينا تكون عليه مملكتنا الشريفة‮.”‬
إنها شهادة قاسية وصادقة في‮ ‬الآن نفسه،‮ ‬فحب الوطن لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬ينمو في‮ ‬مناخ القمع والاحتقار،‮ ‬بل في‮ ‬بيئة العدالة والكرامة‮. ‬يقول‮ ‬محمد خيي‮ ‬بمرارة‮:‬ ‮”‬واش هكذا بغيتو الشباب‮ ‬يحب بلادو؟ بالعكس،‮ ‬غادي‮ ‬تكرهوه في‮ ‬وطنو‮. ‬لا للحكرة،‮ ‬لا للقمع،‮ ‬لا لثقافة الرشوة‮. ‬خليونا نعيشوا في‮ ‬سلم وسلام،‮ ‬في‮ ‬هذا الوطن الجميل اللي‮ ‬حسادو كثار‮.”‬
ويحذر الفنان في‮ ‬تدوينته تدوينته من العواقب الوخيمة لمثل هذه التوترات على صورة المغرب ومكانته الدولية،‮ ‬خصوصا مع الاستحقاقات الكبرى المقبلة‮:‬
‮”‬فعلا كانت مشاهد مؤثرة،‮ ‬وهاد التوترات‮ ‬غادي‮ ‬يكون عندها تأثير على كاس العالم وغيره،‮ ‬وهكذا‮ ‬غادي‮ ‬تسيؤوا لبلادنا‮. ‬يا مسؤولين،‮ ‬اتقوا الله في‮ ‬أبناء هذا الوطن‮.”‬
في‮ ‬خضم النقاش المحتدم حول احتجاجات شباب جيل‮ “‬Z‮”‬،‮ ‬اختار عدد من الفنانين والمبدعين المغاربة التعبير عن تضامنهم الصريح مع هذه الفئة،‮ ‬معتبرين أن أصواتها تعكس نبض المجتمع ورغباته في‮ ‬إصلاحات عميقة في‮ ‬مجالي‮ ‬الصحة والتعليم‮.‬
السوبرانو‮ ‬سميرة القادري،‮ ‬لم تتأخر‮ ‬في‮ ‬التعبير عن تضامنها‮ ‬مع هذه الحركة الشبابية،‮ ‬وتبنت مطالب جيل‮ ‬z‮ ‬من خلال تدوينة على صفحتها الرسمية بالفيسبوك،‮ ‬حيث أعادت كتابة هذه المطالب‮ ” ‬الصحة والتعليم و‮……‬العيش الكريم‮ “.‬
لم‮ ‬يستطع الفنان المغربي‮ ‬رفيق بوبكر إخفاء حجم التأثر الذي‮ ‬خلفته الأحداث الأخيرة في‮ ‬نفسه،‮ ‬حيث عبر في‮ ‬تصريح مؤثر عن صراع داخلي‮ ‬هزه بشدة‮. ‬ويقول‮: “‬لم أستطع النوم لأن قلبي‮ ‬انقسم إلى نصفين،‮ ‬مابين إخوتي‮ ‬الصغار،‮ ‬لأنهم أبناء بلدي،‮ ‬وبين رجال الأمن،‮ ‬لأنهم إخوتي‮ ‬وكلنا أبناء هذا البلد‮.”‬
رفيق بوبكر،‮ ‬الذي‮ ‬يبلغ‮ ‬الخمسين من عمره،‮ ‬كما قال‮ ‬،‮ ‬اعتبر نفسه من جيل‮ ‬Y،‮ ‬جيل المدرسة العمومية التي‮ ‬شكلت بالنسبة له رمزا للإنصاف والعدالة الاجتماعية‮. ‬ويضيف قائلا‮: “‬هذا الجيل قراينا في‮ ‬المدرسة العمومية مدرسة المخزن وكانت الله‮ ‬يعمرها دار،‮ ‬قرينا ووصلنا،‮ ‬وتم مداواتنا وتشافينا،‮ ‬في‮ ‬صبيطار المخزن،‮ ‬وكان الله‮ ‬يعمرها دار‮.”‬
ومن هنا انطلق الفنان في‮ ‬طرح سؤال عميق اعتبره جوهر الأزمة،‮ ‬متسائلا‮: “‬واش المشكل ألا ترونه في‮ ‬كروش لحرام،‮ ‬هاد الجشعين الذين ليس في‮ ‬قلوبهم لا شفقة ولا رحمة وما هو إنساني،‮ ‬هاد المالكين للمدارس الخصوصية ومالكي‮ ‬الكلينيكات،‮ ‬أليس المشكل هنا بالضبط؟‮”‬ واستحضر بوبكر بداية مرحلة الاستقلال حين كانت الدولة تؤدي‮ ‬واجبها بنسبة وصلت،‮ ‬حسب تعبيره،‮ ‬إلى ما بين‮ ‬60٪‮ ‬و70٪،‮ ‬قبل أن‮ ‬يتسلل الجشع إلى القطاعات الحيوية‮. ‬ويؤكد‮: “‬لكن هاد كروش لحرام،‮ ‬هاد الإقطاعيين هاد الجشعين،‮ ‬هاد صحاب الكلينيكات وصحاب المدارس الخصوصية،‮ ‬هو ما اللي‮ ‬مرضو المغاربة وجوعو المغاربة ونهبو المغاربة،‮ ‬ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي‮ ‬العظيم‮.”‬
الفنان هشام بهلول وجه رسالة إلى الملك محمد السادس،‮ ‬دعا فيها إلى تكليف ولي‮ ‬العهد الأمير مولاي‮ ‬الحسن بملف التعليم إلى جانب الصحة،‮ ‬قائلا إن مستقبل المغرب رهين بإصلاح هذه القطاعات الحيوية التي‮ ‬تمس المواطن بشكل مباشر‮.‬
ومن جانبها،‮ ‬عبرت الفنانة منال بنشليخة عن دعمها للمحتجين قائلة،إن الشباب الذي‮ ‬خرج للتظاهر من أجل الصحة والتعليم أبان عن‮ ‬غيرته الصادقة على الوطن ورغبته في‮ ‬التغيير،‮ ‬مؤكدة أن من حق هذا الجيل أن‮ ‬يحلم بمستقبل أفضل وأن‮ ‬يشارك في‮ ‬بناء مغرب أكثر عدالة،مضيفة‮” ‬أن هذا الجيل عندو الحق‮ ‬يحلم ويكون عندو دور فبناء الوطن‮”‬،‮ ‬مشددة على أنها كفنانة تقف إلى جانب كل صوت‮ ‬يطالب بسلمية بحقوق مشروعة‮.‬ الرابور ديزي‮ ‬دروس بدوره لم‮ ‬يتردد في‮ ‬انتقاد ما وصفه بتعامل الدولة مع شبابها كخصم،‮ ‬مبرزا أن‮ “‬جيل‮ ‬z‮” ‬مختلف عن الأجيال السابقة ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقبل‮ “‬الزرواطة‮”. ‬وقال في‮ ‬تدوينة له‮: “‬جيل ما كيصبرش على القمع،‮ ‬باغي‮ ‬تعليم زوين ومستشفيات بلا زرقالاف‮”‬،‮ ‬داعيا المسؤولين إلى الإصغاء بجدية بدل إطفاء الغضب بأساليب وصفها بالمتجاوزة‮.‬
أما الكوميدي‮ ‬محمد باسو،‮ ‬فاعتبر أن مطالب الشباب‮ “‬مشروعة وعادلة‮”‬،‮ ‬إذ‮ ‬يطالبون فقط بتعليم‮ ‬يليق بالمغاربة وصحة في‮ ‬متناول الجميع‮. ‬وأضاف‮: “‬الشباب اللي‮ ‬خارجين مغاربة وكيبغيو بلادهم،‮ ‬نقيين وطامعين الخير،‮ ‬ولكن للأسف المسؤولين ما كاين لا تواصل لا حلول،‮ ‬وكأنهم ماشي‮ ‬مواطنين‮”.‬
زميله الكوميدي‮ ‬طاليس شدد بدوره على أن ما‮ ‬يطالب به جيل‮ “‬Z‮” ‬هو حقوق بسيطة لا‮ ‬يمكن لأي‮ ‬تنمية أن تتحقق من دونها،‮ ‬مؤكدا أن الرد بالقمع كان‮ “‬إهانة‮ ‬غير مقبولة‮”‬،‮ ‬داعيا المسؤولين إلى‮ “‬الارتقاء‮” ‬والابتعاد عن الشعارات الفارغة التي‮ ‬لا تظهر إلا في‮ ‬مواسم الانتخابات‮.‬
وفي‮ ‬لهجة أكثر حدة،‮ ‬وصف الرابور‮ “‬البيغ‮” ‬قمع مظاهرات سلمية خرجت من أجل الصحة بأنه‮ “‬طريقة بليدة‮”‬،‮ ‬معتبرا أن السلطات بهذا التصرف لا تحل الأزمة بل تدفع الشباب إلى فقدان الثقة في‮ ‬الدولة‮. ‬وأضاف‮: “‬السياسيين عاجزين والأمن باقي‮ ‬ما فاقش أن القمع ليس حلا،راه ولادكم هادوك‮”.‬


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 01/10/2025