فنانون وجها لوجه مع الملك 10 : سامي المغربي: فنان دعاه محمد الخامس للغناء بقصره، والشائعات عجلت بمغادرة المغرب

هناك أحداث كثيرة ومواقف متعددة ،وذكريات تراكمت على مر السنين، منها ما تآكل مع مرور الزمن، ومنها ما استوطن في المنطقة الضبابية من الذاكرة، لكن تبقى هناك ذكريات ومواقف وصور ،عصية على الاندثار والمحو ،لأنها بكا بساطة ،كان لها في حينه ،وقع في النفس البشرية، ليمتد هذا الوقع إلى القادم من الأيام من حياة الإنسان.
في هذه الرحلة، ننبش في ذاكرة كوكبة من الفنانين ،حيث منحتهم إبداعاتهم ، تذكرة الدخول إلى قلوب الناس بدون استئذان، وهي إبداعات فنية ، استحقت كل التقدير والاحترام والتنويه داخل المغرب وخارجه، كما استحق أصحابها الاحتفاء بهم ، ويجدوا أنفسهم وجها لوجه مع ملك البلاد.
هنا نستحضر، ونسترجع بعضا من ذكريات هؤلاء الفنانين المبدعين مع ملوك المغرب ، بعدما صنعوا أسماءهم بالجد والاجتهاد والعطاءات الثرية كما وكيفا، واستطاعوا فرضها في ساحة تعج بالنجوم .

 

استطاع سامي المغربي بفضل فنه وصوته وأغانيه الناجحة التي انتشرت بشكل كبير،أن يثير انتباه القصر الملكي في عهد الملك محمد الخامس، ووفق زوجة الفنان سامي المغربي، فبعد الشهرة التي بدأت في الانتشار لاسم زوجها كفنان، توجه إليه رجال من قصر الملك محمد الخامس. الذين أعجبوا بصوته، وكشفوا، أنهم لم يسمعوا غناء رائعا كهذا من قبل، وأبلغوه، أنهم يريدونه أن يغني أمام الملك ، ومنذ تلك اللحظة تقول زوجته ، بات سامي مدعوا في كل مناسبة بقصر الملك.
في خضم النضال من أجل الاستقلال، غادر عدد كبير من اليهود المغاربة، وطنهم الأم في اتجاه فرنسا ودول أوربية أخرى وفي العالم، وكانت أسرة سامي المغربي من بين من غادروا المغرب في اتجاه باريس.
بعد عودة المغفور له محمد الخامس من المنفى ،وحصول المغرب على الاستقلال سنة 1956، لكن قبل ذلك، عاد الملك محمد الخامس إلى باريس وأقام لفترة قصيرة في حي سان جيرمان حينماكان منفيا. وحضر عازف الأوكورديون كاكون ذلك اللقاء الذي تم بين الملك المنفي وسامي المغربي، ويتذكر كاكون قائلا: قال له الملك: إذا عدت، سوف يكون بإمكانك أنت العودة أيضا، لا تخف . وأجاب سامي على الفور: إذا أذنت لي سأعود .
وبعد عودة الملك محمد الخامس من المنفى، حيث شكل هذا الحدث التاريخي ، مناسبة للمغاربة قاطبة للإعلان عن فرحهم وبهجتهم، كما حرص الفنانون المغاربة للاحتفاء بهذه المناسبة السعيدة من خلال إنتاج عدد من الأغاني، وكان من بين هؤلاء الفنانين، سامي المغربي، الذي أدى الأغنية الشهيرة تؤرخ لهذه المناسبة” ألف هنية وهنية يا للا “، ثم أغنية “قولوا حمدلله على السلامة لسيدنا محمد الخامس».
كان سامي المغربي دائما يتردد على القصر الملكي للملك محمد الخامس،كما تروي ذلك ابنة الفنان سامي المغربي، حيث تتذكر هذه المرحلة، وتقول: “عندما كنا أطفالا ،كنا نرافق والدنا كثيرا إلى قصر الملك، وفي يوم الاحتفال بالعيد الخامس لميلاد الأميرة للا أمينة، ابنة الملك محمد الخامس وشقيقة الملك الحسن الثاني، امتلأ قصر الملك في الرباط بالمسارح والمنصات التي جلست عليها الفرق الموسيقية والمطربون من المغرب وإسبانيا والبرتغال وفرنسا وممثلو قبائل من إفريقيا، أما نحن أطفال سامي المغربي فظهرنا معه على المسرح لتقديم أغنية خاصة ألفها أبي تكريما للأميرة،وكان الملك جالسا على كرسي العرش محاطا بنساء تم حجبهن بالستائر،وعندما نزلنا من على المسرح طلبوا منا التقدم إلى الملك وأعطى لكل واحدة منا 3 دنانير ذهبية كهدية».
علاقة سامي المغربي بالقصر الملكي، لم تبق كما كانت من قبل، بعدما ظهرت على السطح شائعات،
مشكل شائعات قصة غرامية تقول إن المطرب اليهودي سامي المغربي يدير قصة غرامية مع سيدة من علية القوم في المغرب، هدد أقاربها بقتله بعد أن استنكروا الزج باسم ابنتهم في فضيحة مع مطرب يهودي، ولحسن حظه كان هناك شخص واحد فقط يؤمن ببراءته، هو الملك محمد الخامس
أتى محمد الخامس بالمطرب اليهودي سامي المغربي وواجهه بالشائعات التي تدور بين أرجاء القصر، وأنكر سامي كل شيء، وقال إن الفتاة التي يجري الحديث عنها هي التي تطارده، ورغم أن هذه القصة أنقذت حياة سامي، لكنها أجبرته على مغادرة المغرب.
ويتذكر الياس كاكون، الذي كان يعزف على آلة الأكورديون ضمن فرقة سامي المغربي التي كانت تحمل اسم سامي بويز في الدار البيضاء ، هذه الأحداث،كما حكاها ،ويقول ذات يوم في بداية الخمسينيات من القرن العشرين، دعاني سامي إلى مكتب الفرقة على عجل، وقال لي سوف تسمع قريبا أنني كنت على علاقة مع امرأة متزوجة من علية القوم، وها أنا ذا أقسم لك أنه لم يكن بيننا شيء، أنت تعرفني جيدا وأكثر من الآخرين، هل تنقصني فتيات يهوديات لأذهب إلى المسلمات؟..
وقال أيضا فقط لأن الملك يحبني أبقاني على قيد الحياة ،ولم يسمح لأحد بأن يمسني، وقد صدقني الملك ولكنه طلب مني الرحيل ومغادرة المغرب، وسافر سامي إلى باريس حيث بقي هناك لعدة شهور.
ولكن غرام المطرب اليهودي بالسيدة المسلمة ،تحولت إلى أسطورة، كما ذهب إلى البعض الى ذلك، وظلت على قيد الحياة وتحولت إلى أسطورة من تلقاء نفسها،والتي تقول إن سامي المغربي، قبل أن تنكشف قصة غرامه المحرمة، خص حبيبته السرية بأغنية قفطانك محلول يا لالا. وهي أغنية يغازل فيها المطرب حبيبته ويشير فيها إلى أنها تخص رجلا آخر، ويقول موشيه ملول، وهو محاسب ، وكان من أشد المعجبين بسامي المغربي في طفولته، ثم أصبح صديقا له عند انتقال المغربي إلى “إسرائيل”،إن من اختلق هذه القصة ضد سامي المغربي، هم المطربون الذين غاروا من نجاح سامي بهدف تشويه صورته وسمعته، وقد روى لي أنه عندما كان يظهر في القصر ،كان يوصي كل عازفي الفرقة الموسيقية بارتداء نظارات قاتمة تمنع الرؤية لمنعهم من النظر أو رؤية النساء الجميلات اللاتي كن يحطن بالملك محمد الخامس. وكان الملك يستثني سامي وحده من ارتداء هذه النظارات، بما يعني ان الملك كان يثق به، وكذلك ابنه الملك الحسن كان يحبه أيضا، وحتى الملك الحالي محمد السادس سبق ان دعاه للغناء في المغرب.


الكاتب : إعداد : جلال كندالي

  

بتاريخ : 03/04/2023