تميز حفل اختتام الدورة الحادية عشرة لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي، الذي احتضنه مساء الأحد 24 دجنبر 2023 مركز الترفيه والتنشيط الثقافي “المسيرة”، بالإعلان عن الفائزين بجوائز المسابقة الرسمية للأفلام المغربية الروائية القصيرة، التي شاركت فيها أفلام لمخرجين شباب من مختلف المدن المغربية، حيث فاز فيلم “الطريق” لسفيان الحركي بالجائزة الكبرى (5000 د)، كما فاز فيلم “أرواح” لياسين المجاهد بجائزة الإخراج (3000 د)، في حين حصل فيلم “ذاكرة للنسيان” للهواري غباري على جائزة السيناريو (2000 د).
ولم يفت لجنة التحكيم، التي ترأسها المخرج والمنتج حسن بنجلون وضمت إلى جانبه كلا من الممثلة نفيسة بنشهيدة والدكتورين مصطفى اللويزي (السينفيلي والإعلامي والكاتب والأستاذ الجامعي الباحث والفاعل الجمعوي) وبوشتى المشروح (المخرج والباحث الأكاديمي وعضو المكتب المسير للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب)، منح تنويه خاص لفيلم “الجنازة” لبوشتى إبراهيمي.
تجدر الإشارة إلى أن الأفلام الأخرى، المشاركة في المسابقة الرسمية، التي لم يحالفها الحظ في الحصول على جائزة أو تنويه هي: “الخلاص كاش” لمحمد علي ماهر، “احتفاء” لبلال الطويل، “إلهام” لعزيز الحنبلي، “نفس” لمنير علوان، “ممثل للبيع” لحمزة بومهراز، “السولوفان” لياسين الريحاني، “بين الحيوط” لعبد الإله مسواري، “من خلال عدسة الكاميرا” لسليمان بنشقرون.
كما تميز أيضا حفل اختتام الدورة 11 لهذا المهرجان الشبابي، الذي تنظمه سنويا بفاس جمعية المواهب الشابة للسينما والمسرح بدعم من المركز السينمائي المغربي ومؤسسات أخرى تحث الشعار الدائم “لنتواصل سينمائيا”، بحفل تكريم للتقني السينمائي رشيد الشيخ، الذي قضى ما يناهز أربعين سنة من الإشتغال في المجالين السينمائي والجمعوي داخل فاس وخارجها، حيث اشتغل في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية الوطنية والأجنبية كمحافظ أو منفذ إنتاج أو مدير إنتاج أو منتج ومخرج لأفلام سينمائية قصيرة أو رئيس للغرفة المغربية لتقنيي ومبدعي الأفلام وغير ذلك، إلى جانب تنظيمه وإشرافه على دورات تكوينية وتداريب وطنية عدة، منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، حول التقنيات السينمائية استفاذ منها مجموعة من الشباب من مختلف جهات المغرب أصبح بعضهم فيما بعد وجوها سينمائية معروفة في كتابة السيناريو أو الإخراج أو تنظيم المهرجانات أو نقد وتحليل الأفلام أو غيرها من التخصصات السينمائية. هذا زيادة على تأسيسه وترِؤسه لجمعية إبداع الفيلم المتوسطي في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، وهي الجمعية السينمائية التي تشرف على تنظيم مهرجان السينما والمدينة بفاس، الذي بلغ هذه السنة دورته 27، وهو استمرار لمهرجان أيام فاس السينمائية الذي نظمت منه دورات عديدة تحت شعار “الفيلم المغربي أولا”، واستضاف أجيالا سينمائية مختلفة عبر سنواته الطويلة.
قبل تسليمه شهادة وذرع التكريم وإلقائه لكلمة بالمناسبة شكر فيها المنظمين والجمهور الحاضر ونوه بترسيخ ثقافة الإعتراف من لدن شباب أصبحوا اليوم يحملون مشعل السينما عن جدارة ويكملون ما بدأه سلفهم من نضال من أجل خلق صناعة سينمائية حقيقية بالبلاد عبر نشر الثقافة السينمائية وتشجيع المبدعين الشباب الموهوبين والراغبين في الإشتغال أمام وخلف الكاميرا، ألقيت أربع شهادات في حق السينمائي والجمعوي رشيد الشيخ من طرف الأستاذ إبراهيم الدمناتي، نقيب المسرحيين بفاس، والمخرج حسن بنجلون والممثل عز العرب الكغاط والممثلة نفيسة بنشهيدة، نوهت بخصاله ونضاليته وتشجيعه للشباب والمبتدئين في مجالات التشخيص والإنتاج والتقنيات السينمائية عامة، وذلك على امتداد سنوات ليست بالقليلة.
من فقرات حفل الإختتام الجميلة والقوية أيضا حصة الرقص المعاصر (Cinépoques) التي أبدع فيها الفنان عبد الخالق السعدي وعرض الفيلم القصير المتميز “حبال المودة” للمخرجة الشابة وجدان خاليد، المتوج بالجائزة الكبرى في الدورة العاشرة لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي.
ما لاحظته على هذا الحفل الختامي وأعجبني هو الإنسجام بين فقرات برنامجه، وتمكن منشطه الفنان والإعلامي الشاب محمد العلمي من الإنتقال بسلاسة من فقرة إلى أخرى مع توظيف الإنارة والموسيقى بشكل لا يخلو من إبداعية. ولعل اعتماد البساطة والتلقائية والإبتعاد عن البهرجة الفارغة والثرثرة المملة، اللتان أصبحتا تسمان جل مهرجاناتنا مع كامل الأسف، هو الذي يعطي لهذه التظاهرة الفنية نوعا من الفرادة تميزها عن مثيلاتها التي يغيب عنها أي حس فني ويكثر فيها الدخلاء على الفن والثقافة. فرغم غياب أي دعم للمجالس المنتخبة محليا وإقليميا وجهويا، نجح شباب جمعية المواهب الشابة للسينما والمسرح بفاس، كباقي الدورات السابقة، في تدبير ما لديهم من إمكانيات محدودة، لإنجاح دورة 2023 بشهادة من حضروا من الفنانين والمثقفين والجمعويين وغيرهم. فتحية حارة لهم ومزيدا من الصمود والإبداع في أساليب التنظيم والتدبير.