فيلم «Tár».. للمخرج الأمريكي تود فيلدمان.. رغبات قاتلة!

 

«Tár»، فيلم درامي يتناول مواضيع مختلفة تشمل الموسيقى والتكبّر والتحرّش الجنسي وغيرها، وهو من تأليف وإخراج الأمريكي تود فيلدمان، وبطولة كيت بلانشيت التي تؤدي دور «ليديا تار»، وهي رئيسة أوركسترا تحمل اسم مدينة برلين.
يبدأ الفيلم بمراقبة تار من خلال كاميرا الهاتف، فيتضح للمشاهد أنها رئيسة فرقة موسيقية ألمانية، ثم تتكشف تفاصيل سيرتها الذاتية أكثر خلال مقابلة تلفزيونية تُسرد فيها قصتها المليئة بالأحداث الغريبة التي يتوارى جزء كبير منها خلف رغبتها في تطوير الموسيقى.
ترتبط حياة تار الفنية ارتباطًا وثيقًا بحياتها الشخصية، فكلاهما يكمّل الآخر. كما تتمحور حياتها حول رغبتها بتطوير دور المرأة في مجال الموسيقى. وإلى جانب قيادة الأوركسترا، تدرّس تار في مدارس موسيقية رفيعة المستوى في الولايات المتحدة وألمانيا بسبب موهبتها وخبرتها التي تجعل الاستغناء عنها أمرًا صعبًا.
وفي جميع محاضراتها، كانت تار تتحدث للآخرين عن المرأة وقدراتها القيادية، وكانت تخلق لنفسها مشاكل مع المتدربين بسبب تزمتها وتمسكها برأيها وقناعتها بأنها على صواب. أما على الجانب الآخر من الحكاية، حيث حياتها الشخصية، فهي على علاقة بعازفة الكمان في فرقتها «شارون» (نينا هوس)، الشخص الأقرب لها.
الجانب الأهم من الحكاية تمثّله فرانشيسكا (نويمي ميرلانت) مديرة أعمال تار وأكثر الأشخاص المطلعين على أعمالها. وعلى عكس المتوقع، تقوم فرانشيسكا بتضليل تار لمطامع شخصية، ثم نكتشف أنها تراسل كريستا (سيلفيا فلوت) التي تُعتبر أشد خصوم تار، والشخص الذي يسعى لإسقاطها من مركزها بسبب عدم إعطاء تار منصبًا لها ولفرانشيسكا داخل الفرقة.
قامت فرانشيسكا بإعداد خطة تسعى عبرها للنيل من تار، حيث ادعت أن كريستا قامت بتهديدها وإرسال بعض الرسائل المزعجة لها، لكن تار سرعان ما اكتشفت الأمر بعد أن شاهدت رسائل كريستا المُرسلة لفرانشيسكا وكان فحواها التخلص من تار وإسقاطها، فنيًا واجتماعيًا، بأسرع وقت ممكن.
تبيَّن لاحقًا أن تار قامت بعلاقة جنسية مع فرانشيسكا و كريستا في الماضي، وكما يبدو فإنها قطعت لهما وعدًا بأنهما سيكونا في الفرقة، لكنها أخلفت بذلك وخلقت عداوة مع أشخاص مقربين بدافع الرغبة الجنسية.
تُعتبر كريستا الحلقة الأهم بحياة تار لأنها ستغيّر الكثير من مساراتها لاحقًا سواء على الصعيد الفني أو الاجتماعي. في هذا الوقت، كانت كريستا تحاول التواصل مع تار، لكن الأخيرة كانت ترفض التحدث معها، مما دفعها للاشتغال أكثر على المؤامرة التي تحيكها ضدها برفقة فرانشيسكا.
في خضم هذه الأحداث، وصل إلى تار كتاب يتضمن العديد من الرموز والكتابات التي أثارت خوفها ودفعتها إلى تمزيق الكتاب، ثم ساد الاضطراب في منزلها، وبدأت تسمع أصواتًا مريبة في أوقات متأخرة، ما جعل حياتها بخطر، وبيّن لها أن منزلها مخترق وكذلك علاقاتها الفنية.
وفيما بعد، تظهر في الفيلم شخصية جديدة غريبة الأطوار، وهي عازفة تشيلو صادفتها تار أثناء اختبار ما بدأت بعده بالتفكير في كيفية إدخالها إلى فرقتها، وهنا تجردت تار من ضميرها المهني وبدأت بالتحيّز للعازفة الجديدة بسبب رغبتها بها، ثم قامت بالاستغناء عن عازف التشيلو في فرقتها واستبداله بها.
ستؤدي هذه الحادثة إلى تصاعد الاحتجاجات ضد تار داخل الفرقة، خاصةً بعد انتحار كريستا التي اتُهمت تار بأنها سبب انتحارها وتدمير حياتها، ما دفع الوسط الفني إلى الاحتجاج ضدها وضد أفعالها الاستغلالية.
تبدأ حياة ليديا تار بالتغيّر بعد عزلها من رئاسة فرقتها الموسيقية، ثم أخذت تنهار بسبب عدم قدرتها على السيطرة على الأخبار التي راجت عنها سواء المفبركة أو حتى الحقيقية منها. وفي ظل هذه الأحداث، بدأت تار تعاني من اضطرابات نفسية حادة تركت تأثيرًا سلبيًا كبيرًا على حياتها الشخصية والمهنية، وتسببت بخسارتها الكثير، فقررت ترك ألمانيا والسفر إلى فيتنام لبدء حياة جديدة، حيث بدأت هناك بالعمل في مدرسة موسيقية.
ركّز الفيلم على نتائج التشتت النفسي الذي كان مسؤولًا عما وصلت إليه أحوال تار، إلى جانب سوء استخدامها لمنصبها، وازدواجية المعايير السائدة في مختلف المجالات اليوم. ولا ننسى رغباتها القاتلة التي دفعتها للتحرش ببعض فتيات فرقتها في الوقت الذي كانت توهم فيه الآخرين بأنها تعمل لصالح الفرقة والمرأة.


الكاتب : عادل الناصر

  

بتاريخ : 16/12/2023