في أفق تفويت تكوين اللاعبين بالمغرب لشركات خاصة ..الصناعة الرياضية تبدأ من القاعدة

 

صدر حديثاً عن مركز أوميغا للدراسات الاقتصادية والجيو سياسية، الذي يرأسه الزميل سمير شوقي، ورقة رياضية بعنوان «ثورة كروية قادمة من الهواية للصناعة».
وبحسب هذه الورقة فإن الصناعة الرياضية تبدأ من القاعدة، لأن الانتقال من وضعية احتراف مقنع لاحتراف كامل شبيه بالأنظمة الكروية الأوروبية يقتضي البدء من القاعدة، لأن أي قَلْبٍ لهرم الأولويات من شأنه أن يجعل بلوغ أهداف هذا التحول صعباً إن لم يكن مستحيلاً. لذلك لا مناص من الاشتغال على تكوين الفئات الصغرى في إطارٍ منظم بعيد عن العشوائية، يعتمد على أحدث مناهج التكوين الرياضي العلمي وموارد بشرية فائقة التكوين البيداغوجي والتقني مع تحمل ما يقتضيه ذلك من مصاريف كبيرة.
وهنا لا بد من الحديث عن المشروع الذي قد يُطلق بعد نهاية الموسم الحالي والذي يخص تفويت قطاع التكوين لشركات خاصة.
ولفهم هذا المشروع جيداً لابد من وضعه في سياقه. فقد كانت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط OCP سباقة للاشتغال على هذه المبادرة قبل سنتين والهدف هو رفع مستوى التأهيل البشري لدى الفرق المحتَضَنة من طرف المكتب، وهي الدفاع الحسني الجديدي وأولمبيك آسفي وأولمبيك خريبكة. بعد ذلك، اشتغل المكتب مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على تعميم التجربة مع إشراك شركات خاصة، وربما عمومية تحدو حدو OCP مع أندية أخرى.
للتذكير، فقد أنشأ مكتب OCP شركة رياضية خاصة منذ العام 2022 بمكتب مديري يديره مدير عام وبهيكلة تنظيمية تضاهي أكثر الشركات تنظيماً. وقد وضع المكتب رهن الشركة كافة الإمكانات المادية لتأمين تدبير ناجع.
وهكذا تم تخصيص حوالي 400 مليون درهم بين رأسمال اجتماعي واستثمار أولي خاص بالأندية الثلاثة السالفة الذكر، وهو غلاف مالي قابل للارتفاع حسب تقدم المشروع. كما تم وضع خارطة طريق واضحة المعالم لإنجاح التجربة من مختلف المناحي. وقد اشتغل مكتب OCP مع جامعة الكرة، من خلال عشرات الاجتماعات التقنية، على خلق نموذج يمكن استنساخه من طرف شركات أخرى وباقي الأندية في أفق تعميمه. ويتعلق الأمر بتعاقد بين النادي والشركة يفوت الطرف الأول للطرف الثاني تدبير شؤون الفئات الصغرى بكل مناحيها البشرية والتقنية واللوجستيكية والمالية، بواسطة عقد يحدد التزامات وحقوق كل طرف.
ودون الخوض في التفاصيل الصغيرة، فمن الهام أن نذكر بأن النادي لن يفقد فئاته الصغرى بشكل تام بموجب هذا العقد، وإنما ستكون له أولوية التعاقد مع خريجي الشركة الرياضية مقابل عقد احترافي بمبلغ رمزي قدره 300 ألف درهم، وتحتفظ الشركة بـ 25% من حقوق تفويت اللاعب بعد ذلك لأي نادي، وستشكل هذا الموارد غالبية مداخيل الشركة لتمويل أنشطتها.
وإذا كنا نعرف أن الاستثمار في تكوين اللاعبين جد مكلف لأنه يتم على المدى المتوسط والبعيد، وقد يمتد حتى لعشر سنوات بالنسبة لطفل عمره تسع سنوات، فإن ذلك يعني أن هذه الشركات عليها أن تستثمر مع انتظار جني المكاسب على المدى البعيد، وهذا ليس مُتاحاً لجميع المؤسسات. لذلك سيكون على بعض شركات القطاع العام أن تحدو حذو مجموعة OCP بالاستثمار في هذه العملية كخدمة عمومية علها تعطي المثال لتلحق بها شركات القطاع الخاص الباحثة عن النجاعة والربح في الآن ذاته.
وبهذه العملية، ستطلق الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بمعية شركائها ثورة حقيقية في منظومة الأندية، شريطة إحاطتها بشروط النجاح كما أسلفنا والدفع بتدبير الفرق الأولى لاعتماد منهجية تسييرية عصرية لتفادي خلق شرخ بين تدبير الفئات الصغرى من طرف شركات خاصة وتدبيرٍ للفرق الأولى غارقٍ في الهواية. هذا النموذج سيجعل الأندية المغربية تقتني جواهر مغربية شابة في بداية مسارها وبتكوين عالي وبأثمانٍ بخسة عوض شراء لاعبين من جنوب الصحراء ومن دول المغرب العربي بمبالغ كبيرة وبمردودية ضعيفة في جل الصفقات، مما يؤثر على الميزانيات العامة للأندية ويرفع مديونيتها لمستويات قياسية.
وستتم الانطلاقة العملية لهذا المشروع الضخم خلال شهر يوليوز القادم، ليتم تفعيلها ابتداء من الموسم الكروي القادم 2024 – 2025.


بتاريخ : 29/02/2024