في سياق الدخول السياسي والبرلماني والاجتماعي، التأم قياديات وقياديو الفيدرالية الديمقراطية للشغل الاتحاديون، في لقاء تنسيقي حضره أعضاء المجلس الوطني الفيدرالي المنتمون لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يوم السبت الماضي بالمقر المركزي بالرباط، وذلك للتداول في الوضع النقابي بارتباط مع الوضع الاجتماعي، والعمل على النهوض بالفيدرالية الديمقراطية للشغل عبر استكمال هياكلها التنظيمية وتقوية الأداة النقابية لتتبوأ المكانة اللائقة بها داخل المشهد النقابي والاجتماعي.
أشرف على افتتاح هذا اللقاء، الذي أدار أشغاله عبد الحميد فاتحي، الكاتب العام السابق للفيدرالية ورئيس المؤتمر الوطني الأخير، إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بكلمة توجيهية، استعرضت السياق العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد، المتسم حاليا بالكارثة الطبيعية، الزلزال الذي ضرب عددا من المدن المغربية، يوم الجمعة 8 شتنبر 2023.
وسجل الكاتب الأول بهذه المناسبة أن المملكة المغربية بقيادة جلالة الملك، قد أثبتت من خلال التعاطي مع هذه الكارثة الطبيعية أنها دولة قوية، والقرارات الصادرة عن اللجنة التي ترأس اجتماعاتها جلالة الملك تلخص الرؤية الاستراتيجية والخطة الواضحة، والتي شرع في تنفيذها مبكرا.
وفي ذات السياق، أبرز الكاتب الأول أن المملكة المغربية، أظهرت من خلال قراراتها الآنية والفورية، من أجل إنقاذ الأرواح والضحايا والمتضررين جراء هذا الزلزال، وإسعاف ما يمكن إسعافه وإغاثة المنكوبين، أنها دولة متماسكة ومتضامنة، وفي مستوى من الثبات والرصانة، تجاه هذه الكارثة الطبيعية، ما جعلها تحظى باحترام كبير من عدد من الدول في العالم.
وبالموازاة مع ذلك، أشار إدريس لشكر إلى أن كل القرارات الملكية المتخذة في إطار لجنة تتبع كارثة الزلزال هي أولا قرارات حكيمة، وعادلة، وتنم عن حس إنساني رفيع نابع من روح المسؤولية ومتطلبات القيادة الرشيدة في مثل هذه الكوارث الطبيعية.
وشدد الكاتب الأول على أن الدولة القوية العادلة والمجتمع الحداثي المتضامن، هي الصورة التي ترسخت في أذهان الرأي العام العالمي وفي وسائل الإعلام، بفضل القرارات القوية التي اتخذها جلالة الملك سواء في جانب المساعدات الدولية أو في التعبئة الفورية لكافة مؤسسات الدولة، وما يثلج الصدر، يقول لشكر، أن هذا المشهد للدولة القوية العادلة والمجتمع الحداثي المتضامن، هو الأساس المرجعي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، باعتبار أنه حزب اشتراكي، وهو الطموح الذي عبرنا عنه في مداولات لجنة النموذج التنموي الجديد.
وفي نفس الصدد، أكد لشكر أن التدبير الملكي السامي لهذه الكارثة التي ضربت المغرب، وتدخل كل فئات المجتمع، أبان عن حركية تضامنية قوية وفي كل أشكالها من أحزاب ونقابات وجمعيات وكل فئات المجتمع.
ومن جهة أخرى، أشاد الكاتب الأول بالمبادرات الشعبية التضامنية من كل أنحاء المغرب مع ضحايا ومتضرري الزلزال في كل من مدن تارودانت وأزيلال ووارزازات، إذ بادرت كل مكونات المجتمع، بسرعة كبيرة، إلى جمع عدد من المواد الغذائية والتموينية والأغطية والأفرشة والخيام … وسارت قوافل تضامنية في اتجاه هذه المدن المتضررة والجماعات القروية والدواوير التابعة لها، متحدية كل الصعاب، مع العلم أن هذه المناطق جبلية متميزة بمسالك طرقية صعبة.
كما أبرز الكاتب الأول انبهار العالم من هذه الأشكال والألوان والتعابير التضامنية، منذ الوهلة الأولى للكارثة، إذ توصلت البلاد وجلالة الملك بعدد من البرقيات والرسائل التضامنية وعروض المساعدات، مشيرا، في نفس الآن، إلى أنه بفضل القرارات الملكية الحكيمة يحظى المغرب بالمكانة المحترمة والوازنة، ويعتز المغاربة بكل معاني الاحترام والتقدير من قبل دول العالم لبلادهم التي تقود مشروعا متميزا ومتفوقا في شمال إفريقيا وجنوب البحر الأبيض ألمتوسط، كما أشار لشكر كذلك إلى البرقيات التي تلقاها ككاتب أول للحزب، من عدد من رؤساء الحكومات والأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في كل من أوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا والدول العربية التي تقدمت بالتعازي والتعبيرعن التضامن جراء هذه الكارثة الطبيعية التي ألمت بالبلاد.
ولم تفت الكاتب الأول فرصة الإشادة والتنويه بالحملات التضامنية لكل مكونات الشعب المغربي سواء داخل المغرب أو خارجه من قبل الجالية المغربية، وبشكل عفوي، كما أشاد بالأدوار المختلفة والفعالة التي تقوم بها عدد من مؤسسات الدولة لإغاثة ضحايا الزلزال ومنكوبيه، منها القوات المسلحة الملكية، والوقاية المدنية والأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة، والأطر الصحية من أطباء وممرضين، فضلا عن نساء ورجال الصحافة ووسائل الإعلام الوطنية والعربية والدولية.
وفي الأخير، أكد لشكر أمام أعضاء المجلس الوطني للفيدرالية الديمقراطية للشغل الاتحاديين، أن كل هذا يرتب علينا مسؤوليات كبيرة لمجابهة التحديات وربح الرهانات المطروحة علينا خاصة على المستوى الاجتماعي، كما أن مسؤولية الفيدرالية الديمقراطية للشغل بعد مؤتمرها الوطني تتعاظم بالنظر للسياقات السالفة الذكر، والمشاريع الاجتماعية المطروحة والتي تدخل في صميم مطالبنا الحزبية والنقابية وعلى رأسها الحماية الاجتماعية ومشروع تعميم التغطية الصحية والاجتماعية، بالرغم من أننا لسنا في موقع القرار الحكومي لكن مطلوب منا مضاعفة الجهود في المراقبة والتتبع والتصحيح من أجل تنزيل هذا المشروع الاجتماعي الذي ننشده جميعا.
وشدد على أن هذا لا يمكن أن يتأتى إلا بمركزية نقابية قوية ومنظمة، وطنيا، وجهويا وإقليميا ومحليا، في القطاع الخاص والعام، لذلك دعا لشكر النقابيين الاتحاديين إلى التوجه نحو المستقبل بأفق فيدرالي جديد ينفتح على الطاقات الشابة وعلى كل الفعاليات والحساسيات الأخرى المكونة للفيدرالية من أجل تقوية الأداة النقابية، وفي كل القطاعات، حتى يتسنى للمركزية أن تأخذ المكانة اللائقة بها داخل المشهد النقابي والاجتماعي بالبلاد.
ومن جهته ألقى يوسف ايدي، الكاتب العام المنتخب للفيدرالية الديمقراطية للشغل، كلمة استعرض فيها السياقات العامة التي تطبع الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، وفي مقدمتها تدهور القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمأجورين سواء في القطاع الخاص أو العام.
وعزا يوسف ايدي ذلك إلى القرارات الحكومية، وارتفاع أسعار المحروقات وارتفاع نسبة التضخم، وعدم الزيادة في الأجور ومراجعة أشطر الضريبة للتخفيف من الاقتطاعات على الأجور.
كما انتهز قيادي الفدرالية هذا اللقاء الاتحادي لتقديم اقتراحات عبارة عن خطة عملية للنهوض بموضوع الفيدرالية وطنيا وجهويا وإقليميا ومحليا، لكي تلعب أدوارها النقابية والاجتماعية على الوجه الأكمل والاستعداد للاستحقاقات النقابية والمهنية المقبلة.
كما تداول الاتحاديات والاتحاديون من خلال تدخلاتهم العديدة الوضع النقابي المغربي بصفة عامة والوضع التنظيمي والنقابي للفدرالية الديمقراطية للشغل، مقترحين عددا من الحلول من أجل النهوض بالمركزية النقابية بأفق فيدرالي جديد يستخلص الدروس من التجربة السابقة.