في احتفالية تكريمية لصاحب «الطيبون» و»رفقة السلاح والقمر»، مبارك ربيع: الكاتب يظل في حاجة دائمة إلى «حاضن ثقافي»

 

شهدت قاعة «حوار» يوم السبت 19 أبريل الجاري بالمعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط، احتفالية أدبية كبرى تكريما لأحد أعمدة الرواية المغربية والعربية، مبدع «بدر زمانه» و»الريح الشتوية» و»أحمر أسود» و»الطيبون»، الروائي مبارك ربيع الذي كرمته وزارة الثقافة، اعترافا واعتزاز بما قدمه للمكتبة المغربية وللحياة الثقافية المغربية.مكتبة أكد بشأنها الناقد محمد الداهي في تقديمه للقاء، أنها اغتنت ب18 رواية و5 مؤلفات في علم النفس و7 مجاميع قصصية و5 مجموعات قصصية للأطفال واليافعين، كانت حصيلة مسار امتد لستة عقود، وسببا في تتويجه بالعديد من الجوائز الوطنية والعربية منها جائزة المغرب للكتاب، وجائزة السلطان قابوس للرواية، وجائزة محمد زفزاف للرواية العربية .. مسار راهن فيه على تطوير الرواية والكتابة الروائية، وواكب معه أسئلة الكتابة على مستوى الشكل والأدوات.
الناقد عبد المجيد النوسي، وهو يعرض لمسار المحتفى به، أبرز أن المتأمل لهذه التجربة الثرة يقف عند خصيصة مميزة وهي أن العمل الإبداعي لمبارك ربيع يتأطر داخل زمنية الاستمرارية، استمرارية كتب خلالها القصة والرواية على مدى خمسة عقود، حاول فيها الخروج من عباءة الروائيين الكلاسيكيين، مجترحا أشكالا جديدة في الكتابة في إطار التجديد لا التجريب، تجديد وظف فيه التاريخ والثقافة والتخييل والأسطورة والحلم والاسترجاعات الزمنية، وكل ذلك محمولا على جناح لغة شعرية تخدم فنية الرواية، كما في روايات «بدر زمانه»، «أحمر اسود» «الريح الشتوية»، «أيام جبلية».
إن سمة الاستمرارية في كتابات مبارك ربيع، يستطرد الناقد عبد المجيد النوسي، ارتبطت لديه بالتفكير في مسألة الكتابة وبناء النص السردي، ومحاولة صياغة نماذج جديدة تستحضر القارئ. وأضاف النوسي أن انشغال مبارك ربيع بسؤال الكتابة نابع من كون الرواية ليست جنسا أدبيا يقدم حكاية فقط، بل جنسا كليا وكونيا يطرح علاقة الإنسان بالعالم والمجتمع والثقافة، وهو ما جعل المتن السردي للمحتفى به في قلب التلقي سواء من طرف النقاد في المغرب والمشرق العربي، أو من طرف الكتاب الذين نجد صدى تقاليد كتابته في نصوصهم أو من طرف الطلبة عبر أطروحاتهم الجامعية التي تناولت أعماله، كما من طرف المؤسسات الرسمية التي اختارت أعماله ضمن المقررات الدراسية.
النوسي لفت أيضا إلى قضية أساسية في أعمال مبارك ربيع الروائية، والمتمثلة في تيمة المكان، خاصة داخل المدينة الغول الدار البيضاء، منذ عمله «الريح الشتوية» حيث يلمس القارئ لأعماله أنه لا يقدم الأمكنة كفضاء تحيا فيه الشخصيات، بل يقف عند «كتابة تؤسس لغة للمكان» وتقدم المدينة كفضاء للقاء، وهو ما برز بشكل جلي مع ثلاثية درب السلطان: «نور الطلبة»، «ظل الأحباس»، «نزهة البلدية» إلى جانب أعماله الأخرى التي أغنت المكتبة الوطنية وبصمت على مسار طويل، «فيه نفس إبداعي متميز» يهجس بتمكن وصنعة روائية تتكئ على المرجعيات الأساسية في الكتابة الروائية، فنيا وثقافيا وتخييليا.
الروائي المحتفى به مبارك ربيع، والذي طالما صرح أن «حرية الكاتب وذاتيته هي الأهم في كل ما ينتجه»، تراجع في غمرة الدفء والدفق الإنساني، وفي فورة منسوب المحبة التي بادله بها قراؤه لحظة الاحتفاء، مؤكدا أن « في هذه اللحظات ، مهما بلغت هذه الحرية والذاتية، فإن الكاتب ليس له إلا عمله وقارئه، ذلك «الحاضن الثقافي» الذي لا يمكن اعتباره «متلقيا» فقط.
ولم يفت صاحب «سيدنا قدر» أن يتوقف عند مسألة النقد ومعاوله التي تزيغ عن مهمتها أحيانا وهي «اكتشاف اللمعات الظلية للنص عن طريق اللغة وزوايا الرؤية»، وتفضل الإقامة في النظريات الجاهزة التي تُغفل «حرارة النص» وتفضل «صقيع» المنهج الصارم لأن المبدع، حسبه، هو مشرع القيم الفنية ومهمة النقد الأساسية هي اكتشاف هذه القيم لا محاولة فرض قيم جديدة.


الكاتب : ح. الفارسي

  

بتاريخ : 21/04/2025