23 %من المغربيات يعتبرن منظمات المجتمع المدني مصدر دعم للمرأة المعنفة و65 % يرين أن الأسرة داعمهن الأساسي
فجوة كبيرة بين الرجال والنساء في المشاركة بسوق العمل تصل إلى 38 نقطة مئوية
استعرض الباروميتر العربي، وهو شبكة بحثية لقياس الرأي العام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، نتائج استطلاع دورته الثامنة (2023-2024) التي يقدم من خلالها رؤى جديدة حول الآراء والتوجهات العامة إزاء أدوار المرأة في الحياة الأسرية ومناصب القيادة السياسية والمشاركة في سوق العمل، والعنف الجندري، عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
التقرير الذي ألّفته د. ماري-كلير روش، مديرة التقنية والابتكار في الباروميتر العربي، يكشف عن تحول ملحوظ عن اتجاهات الرأي السابقة، مع تزايد دعم القيم الأبوية في المجالين الخاص والعام قياسا إلى استطلاع 2021-2022.
هذا وأشار التقرير إلى أنه بين 2021 و2024، شهدت معدلات تأييد فكرة أن “الرجال أفضل من النساء في مناصب القيادة السياسية” عودة إلى معدلات التأييد لهذه المقولة قبل عقد أو هي فاقتها، وذلك في ست دول من سبع شملها الاستطلاع بالمنطقة. فلسطين هي الاستثناء، حيث استمر دعم هذه المقولة في التراجع، وهكذا لاحظ التقرير أن نسبة من أيدوا هذه المقولة في المغرب57%، بينما أيدها في الأردن والكويت 74%، وبلغت النسبة في موريتانيا 60%، و52% في تونس و64% في فلسطين و44% في لبنان.
وأظهر التقرير أن النساء أقبلن في عدة دول بالمنطقة بقدر أكبر من الرجال على تأييد فكرة أن الرجال أفضل في مناصب القيادة السياسية. وبلغت الزيادة 10 نقاط في المغرب و 12 نقطة في تونس و10 نقاط في الأردن و9 نقاط في موريتانيا بينما في الكويت زاد دعم النساء للمقولة 13 نقطة مئوية عن نسبة تأييد الرجال لها، لكن رغم هذه التحولات، فالنساء في المنطقة يملن أكثر من الرجال – وبشكل أكثر ثباتاً ووضوحاً – حسب نتائج التقرير، إلى الاختلاف مع فكرة أن الرجال أفضل في مناصب القيادة السياسية. في لبنان كان الاختلاف بين المبحوثين والمبحوثات يبلغ أقصاه، إذ أن النساء أقل بواقع 24 نقطة مئوية إقبالاً على تأييد هذه المقولة مقارنة بالرجال. يُلاحظ أن الرجال في لبنان (56%) أظهروا أقل مستويات دعم لهذه الفكرة مقارنة بالرجال في الدول الأخرى التي شملها الاستطلاع.
وحسب الباروميتر العربي فإن هناك أغلبيات في كافة الدول التي شملها الاستطلاع ترى أن وجود نساء في مناصب قيادة سياسية أمر يعزز حقوق المرأة. في المتوسط، النساء أكثر إقبالاً على اعتناق هذه الفكرة بواقع 15 نقطة مئوية مقارنة بالرجال، كما لاحظت الشبكة البحثية أن ثمة دعما كبيرا للحصص النسائية في السياسة، إذ تُفضل أغلب المواطنات والمواطنين في المنطقة تخصيص مقاعد للنساء (الكوتا) في تشكيل الحكومة وفي البرلمان.
في المغرب مثلا فإن الرجال الذين لديهم مشاركة سياسية قوية – بما يشمل من يصوتون وينتمون إلى أحزاب – يقبلون أكثر على دعم المشاركة النسائية في السياسة. يؤشر هذا لصناع السياسات بأن الإصلاحات المراعية لدمج النساء بالعملية السياسية وزيادة مشاركتهن السياسية، ستلقى دعم المواطنين المنخرطين في السياسة، بما يشمل الناخبين.
وفي تصريح صحفي حول هذه النتائج قالت د. ماري-كلير روش، مديرة التقنية والابتكار، الباروميتر العربي إن “رغم تحفظات المواطنين بالمنطقة على قدرات النساء القيادية، فهناك رغبة عامة واضحة لزيادة تمثيل المرأة سياسياً، مع الإقرار بالحاجة إلى وجود آليات رسمية للدفع بالمساواة بين الجنسين”.
كما لاحظت الشبكة البحثية أن في ست دول من سبع شملها استطلاع الباروميتر العربي 2023-2024، فاقت معدلات التكافؤ بين الجنسين في تلقي التعليم العالي المتوسطات العالمية، وموريتانيا هي الاستثناء (المصدر: البنك الدولي). لكن تكشف بيانات استطلاع الباروميتر العربي عن استمرار النساء في مواجهة فجوة مشاركة كبيرة في سوق العمل، إذ يبلغ الفارق بين مشاركة الرجال والنساء في العمل في المتوسط 38 نقطة مئوية. تتسع هذه الفجوة إلى أكثر من 43 نقطة مئوية إذا أخرجنا الكويت من حساب المتوسط الإحصائي لهذه الفجوة، فهو بلد يمثل استثناءً إحصائياً بالمنطقة في هذا الملف.
ويُظهر استطلاع الباروميتر العربي 2023-2024 أن النساء الحاصلات على التعليم العالي يُرجح في المتوسط بواقع 28 نقطة مئوية أكثر (مقارنة بغير الحاصلات على التعليم العالي) أن يكن قد سبق لهنّ العمل أو يعملن. الفجوة تبلغ أقل مستوى لها في المغرب وتونس (18 نقطة مئوية) وتبلغ أقصاها إقليمياً في العراق والأردن (37 و36 نقطة على التوالي). على النقيض، تبلغ الفجوة بين الرجال الحاصلين على التعليم العالي وغير الحاصلين عليه 4 نقاط مئوية فحسب في المتوسط.
في المغرب ولبنان وتونس والأردن، تبلغ الفجوة بين الحاصلات على التعليم العالي والحاصلات على التعليم الثانوي أو أقل، ممن قلن إنهن يعتزمن العودة للعمل في المستقبل: 37 و34 و31 و17 نقطة مئوية على التوالي.
وفي هذا الإطار شددت د. ماري-كلير روش مديرة التقنية والابتكار في الباروميتر العربي على أن: “بينما التعليم العالي وحده لا يعالج الفجوة بالكامل، فهو ضروري لمشاركة نساء المنطقة في سوق العمل. الاختلاف الكبير في نسب اشتغال النساء بناء على مستوى التعليم يسلط الضوء على الحاجة إلى استمرار تشجيع النساء على تحصيل التعليم العالي، إذ يبقى عاملاً حاسماً في ما يتعلق بفرص عملهن”.
وبخصوص العنف الجندري، أشار عدد كبير من المواطنات والمواطنين بالمغرب(40%) إلى أن هناك تراجعا لمعدلات العنف الجندري.
كما لاحظ الاستطلاع أن ثمة فجوة جندرية تظهر بوضوح إقليمياً، ففي تونس تقول 60% من النساء إن العنف قد زاد، مقارنة بـ 47% من الرجال قالوا المثل (فجوة بواقع 13 نقطة مئوية). وهناك فجوات مشابهة في كل من الأردن (11 نقطة مئوية) والعراق (7 نقاط) ولبنان (6 نقاط) وفلسطين (5 نقاط). وفي المقابل تؤيد النساء (42%) ويؤيد الرجال (39%) بقدر شبه متساو مقولة أن العنف الجندري قد قل على مدار العام المنقضي. وفي موريتانيا، تقول 30% من النساء إن العنف ظل على نفس معدلاته، بينما قال 34% من الرجال إنه تراجع.
ومنذ استطلاع الدورة السابعة للباروميتر العربي (2021-2022) تراجعت بقوة نسبة النساء اللاتي ذكرن تزايد العنف الجندري ب14 نقطة في المغرب، وحسب التقرير ففي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ترى الكثير من النساء أن العنف الجندري مسألة بالغة الشخصية والخصوصية، حيث الأسرة هي الداعم الأول ففي المغرب (65% )تقول إن النساء المعرضات للأذى أو العنف يلتمسن المساعدة من الأقارب الذكور وليس من المؤسسات العمومية.
وبينما ترى (61%) من المستجوبين في المغرب وتونس (59%) أن أغلب النساء المعرضات للعنف الجندري يمكنهن التماس المساعدة من الشرطة. فإن الشرطة تحل في الترتيب الثاني في الأردن (45%) ولبنان (42%) والعراق (41%) ضمن اختيارات النساء، بعد الأقارب الذكور. على النقيض، فإن 35% من النساء في فلسطين و33% من الموريتانيات يعتبرن الشرطة الداعم الأساسي للنساء المعنفات، لكن نسب إقبالهن على اختيار أفراد الأسرة كمصدر للدعم أكبر.
كما يُنظر إلى منظمات المجتمع المدني أيضاً كمصدر مهم للدعم؛ إذ اختارت 23% من المغربيات منظمات المجتمع المدني كمصدر لدعم المرأة المعنفة. 39% من اللبنانيات و26% من الأردنيات و24% من التونسيات، على النقيض، تعتنق نفس الرأي 17% فقط من الموريتانيات و16% من الفلسطينيات و13% من العراقيات.
وفي هذا الصدد تقول د. ماري-كلير روش، مدير التقنية والابتكار، الباروميتر العربي. “في حين يرى أغلب المواطنين أن الدعم متوفر للنساء المعرضات للأذى والإساءة، فإن مصدر الدعم الأكثر اختياراً من قِبل المبحوثات والمبحوثين هو الأسرة لا المؤسسات. الاعتماد على الأسرة في هذه الحالات مسألة معقدة. في أفضل الأحوال، فإن غياب الدعم المؤسسي قد يوحي بأن المواطنين لا يعتبرون الحكومة مهتمة بدعم النساء المعرضات للعنف الجندري أو هي تستثمر في ذلك الدعم. إذن زيادة الدعم المؤسسي عبر التمويل والعمل مع المنظمات المحلية ومرافق الرعاية الصحية من شأنه توفير أمان أكبر للنساء المعرضات للأذى والإساءة”.
ورغم بعض التراجع في دعم قيادة النساء سياسيا، فإن هناك وعيا متزايدا بأهمية مشاركة المرأة في السياسة، ودعم لنظام «الكوتا»، كما أن التقرير أظهر أن المغرب يحقق تكافؤا في التعليم، لكن هذا التكافؤ لا ينعكس على مشاركة النساء في سوق العمل. أما العنف الجندري، فرغم تحسن التصورات حوله، إلا أن الأسرة لا تزال المصدر الرئيسي للدعم، مع ثقة نسبية في الشرطة، حسب تقرير الباروميتر العربي.