في افتتاح المؤتمر الوطني الثاني للمحاميات والمحامين الاتحاديين بمراكش ، إدريس لشكر: مطلبنا الراهن ضرورة إصلاح قانون المحاماة وتأهيله ليستجيب لمختلف التحولات المجتمعية الراهنة

علال البصراوي : تم ضرب جسم المحاماة بقوة وتعطيل مسار رجال ونساء الدفاع، وإغلاق قنوات الحوار

 

 

قال إدريس لشكر : « إننا مطالبون، كمحاميات ومحامين منتسبين للاتحاد الاشتراكي أن نكون حريصين على تقويه وتمنيع هذا الصرح المهني، واعتباره دوما الإطار الجامع لكل هيئات المحامين، ولكل المحاميات والمحامين المغاربة بتعدد انتماءاتهم ومشاربهم، وأن نجعل منها أداه للدفع بالمهنة نحو آفاق أرحب، في مجال تأهيل المهنة، وفي المبادرة لتطوير وتحديث التشريعات الوطنية وملائمتها مع المواثيق والآفاق الدولية، وفي مواصلة أدوارها الأصلية في تكريس وتمنيع وتقويه حصانة المهنة، والعمل من أجل معالجة الأوضاع الاجتماعية للمحاميات والمحامين المغاربة «.
وأضاف إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المؤتمر الوطني الثاني للمحاميات والمحاميين الاتحاديين، مساء الجمعة الماضي بمراكش : « فقد سجل المحامون والمحاميات المغاربة، كأفراد، أو كمؤسسات مهنية من نقباء ومجالس هيئات، أو من خلال جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أدوارا طلائعية منذ فجر الاستقلال، في النضال من أجل القضايا الكبرى للوطن وثوابته، في الدفاع عن وحدته الترابية، وترسيخ الديمقراطية، وبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات، والدفاع عن الحقوق والحريات، وعن استقلال القضاء وحصانة المهنة، في ظروف صعبه كلّفت المحامين تضحيات جسيمة، منهم من ضحوا بأرواحهم من أمثال شهيدنا الكبير عمر بن جلون، أو بالاضطرار للاغتراب كحال فقيدنا الكبير النقيب عبد الرحمن اليوسفي، أو بآخرين ممن اجتازوا محن المعتقلات السرية والعلنية وقادوا بحكمة وتبصر معارك القوى الحية من أمثال القائد الاتحادي الفذ عبد الرحيم بوعبيد و الأستاذ محمد اليازغي.. إن لتضحيات الأجيال المتعاقبة من نساء ورجالات مهنة المحاماة الأثر الكبير فما تحقق من مكتسبات ديمقراطية وحقوقية، وفي استقلال السلطة القضائية، وفي استمرار المحاماة قوة مجتمعية تدافع عن الحق، وتذود عن الحريات، وتنتصر لقيم العدل والإنصاف».
وأكد على أن المطلب راهنة بضرورة إصلاح قانون المحاماة وتأهيله ليستجيب لمختلف التحولات المجتمعية الراهنة، خدمة للعدالة وتقوية لدور المحامي في الدفاع عن دولة القانون والمؤسسات وصيانة حقوق الإنسان، لا يعد المبادرة الإصلاحية الأولى من نوعها، بل سبقتها مبادرات إصلاحية أخرى، آخرها كان الإصلاح الذي توج بالقانون (رقم28.08) المنظم لمهنة المحاماة، والذي أرسى حلولا كفيلة بتسوية عوائق وتحديات كانت تفرض راهنيتها وقتذاك، من قبيل معالجة اختلالات الودائع، وتمنيع وتقوية استقلالية المهنة وحصانتها، ووسعت من مجال احتكار تمثيلية الأطراف أمام القضاء.
و أضاف في نفس السياق، أن الأمور ستتغير بشكل كبير فيما ستقدمه الحكومة التي ستأتي بعد دستور 2011 في مخالفة لما أتى به هذا الدستور من الأمر بضمان المحاكمة العادلة وضمان حقوق المتقاضين كما هي محددة في الفصول من 117 إلى 198. موضحا أن القوانين التي أصدرتها قلصت من مجال مهام المحامي. وأنقصت من الحقوق التي اكتسبها قبل مجيئهان و ذلك في تعارض واضح مع خطابها المليء بالحديث على الاهتمام بمصلحة المتقاضي. والحديث على النجاعة القضائية.
وشدد الكاتب الأول على حرص القانون المنظم للمهنة على إعادة تعريف مهنة المحاماة باعتبارها رسالة ذات أبعاد حقوقية وإنسانية، واعتبارها شريكا للقضاء في إنتاج وتحقيق العدالة وسيادة القانون، مؤكدا أن هذه الشراكة تستلزم تقوية وتمنيع استقلالية المهنة وحصانة الدفاع. وضرورة استحضار مقتضيات الفصل 19 من الدستور بشأن المساواة بين الجنسين، وما تقتضيه المواثيق الدولية بشأن مقاربة النوع، من خلال التنصيص في القانون المنظم للمهنة على وجوب تمثيل المحاميات في المؤسسات المهنية بتناسب عددهن في الهيئة في أفق المناصفة.
كما عرج على الأوضاع المستجدة في المهنة، وتزايد الإقبال عليها، وتوفير شروط استقبال تحفظ كرامة المحامين، لا بد من توسيع مجال احتكار المهنة. حيث يتعين اعتماد مقاربة المباراة على قاعدة الاحتياجات الفعلية للمهنة عوض منهج الامتحان المعتمد حاليا مع ما يخلفه من آثار.
من المؤكد، يقول لشكر، على أن مهنة المحاماة توجد في قلب تطورات حادة بفعل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، وحتى يتمكن المحاميات والمحامون من مواكبتها، لا مناص من الاهتمام بضرورة تحديث مكاتب المحامين وأساليب الاشتغال، كما يقتضي العناية بالتكوين والتكوين المستمر لمواكبة المستجدات وتملك الثقافة القانونية والعامة، ما يفرض على الدولة تحمل أعباء إعداد مراكز للتكوين الجهوية، تقدم خدماتها للقضاة والمحامين، باعتبار أن العدالة تعتبر صمام أمان المجتمع، وعنوانا لاستقراره المؤسساتي، وقطاعا فاعلا في مجال تشجيع الاستثمار، هذه وغيرها من القضايا المطروحة على مؤتمرنا هذا، الذي يزخر بالطاقات والكفاءات، وبغنى التجربة الميدانية التي اكتسبها قطاع المحامين الاتحاديين لأزيد من نصف قرن من الحضور الجاد، الفاعل، والمتميز في مختلف مؤسسات ومنتديات ومؤتمرات المحامين وطنيا ودولي.
و قال أيضا «علينا في كل هذه القضايا ذات الصبغة الآنية، أن لا نغفل التفكير أيضا، في قلب مناقشة إصلاح قانون المهنة وحوله، في أوضاع جمعية هيئات المحامين بالمغرب، هذا الإطار العتيد، الذي شكل منذ تأسيسه على يد رواد المحاماة ببلادنا، قوة دفع حقيقية في النضال من أجل الديمقراطية ودولة الحق والقانون والمؤسسات، وحصنا منيعا لحماية الحقوق والحريات في أصعب الظروف.»
و أكد الكاتب الأول في كلمته الافتتاحية، أنه على المحاميات والمحامين المغاربة الانكباب، بشكل جماعي، على التفكير الجدي في تأهيل مهنتهم حتى يكون لهم موقع في مستقبل تنهار فيه كل الحدود، وخاصه في مجال ترحيل الخدمات. وأوضح قائلا» سنكون في مواجهه مكاتب كبرى للمحاماة عابره للقارات، وهو التأهيل الذي يجب ان ينبني على تحديث وسائل ممارسه المهنة، من خلال مواكبة التطور المعلوماتي في تدبير المكاتب والتقاضي عن بعد، وتملك اللغات الحية الواسعة التداول، واكتساب متين للقوانين الوطنية والدولية.»
من جهته ، أكد علال البصراوي منسق قطاع المحامين الاتحاديين ، على أن المؤتمر ينعقد في سياقات مختلفة خاصة في ظل الآثار المترتبة عن الزلزال المدمر الذي ضرب عدة أقاليم بالحوز وكذا العدوان الصهيوني المتواصل على فلسطين.
وأوضح أن المؤتمر ينعقد تجسيدا ووفاء لمسيرة هذا القطاع، ويربط مهنة المحاماة بأدوارها داخل المجتمع ومساهمة المحامي في بناء الدولة الحديثة الديمقراطية. مشيرا إلى أنه لا ينبغي حصر المحاماة في وظيفة الحصول على العيش بل الدفاع عن الحقوق والحريات والديمقراطية والحرية.
و شدد على أن المحاماة تحمل في طياتها رسالة نضالية، وكانت دائما في مقدمة الصفوف كلما تعلق الأمر بالدفاع عن القضايا الوطنية، خاصة قضية الوحدة الترابية والتصدي لمناورات الخصوم.
و سجل علال البصراوي، أن السياق الخاص الذي ينعقد فيه المؤتمر يتمثل في التفكير في مستقبل المهنة والارتقاء بها في ظل منظومة العدالة التي كرس دستور 2011 مبادئها.
ولم يفت البصراوي، أن أكد في كلمته خلال هذا المؤتمر، على أنه تم ضرب جسم المحاماة بقوة وتعطيل مسار رجال ونساء الدفاع، واتهامهم بالفساد ، كما تم إغلاق قنوات الحوار مع المحامين، وفرض المزيد من الضرائب عليهم، والحجز على ممتلكاتهم، في غياب دعم الدولة للمحامين والمحاميات وتكريس التفرقة بينهم، وعدم احترام حقوقهم والدفاع عن مكتسباتهم.
وخلص البصراوي، إلى أن قطاع المحامين يتوفر على الجرأة النضالية للقيام بالنقد الذاتي، في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها مهنة المحاماة، وفي ظل ما يفرضه الواقع اليوم من تحديات.
وتساءل البصراوي، عن ما يمكن فعله من إجراءات وخطوات للارتقاء بالمهنة ورد الاعتبار لها.
وفي كلمة محمد الحميدي نقيب هيئة مراكش، أكد هو الآخر على أن المؤتمر ينعقد في ظرفية دولية ومتغيرات وتحولات، خاصة معاناة الشعب الفلسطيني وكفاحه ضد الاحتلال، وسعيه إلى العيش الكريم وإقامة دولته والتي عاصمتها القدس.
وسجل، بأن المؤتمر يأتي في إطار دينامية تنظيمية متواصلة يعرفها القطاع، قصد تطويرالمهنة والارتقاء بها وتجاوز التحديات.
المنسق المحلي للقطاع بمراكش الأستاذ عبد الفتاح الكاكي، سجل في كلمته بأن المؤتمر يشكل لحظة تاريخية يلتئم فيها المناضلون الاتحاديون في قطاع المحاماة، خاصة في مدينة مراكش التاريخية لما لها من دلالات عميقة وتاريخ طويل من النضال والكفاح من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة.
و أشار إلى أن مدينة مراكش احتضنت العديد من اللقاءات و المحطات النضالية والتاريخية للمحامين وكانت شاهدة على اللحظات النضالية التي خاضها الاتحاد الاشتراكي في السنوات السابقة من تاريخ المغرب.
وأوضح الكاكي «أننا استحضرنا العديد من المحطات التي ظلت راسخة في التاريخ، التي كان لها آثار في رسم خطة القطاع والمستقبل المهني و تحسين الأداء المهني و تطوير مهنة المحاماة مع تطورات وتغييرات المجتمع. مشددا على أنه يجب تقوية المهنة والارتقاء بها وتطويرها تماشيا مع التطورات الحاصلة من أجل الولوج المستنير للعدالة والتوجه نحو المستقبل الحداثي والديمقراطي وترسيخ مبادئ المحاكمة العادلة والحرية والمساواة.»


الكاتب : مراكش : عبد الصمد الكباص / مصطفى الإدريسي تصوير: رمزي

  

بتاريخ : 20/11/2023