ترأس الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر، مساء الأحد 28 يناير، أشغال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي للحي الحسني، تحت شعار «إصلاح القوانين الانتخابية مدخل للديموقراطية المحلية والحكامة الترابية»، من أجل العمل على تخليق الحياة السياسية ورفع التحديات المطروحة على ساكنة الحي الحسني على مختلف المستويات.
وقد حرِص إدريس لشكر، في المحطة التنظيمية الرابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالدار البيضاء، والتي عرفت توافُد عددٍ كبير من الاتحاديات والاتحاديين، على التأكيد أن «من لا تاريخ له لا مستقبل له» دعوة منه إلى الانطلاق من إرث القيم وتركةِ السلف، والتأمل في كل ما هو مشترك دون النظر إلى الخلف، على اعتبار أن أي إنجازات سواء تعلق الأمر بحكومة التناوب أو استراتيجيات النضال الديموقراطي وغيرها، لابد أن تجد لها منتقدا أو من لا يثق بها لأن من طبيعة الإنسان الحذر من الأمور قبل لمسها.
وجدد المسؤول الحزبي التأكيد على أن الاتحاد الاشتراكي ليس عدميا لوَعيه بالمشاريع والمنجزاتِ كالتغطية الصحية والحماية الاجتماعية والدعم المباشر، وغيرها من المشاريع الكبرى التي يستحيل أن يكون معها الشخصُ عدميا خاصة من كانت لديه مرجعية اشتراكية اجتماعية، مشيرا إلى أن هذا الموقف ليس وليد اليوم بل هي أمور ملموسة، لكنها لا تمنع من وجود ملاحظات على مستوى التدبير.
الحكومة اعتمدت للدعم المباشر مِسطرة أدت إلى تغييبِ مجموعة من الفئات المستحقة له
وفي هذا الصدد توقف القيادي الاتحادي عند مشروع الدعم الاجتماعي المباشر» الذي اعتمدت له الحكومة مِسطرة أدت إلى تغييبِ مجموعة من الفئات المستحقة له»، مؤكدا استمرار نضال حزب الاتحاد الاشتراكي لمراجعة هذه المساطر، قبل أن يشير إلى أن هذا الدعم كان من المُفترض أن ينظمه القانون، قائلا :» الحكومة أتت لنا بقانون ومِن موقعنا كاشتراكيين لا يمكن إلا أن نكون مع هذا القانون في شموليته خاصة وأنهم ربطوه بضرورة الإسراع لكي تستفيد منه المواطنات والمواطنون، لهذا كنا في موقع لم نُدقق معه وانخرطنا من أجل أن يخرج هذا القانون إلى الوجود»، كما اعتبر أن تمرير هذا القانون جاء في إطار يُمَكِّن السلطة التنظيمية (الحكومة) من التحكم في كل شيء، مما يجعل الأمر كنوع من اختلاس لاختصاصات البرلمان.
وصِلَة بالموضوع تحدث لشكر عن شعار المؤتمر الذي اختار «إصلاح القوانين الانتخابية مدخل للديموقراطية المحلية والحكامة الترابية»، مؤكدا صعوبة الحديث عن الديموقراطية لِكَون رئيس الهيئة المكلفة بالدعم المباشر هو رئيس الحكومة، داعيا إلى استقلالية آليات هياكل تدبير هذا المشروع على اعتبار أن رئيس الحكومة هو رئيس حزب بالأغلبية وأن ملايين الأسر التي تستفيد من هذا الدعم قد تُعتبر رصيدا انتخابيا في الاستحقاقات المُقبلة، مِما يستدعي مراجعة الهيئة المسؤولة عن هذا المشروع، قبل أن يستشهد بالهيئة المستقلة للكهرباء والطاقة التي لا تترأسها الحكومة.
الحكومة كانت محظوظة
بالأوراش الملكية الكبرى لكنها لم تزدد إلا تغولا
كما تحدث الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عن التوازن المؤسساتي، مذكرا باختيار رئيس الحكومة لحلفاءٍ كان في الأمس القريب على خلاف معهم، ليضيف قائلا :» بعد جائحة فيروس كورونا وخُطب جلالة الملك محمد السادس في ما يتعلق بالجانب الاجتماعي والمبادرات التي اتُخذت في هذا الاتجاه، قلنا إن هذه الحكومة محظوظة حيث توفر لها كل الدعم من أجل الاشتغال على مشاريعَ وفتحِ أوراش، خاصةً أنها أوراش استراتيجية مثل الماء والطاقة والبنيات الأساسية والحوار الاجتماعي.. وأمام كل هذا قلنا إننا سنتعامل كمعارضة بكل مسؤولية مع هذه الحكومة، فماهو إيجابي سنقول إنه إيجابي وانخرطنا فيه بالبرلمان وصوتنا عليه، لكن شعرنا بأن هذه الحكومة لا تزداد إلا تغولا فحتى الاختصاصات الممنوحة للبرلمان وحقوق المعارضة والتغول لا في الجهات والجماعات والتعيينات أضحت كالكعكة».
كما تحدث لشكر عن الازدواجية عند تذكيره بموقف رئيس الحكومة في الولاية السابقة الرافض للدعم المباشر انطلاقا من إمكانية تسخيره من طرف حزب سياسي معين، وتغير موقفه اليوم بامتلاكه لهذه الصلاحيات التي تحدث عنها سابقا، داعيا إلى ضرورة وجود ضمانات حقيقية للأحزاب تؤكد أن هذا الدعم لن يستخدم في الأجندات السياسية لهذا الحزب أو ذاك.
واستمرارا في حديثه عن التوازن المؤسساتي ذكَّر إدريس لشكر بالراحل جلالة الملك الحسن الثاني عندما انطلق في وضعه للدستور من استحالة وجود نظام الحزب الوحيد، وسعيه إلى التعددية لضمان توازن السلطات، كما ذكر أيضا في إطار التوازن المؤسساتي عندما شكل الاتحاد الاشتراكي أغلبية تطلبت 7 أحزاب سياسية قائلا :» في ما يتعلق بالجانب المؤسساتي إذا كانت الحكومة يترأسها اتحادي فمجلس النواب ترأسه اتحادي لكن السلطة التشريعية في توازنها جعلت رئيس مجلس المستشارين من المعارضة لضمان التوازن المؤسساتي.. سواء في حكومة السي عبد الرحمان اليوسفي أو في حكومة سي عباس الفاسي أو في حكومة سي إدريس جطو، من أجل ضمان التوازن المؤسساتي، وحتى لا تتغول سلطة على سلطة، فالمغرب حريص على هذه التوازنات».
ليس من مصلحة البلاد أن يختل هذا التوازن السياسي
وتابع الكاتب الأول لحزب الوردة قائلا : «في هذه الولاية رئيس الحكومة من الأغلبية ورئيس مجلس النواب من الأغلبية ورئيس مجلس المستشارين من الأغلبية أيضا، وها أنتم ترون مجلس المستشارين الذي من المفروض أن يكون مجلسا للنقابات، تلك النقابات اجتماعيا ليس هنالك معبر قوي عنها إلا أحزاب المعارضة ومع ذلك لانجدها في تصويتها مع أحزاب المعارضة حتى في التصويت على القانون المالي.. هذه الأوضاع تمس بالتوازن المؤسساتي في البلاد وليس من مصلحة البلاد أن يختل هذا التوازن لأن اختلاله هو الذي أدى بكائنات انتخابية إلى أن تتحكم في تفاصيل الجهة وتوزع الأدوار، لهذا لابد أن تعود الأمور إلى مسارها ولا يمكن أن تعود إلى مسارها إلا بإصلاح القوانين الانتخابية «، مشيرا إلى أنه بدون هذا الإصلاح واستنكار خرق القوانين، فسيستحيل لأي كان وكيفما كانت الإرادة أن يهزم غدا هذه الكائنات الانتخابية، وسيكون من الصعب أن تتغير الأمور وسيستمر هؤلاء في صياغة القوانين التي ستضمن لهم الاستمرارية في مواقع المسؤولية.
واسترسل القائد الحزبي قائلا :» أكثر من ثلاثة أرباع البرلمان في المغرب كلها في يد الأغلبية يعني حتى إذا أردت استدعاء رئيس الحكومة من أجل إلقاء تصريح فلا يحق لك ذلك لأنك إذا جمعت المعارضة كلها بالبرلمان لا تصل إلى الثلث، ورئيس الحكومة متى شاء يمكنه أن يأتي من أجل تقديم تصريح وقد يكون بمثابة استعراض للمشاريع التي ينوي تقديمها، والمعارضة يجب عليها جمع الثلث وحيث أنها لا تتوفر على الثلث فلا يمكنها استدعاء رئيس الحكومة وتصبح في وضعية عوض أن تكون هذه الجلسة جلسة مسائلة ومراقبة، وهذا هو دور البرلمانات في العالم، تتحول إلى جلسة استعراضية يتحرك فيها رئيس الحكومة كما يشاء ويقول ويبلغ ما يشاء، ويمكن أن يقدِّم الأمور على غير شاكلتها».
وعن التحضير لاستحقاقات 2026 أكد « أنه سيتم التحضير لها مركزيا عبر طرح مسألة إعادة النظر في كل القوانين التنظيمية المنظمة للإطار العام للمؤسسات سواء المتعلقة بانتخابات البرلمانيين أو الجماعات والمقاطعات والجهات والأقاليم، قائلا: « نحن على هذه المسافة الزمنية سنكون الحزب الأول في المغرب الذي يدعو إلى حوار جدي فلنبدأ الناقش من اليوم إذا أردنا تفادي ما وقع، وفضح الكثير، لابد أن نفتح حوارات جدية حوله، ولابد من ذلك حتى يجدد الأمل لدى الشباب ولدى كل من فقد الثقة، ليشعر بأن سلطة المال ليست هي من يتحكم غدا، لذا يجب أن نجد صيغا من أجل أن يتقدم للانتخابات هؤلاء الشباب الذين بإمكانهم ذلك من واقع القرب إذا كانت الدوائر فردية على مستوى المقاطعات».
وختم إدريس لشكر تصريحه بضرورة فتح حوار جدي حول كل هذه المقترحات من أجل الوصول إلى ما أكد عليه جلالة الملك محمد السادس في الذكرى الستين للبرلمان المغربي عندما خاطب البرلمان وتحدث عن الجدية وعن ضرورة تخليق العمل الحزبي وعن ضرورة البحث عن الممثل الحقيقي.
من جانبه كشف الكاتب الجهوي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بجهة الدارالبيضاء سطات، مهدي مزواري أن عقد المؤتمر الإقليمي للحي الحسني، والمحطات التنظيمية التي قبله وستليه، ليست اشتغالا لملء فراغ بل لهدف بناء تنظيمات حزبية قوية حقيقية، ووضع دفاتر تحملات من أجل بناء الغَد.
وأكد مهدي مزواري، خلال هذه المحطة التنظيمية الرابعة، على رفعِ حزب الاتحاد الاشتراكي وكاتبه الأول ومكتبه السياسي وجميع مُناضلاته ومناضليه، تحدي التنظيم بالدارالبيضاء، بأن يوجد على مستوى كل عمالة كتابة إقليمية تشمل نُخبا اتحادية لها من الكفاءة ما يجعلها قادرة على رفع التحديات التي يواجهها المواطنون والمواطنات.
وقد عاد عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي بالذاكرة إلى ما قبل 25 سنة عندما أطلق جلالة الملك محمد السادس خطابا تاريخيا من الدارالبيضاء حول المفهوم الجديد للسلطة، مشيرا إلى أنه وبعد مرور أكثر من عقدين من الزمن لا أحد يتحدث عن بقاء السلطة وغياب مفهومها الجديد، مبرزا النقاش الموجود داخل الحزب وخلاصات المجلس الوطني وحرص الاتحاد على القيام بوقفات أساسية في عدد من المواضيع عبر تصريحات الكاتب الأول بمختلف المؤتمرات والمحطات الوطنية لمناقشة هذه الأمور وتقييمها.
11 سنة مرت على الخطاب الملكي الذي خصص لمدينة الدارالبيضاء، وماذا تغير؟
كما ذكَّر مزواري بالخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية لسنة 2013، عندما خصص جلالة الملك محمد السادس، خطابا للمدينة، مشيرا إلى أنه كان من أكثر الخطابات التي كان فيها نقدٌ تجاه التسيير الجماعي للدارالبيضاء آنذاك، ليُضيف الكاتب الجِهوي متسائلا :» منذ أكتوبر سنة 2013 إلى الآن مرت ولايتان.. ماذا تغيَّر خلال هذه السنوات الأحد عشر؟ هل اتخذت الأمور منطقا معينا؟ لا على مستوى الخارطة الانتخابية التي لم تُترَك لتَسِير كما يجب منذ سنة 2002، يقولون إنها مدينة العمارات والقطب المالي لكنها كذلك مدينة أحياء الصفيح والهشاشة والفقر، وهذا دورنا كاتحاد اشتراكي اليوم في الأقاليم والجهة، أن نعمل على نقدٍ وتقييمٍ لمسارِ التنمية في مدينة الدارالبيضاء، لا على مستوى المدبرين والمنتخبين ولا على مستوى اختيار لجان الإدارة الترابية».
وتابع المتحدث قائلا :»ليس هناك منطق واحد يحكم هذه العملية برمتها على مستوى مدينة الدارالبيضاء، لذلك بعد 11 سنة المدينة اليوم تشتغل بدون برنامج تدبير وحتى برنامج التدبير الذي وضعه المنتخبون أو المدبرون أو ثلاثي التغول هو برنامج فيه أحلام مالية من الصعب أن تتحقق، أربعة آلاف مليار سنتيم في مدينة لديها 700 مليار من المديونية
و1800 مليار الباقي استخلاصه واجبة لكنهم غير قادرين على استخلاصها من قبل الشركات والمؤسسات لعدم القدرة على توفر إدارة جبائية لاستخلاص هذه الأموال، برنامج التنمية الدارالبيضاء ومستقبل الدارالبيضاء، هل هذه النخب هي التي ستسيره؟».
كما شدد المسؤول الاتحَادي قائلا:» إن مدينة الدارالبيضاء في أزمة كبيرة جدا والمطلوب من حزبنا أن نُقدم إجابات بتواضع إلى جانب أطراف أخرى يجب أن نجيب عن عدد من الأسئلة المطروحة على مستوى مدينة الدارالبيضاء، لذلك هذه المؤتمرات، وهذه اللقاءات هي بداية لتلك الأجوبة.. هنالك أمور كثيرة مطلوبة وأشياء كثيرة يحب القيام بها لكن هنالك حاجة إلى ضمير حي سياسي، وهو الاتحاد الاشتراكي داخل الحي الحسني والحي المحمدي وأنفا والبرنوصي وعين الشق وداخل مدينة الدارالبيضاء بصفة عامة، وهذه الأمور لابد في يوم من الأيام أن تعطي ثمارها».
وختم الكاتب الجِهوي للحِزب بجهة الدارالبيضاء- سطات تدخله بالتأكيد على احترام المبادئ القانونية والدستورية، مضيفا «هنالك مصطلح اليوم يروج كثيرا وهو مصطلح «قرينة البراءة»، وأيضا يجب أن نناقش مصطلحا آخر وهو «قرينة الكفاءة» التي لن تتحقق إلا مع حزب واضح في أفكاره وبرنامجه من أجل تغيير وضعية مدينة الدارالبيضاء».
وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الإقليمي للحي الحسني، والذي عرف انتخاب المناضل الاتحادي أنور عمامة كاتبا إقليميا للكتابة الإقليمية الحي الحسني، قد عرف تكريم ثلة من المناضلات والمناضلين الاتحاديين الذين قدموا الكثير للعمل الحزبي، كما عرف اللقاء وقفة تكريم وتقدير لأرواح المناضلات والمناضلين الذين فقدهم الحزب في الفترة الأخيرة.