تعددت مظاهر التضييق النقابي خلال الأسابيع الأخيرة التي تستهدف الشغيلة الصحية في عدد من المواقع، وطفت تفاصيل هذا التضييق أكثر، الذي ينضاف إلى الأزمة المسجلة وطنيا في قطاع الصحة، والذي يراه البعض بأنه بات ممنهجا ويطرح أكثر من علامة استفهام، في جهة الدارالبيضاء سطات، من خلال ممارسات المدير الجهوي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وهو ما دفع بتنسيق نقابي قطاعي مكون من ستّ نقابات للدعوة إلى خوض اعتصام بمقر المديرية الجهوية بعد غد الأربعاء، احتجاجا على إغلاق باب الحوار، وعلى تجاهل المراسلات الموجهة للمسؤول الصحي، وضدا عما يعتبره المنتقدون «تجاهلا لمطالب الشغيلة وتأجيجا للوضع وزرعا للاحتقان»؟
وضعية تكررت فصولها في مدينة تطوان، التي شهدت هي الأخرى اعتصاما لعشر ساعات يوم الخميس الأخير داخل أروقة المستشفى الإقليمي سانية الرمل، وذلك احتجاجا على عدم التزام مدير المستشفى بمخرجات الحوار الاجتماعي القطاعي على المستوى المحلي، تبعا لاجتماع سابق تم عقده في 13 نونبر بهذا الخصوص لمناقشة المشاكل التدبيرية واختلالات العرض الصحي بشقيه الوقائي والاستشفائي، وهو الاجتماع الذي ترأسه المدير الإقليمي للوزارة وعرف حضور مجموعة من المسؤولين.
وخاض فيدراليو الصحة الاعتصام الذي جاء كردّ فعل على عدم توقيع مدير المستشفى على المحضر رغم تضمنه لتوقيع المدير الإقليمي، وعلى ممارسات تتمثل في إفشاء المسؤول الأول عن المستشفى مجريات الاجتماع والترويج لمغالطات تهدف إلى خلق التصدع في أوساط الشغيلة الصحية، وفقا لتصريح مصدر نقابي لـ «الاتحاد الاشتراكي»، مما تسبب في احتقان كبير وفي تصدع الثقة التي يجب أن تربط بين الفاعل النقابي والمؤول خدمة للصالح العام.
اعتصام، أبرزت مصادر الجريدة أنه تم تعليقه بعد ساعات من خوضه، بتدخل من الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو المؤسس للفيدرالية الديمقراطية للشغل، والمديرة الجهوية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية وعدد من مسؤولي القطاع والسلطات المحلية، حيث تم الاتفاق على التوقيع على محضر لتنزيل مخرجات الحوار مع تقديم مدير المستشفى لاعتذار مكتوب، حيث قرر فيدراليو الصحة بتطوان التعبير عن حسن النية بوقف الاحتجاج ومتابعة الوضع ومدى الحرص على التنزيل السليم لما تم الاتفاق عليه.
وفي الداخلة، استنكر تنسيق نقابي يتكون من ثلاث نقابات قطاعية، ما اعتبره تجاهلا من مدير المستشفى الجهوي الحسن الثاني لطلب اللقاء الذي تم توجيهه إليه، معتبرا أن ردّ فعل المسؤول الإداري يعتبر استخفافا بحقوق الشغيلة الصحية العاملة بالمستشفى، خاصة أن هذه الخطوة جاءت بهدف مناقشة صرف التعويضات المتعلقة بـ «الأمر بمهمة لغرض المصلحة»، وكذا «صرف التعويضات عن الحراسة والإلزامية والمداومة».
واعتبر مصدر نقابي في تصريح للجريدة، بأن موقف المدير هو مناقض لمضامين الدورية رقم 11 بتاريخ 4 فبراير 2019 التي دعت في موضوعها إلى مأسسة وتنظيم الحوار الاجتماعي بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والذي يعتبر آلية أساسية لتطوير التعاون بين الشركاء الاجتماعيين ووسيلة أساسية لتعزيز الديمقراطية التشاركية وتحقيق السلم الاجتماعي، مشددا على أن التنسيق النقابي حاول لمرات عديدة اعتماد الحوار البناء من أجل إيجاد حلول توافقية للمشاكل التي تعاني منها المؤسسة، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل. هذا وقد عبّر التنسيق النقابي عن استنكاره لسلوك مدير المستشفى، داعيا كافة الجهات المسؤولة إلى التدخل العاجل لوضع حد لهذا الأمر، وإلزام المسؤول بفتح حوار جاد مع المكاتب النقابية، مع تحميله مسؤولية هذا الاحتقان الذي تسبب فيه، وفقا لنصّ بلاغ في الموضوع تتوفر الجريدة على نسخة منه، وفي انعكاسات هذا الوضع على جودة الخدمات المقدمة للمرضى.
يذكر أن نفس الاحتقان تعرفه عدد من المناطق والمؤسسات الصحية العمومية، كما هو الحال بالنسبة لميدلت، وسيدي إفني، وبني ملال، وتازة، وهو الأمر الذي يؤثر على سير الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، حيث يرى عدد من الفاعلين النقابيين في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن ممارسات بعض المسؤولين من مستويات مختلفة تقوّض كل الجهود المبذولة من طرف فرقاء اجتماعيين لتكريس جو الثقة بينهم وبين الإدارة وممثليها، من مدراء جهويين وإقليميين ومدراء مستشفيات، وترفع من حجم التوتر في نفوس الشغيلة الصحية، الأمر الذي دفع المنتقدين من خلال تصريحاتهم إلى دعوة الوزارة مركزيا لإعطاء النموذج والقدوة لتصحيح الوضع، وحث ممثليها في كل المستويات على الدفع بالسلم الاجتماعي لا بالمزيد من التوتر داخل قطاع ينتظر منه الجميع الشيء الكثير، بالنظر لحجم التحديات المطروحة عليه والانتظارات الكبرى للموطنات والمواطنين منه.
في الدارالبيضاء، تطوان، الداخلة وغيرها : مسؤولون يضيّقون نقابيا على الشغيلة وينشرون الاحتقان في المؤسسات الصحية العمومية
الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 25/11/2024