في تقديم حصيلة الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بمناسبة اختتام الدورة التشريعية الثالثة للولاية التشريعية الحادية عشرة

الفريق الاشتراكي يدعو الحكومة إلى ضرورة التفاعل الإيجابي مع المؤسسة البرلمانية ومع المعارضة من خلال تفعيل المنهجية التشاركية الحقيقية

 

 

دعا الفريق الاشتراكي بمجلس النواب الحكومة إلى ضرورة التفاعل الإيجابي مع المؤسسة البرلمانية ومع المعارضة، بشكل خاص، من خلال تفعيل المنهجية التشاركية الحقيقية، وإلى ضرورة الانكباب على سن سياسات عمومية بخلفية اجتماعية، ومباشرة الإصلاحات الضرورية لتحقيق الإقلاع التنموي الشامل.
وشدد الفريق الاشتراكي، في بلاغ صادر عنه بمناسبة اختتام الدورة التشريعية الثالثة من السنة التشريعية الثانية للولاية التشريعية الحادية عشرة، على أن الخلفية الوحيدة التي حكمت أداء الفريق الاشتراكي، هي رغبته النابعة من مسؤوليته في الرقي بالإنتاج التشريعي والرقابي، وسيظل الفريق الاشتراكي من موقعه في المعارضة، ضميرا منبها ومنتقدا، بشكل مسؤول وبناء، لكل الانحرافات المتناقضة مع أسس وغايات الدولة الاجتماعية دفاعا عن حقوق المواطن وعن العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص.
وحرصا منه على الدور المهم الذي تضطلع به المؤسسة البرلمانية في الحياة السياسية وفي الممارسة الديمقراطية في البلاد، أبرز  الفريق الاشتراكي في بلاغه بمناسبة اختتام الدورة التشريعية الثالثة  للولاية التشريعية الحادية عشرة، وتقديم حصيلة عمله بمناسبة اختتام كل دورة من دورت المجلس، مساهمته المكثفة في أشغال مجلس النواب، إلى جانب كل مكونات المجلس، بهدف حماية التوازن المؤسساتي وتحصين التعددية السياسية بالبلاد.
وسجل الفريق الاشتراكي، في هذا الصدد، انخراطه، بكامل المسؤولية والجدية، في ورش مراجعة النظام الداخلي للمجلس بهدف تجويد العمل البرلماني، وتعزيز موقع المؤسسة البرلمانية. مع حرص مقترحاته وتعديلاته، على تدارك النقائص وتعزيز تراكمات التجارب النيابية السابقة، من خلال تطوير الوظائف الرقابية وتوسيعها.
وأوضح نفس المصدر أن أبرز مراجعة تتجلى في إعادة النظر في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، الموكولة رئاستها دستوريا للمعارضة البرلمانية، وتسميتها بلجنة حقوق الإنسان والحريات والعدل والتشريع قصد توسيع اختصاصاتها ومهامها التشريعية والرقابية، مؤكدا أن أهمية هذا التعديل تكمن في انسجامه مع التوجهات الأممية الرامية إلى تقوية أدوار البرلمان في مجال حقوق الإنسان، ومأسسة العلاقة بين مجلس النواب والمؤسسات والهيئات الدستورية المعنية، وذلك طبقا لمبادئ بلغراد باعتبارها الوثيقة المرجعية الدولية الأساسية في هذا المجال.
وبالموازاة مع ذلك، أكد الفريق الاشتراكي، انطلاقا من أدواره التاريخية واقتناعه المبدئي بأولوية مصلحة الوطن، انخرط بحسه الوطني المعهود في المجهود البرلماني لتفعيل التوجيهات الملكية السامية، وخاصة تلك المتضمنة في خطاب جلالته بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية، والمتعلقة بإقرار إطار تشريعي يعزز المنظومتين الاقتصادية والاجتماعية. مساهمته بشكل فعال في اعتماد القانون – الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار والقانون – الإطار رقم 22.06 يتعلق بالمنظومة الصحية، واللذين من شأنهما تطوير الأداء التنموي وتقوية التماسك المجتمعي وترسيخ العدالة الاجتماعية والمجالية للبلاد، حيث ظل الفريق الاشتراكي، في مختلف المراحل التشريعية التي عرفتها هذه الدورة، صوتا منبها إلى ضرورة احترام روح الدستور ومتطلبات الدولة الاجتماعية، ودافع، كمعارضة مسؤولة وقوة اقتراحية، عن تجويد النصوص التشريعية، لاسيما النصوص التأسيسية منها، لتكون دعامات أساسية في صرح الدولة الاجتماعية التي يريدها المغرب والمغاربة.
إلى هذا، ساهم الفريق الاشتراكي في النقاش المؤسساتي والعمومي المرتبط بأزمة ندرة المياه حيث نبه إلى ضرورة إبداع حلول مبتكرة لتنويع مصادر الثروة المائية للاستجابة إلى الحاجيات المتزايدة للمواطن المغربي وللنشاط الفلاحي الوطني، مؤكدا على المعالجة الاستعجالية والاستباقية لهذه الإشكالية، ويثير الانتباه إلى أن الأمن المائي يعد أحد المرتكزات الأساسية للأمن العام لتأثيره القوي في جهود التنمية ومتانة التماسك الاجتماعي. ويعبر عن خشيته من المس بالأمن المائي، على المدى المتوسط والبعيد. في ظل استمرار الحكومة في اختياراتها الاقتصادية المحكومة بالأدبيات الاقتصادية الليبرالية، وبتمسكها بتوجيه الدعم لنمط زراعي يسهم في استنزاف الموارد المائية. إنها المواقف التي يؤكد عليها الفريق الاشتراكي لحماية الثروة المائية الوطنية وتعزيزها، ويسعى إلى الدفاع عنها من خلال ترؤسه لمجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية حول موضوع الماء، والتي ينتظر أن تنبثق عن أشغالها توصيات أساسية، نأمل أن تأخذ بها الحكومة في بلورة استراتيجية وطنية لمعالجة إشكالية الماء.
وانسجاما مع هويته السياسية، التي تجعله في طليعة المدافعين عن إقامة الدولة الاجتماعية، عمل الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، طيلة مسطرة المصادقة على قانون المالية برسم سنة 2023، على تنبيه الحكومة إلى كون اختياراتها الاقتصادية تناقض طموح بناء الدولة الاجتماعية، لكونها تخضع لمنطق الموازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية. وهو ما جعله ينتقد بقوة عجز الحكومة في إعادة التوازن الاجتماعي، وقصورها عن إقرار تدابير حقيقية لمواجهة الارتفاع المهول لأسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات، وبالتالي عجزها عن حماية القدرة الشرائية للمواطن التي ما زالت تتضرر إلى اليوم.
ومن جهة أخرى حرص الفريق الاشتراكي خلال هذه الدورة، من موقعه في المعارضة، على الترافع حول القضايا الوطنية وقضايا المواطنات والمواطنين، مسجلا استمرار الحكومة في أداء مهامها بنفس الوتيرة التي حكمته منذ تعيينها وتنصيبها، وهي الوتيرة الموسومة بالبطء والتعثر في التعاطي مع العديد من القضايا الراهنة والمستعجلة، كما نسجل تواضع التفاعل الحكومي مع مقترحات القوانين التي تقدم بها الفريق، حيث وكما كان عليه الأمر خلال الدورة السابقة، لم تقبل الحكومة خلال هذه الدورة أيضا سوى مقترح قانون واحد من مجموع مقترحات القوانين التي تقدم بها الفريق الاشتراكي، ويتعلق الأمر بمقترح قانون يقضي بتغيير المادتين 2 و 4 من القانون رقم 83.17 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي.
كما سجل الفريق الاشتراكي من خلال نفس البلاغ تجاهل الحكومة للعديد من التعديلات التي تقدم بها الفريق بخصوص  مجموعة من مشاريع القوانين التي عرضت للمصادقة، سواء على مستوى اللجان الدائمة أو على مستوى الجلسات العامة. معبرا عن أسفه لعدم تعاطي الحكومة مع مجمل المبادرات التشريعية التي بادر الفريق الاشتراكي باتخاذها.  وعلى المستوى التشريعي، سجل الفريق الاشتراكي، بالرغم من تواضع التجاوب الحكومي مع المبادرات التشريعية للفريق، إذ لم تتفاعل الحكومة مع مجموع المقترحات التي تقدم بها إلا مع مقترح واحد، كما أنها لم تقبل معظم التعديلات التي تقدم بها على مشاريع النصوص المعروضة للمصادقة، إلا أن الفريق الاشتراكي قد عمل ومن خلال تكثيف جهود كل عضواته وأعضائه، على المساهمة في الرقي بالإنتاج التشريعي لمجلس النواب، حيث تمكن من تفعيل الجزء المخصص من مخططه التشريعي لهذه الدورة كاملا،
وأبرز الفريق الاشتراكي أنه بادر إلى تقديم خمسة مقترحات قوانين، ويتعلق الأمر بالمقترحات التالية: مقترح القانون الذي يقضي بتغيير وتتميم المادة 33 من الظهير الشريف رقم1.02.239 الصادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002)  بتنفيذ القانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية، ويرمي إلى تبسيط المساطر الإدارية وتيسير حصول المواطنات والمواطنين على النسخ الكاملة أو الموجزة من رسوم الحالة المدنية، خارج دائرة ضابط الحالة المدنية لمكان التصريح بالولادة.
مقترح القانون الذي يرمي إلى تتميم المادة 272 من القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، ويستهدف توفير الحماية القانونية للأجير المصاب بالإنهاك المهني، انطلاقا من حقه الدستوري في تلقي العلاجات الضرورية، وحتى لا تبقى الصحة النفسية للأجير مهملة.
مقترح القانون والذي يقضي بتغيير الفصل 408 من الظهير الشريف رقم 1.59.413 الصادر في 28 جمادى الثانية 1382 ( 26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي كما تم تعديله، ويرمي إلى تقوية الترسانة القانونية، الموجهة إلى حماية الطفولة، وملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وذلك بتجريم كل أشكال الإيذاء الذي يمكن أن يتعرض له الأطفال.
مقترح القانون الذي يقضي بتغيير الفصل 330 من الظهير الشريف رقم 1.59.413 الصادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) والمصادقة على مجموعة القانون الجنائي كما تم تعديله، ويستهدف تأمين الحماية الضرورية للأطفال، وملاءمة القوانين الوطنية مع اتفاقية حقوق الطفل لاسيما الفصل 19 منها، وذلك بتجريم استغلال الوالدين للأطفال في التسول.
مقترح القانون الذي يتعلق بإحداث مجلس الجالية المغربية بالخارج، والذي يرمي إلى تحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بالجالية المغربية بالخارج، وإلى تفعيل كل المقتضيات الدستورية، والآليات الكفيلة بضمان حماية حقوقهم، وتقوية قدراتهم في مختلف المجالات والاستفادة من طاقاتهم وكفاءاتهم وتجاربهم، وتعزيز انخراطهم ومساهمتهم في المسار التنموي الذي تعرفه بلادنا.
وبخصوص المستوى الرقابي، سجل الفريق الاشتراكي أن الحكومة لم تتفاعل مع مبادراته الرقابية حيث لم تجب عن أزيد من 350 سؤالا كتابيا تقدم بها الفريق، كما أنها لم تستجب لمعظم طلبات عقد اجتماعات اللجان لمساءلة أعضاء الحكومة. وفي المقابل عبر الفريق عن اعتزازه بحضوره  في هذا المجال، والذي كان حضورا وازنا وفاعلا على مستوى الجلسات العامة وعلى مستوى اللجان الدائمة واللجان المخصصة للمهام الاستطلاعية، حيث تمكن الفريق الاشتراكي في المجال الرقابي، خلال هذه الدورة الثالثة من السنة التشريعية الثانية للولاية التشريعية الحادية عشرة، من تقديم أزيد من 570 سؤالا حول مختلف القطاعات الحكومية، ارتكز مضمون جلها على القضايا الاجتماعية ذات الأولوية،  الأسئلة الشفهية: 236 سؤالا ؛ الأسئلة الكتابية: 337 سؤالا ؛ طلبات التحدث في موضوع عام وطارئ: 06 طلبات؛ طلبات عقد اجتماعات اللجان الدائمة: 14 طلبا ؛ طلبات القيام بالمهام الاستطلاعية: 04 طلبات .
وفي إطار وظيفته الرقابية أيضا، فقد تمكن الفريق الاشتراكي، عبر جميع نائباته ونوابه، من المشاركة في أشغال جميع اللجان الدائمة والمجموعات الموضوعاتية والمهام الاستطلاعية، ومن تقديم العديد من المقترحات والملاحظات التي تهم القضايا المرتبطة بمجالات التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية.
أما في ما يتعلق بمساهمة الفريق في تكريس الديمقراطية التشاركية، فقد نظم العديد من الأنشطة واللقاءات والندوات والأيام الدراسية واللقاءات مع جمعيات المجتمع المدني والهيئات المهنية، كمساهمة منه للترافع حول العديد من القضايا الوطنية، حيث نظم الفريق ثلاثة أيام دراسية، ويتعلق الأمر بالأنشطة التالية:
يوم دراسي حول «تطورات القضية الوطنية وجهود الديبلوماسية الموازية: المكتسبات ومتطلبات الترصيد»،  هذا اليوم الذي عرف مشاركة أزيد من 300 مشاركة ومشارك، والذي اندرج في إطار مساهمة الفريق في الترافع عن القضية الوطنية، حيث فتح المجال فيه أمام ثلة من المسؤولين الحكوميين ورؤساء مؤسسات وطنية ومجموعة من الخبراء والأكاديميين لإبداء وجهات نظرهم وتصوراتهم حولها، وقد تبلورت المحاور الأساسية لهذا اليوم الدراسي، حول التفاعل مع التطورات الأخيرة لملف الصحراء المغربية، التفكير في سبل تقوية المكتسبات وترصيدها، التركيز على الجهود الدبلوماسية الموازية في تعزيز التموقع الجيد للدبلوماسية الرسمية، ثم رصد مختلف التطورات التنموية والحقوقية التي عرفتها الأقاليم الجنوبية للمملكة في انسجام مع الاختيار الديمقراطي للمملكة المبني على التعددية واحترام الحقوق والحريات وبناء الجهوية المتقدمة.
يوم دراسي حول «الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء من خلال مشروع قانون المالية 2023»، وهو اليوم الذي نظمه الفريق بشراكة مع المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، والذي كان مضمونه مساءلة مشروع قانون المالية من منظور مقاربة النوع الاجتماعي، باعتباره القانون الذي يحدد السياسات العامة والأولويات، وخارطة الطريق الأساسية لما سيتم التركيز عليه بخصوص تدخلات الحكومة لإقرار وحماية حقوق المغاربة.
يوم دراسي حول «مشروع قانون المالية لسنة «2023، وهو اليوم الذي أطره مجموعة من الخبراء والمتخصصين في المجالات المرتبطة بهذا القانون، حيث شكل فرصة سانحة لأعضاء الفريق ولجهازه الإداري، من أجل تملك الميكانزمات الضرورية للمساهمة الفعالة في مناقشة هذا القانون.
وتجدر الإشارة إلى أن الفريق، وفي إطار إيمانه بتكريس قيم الديمقراطية التشاركية، قد حرص على ضمان مشاركة فعالة كما وكيفا، في التجمع الخطابي الذي نظمه مؤخرا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمدينة العيون حاضرة الصحراء وحاضنة الوطنية، والذي توج بإصدار «نداء العيون» الذي عبر عن انحياز الحزب الثابت واللامشروط إلى الرؤية الملكية المتبصرة والصارمة صرامة الحق والحقيقة، والتي جعلت من الاعتراف بحقوق المغرب المشروعة في صحرائه، قاعدة للتعامل الدولي، والنظارات التي يقيس بها المغرب جدية الشراكات ونجاعة الصداقات، كما ورد ذلك على لسان جلالته في خطاب 20 غشت 2022.
أما في مجال الدبلوماسية البرلمانية، فقد ساهم الفريق الاشتراكي من موقعه، في جميع الأنشطة الرسمية لمجلس النواب، سواء في المؤتمرات أو اللقاءات العامة والموضوعاتية المتعددة الأطراف على الصعيد الدولي والقاري والإقليمي، وعبر عمل نائباته ونوابه ضمن الشعب البرلمانية ومجموعات الصداقة.
وفي إطار مبادراته الخاصة، نظم الفريق الاشتراكي ملتقى للبرلمانيين الاشتراكيين الشباب بمنطقة المينا لاتينا، يمثلون برلمانات كل من كولومبيا، الإكوادور، الدومينيكان، الهندوراس، العراق، كردستان العراق وتونس، وذلك في الفترة الممتدة بين 29 نونبر و02 دجنبر 2022، كما ربط الاتصال خلال المرحلة التي سبقت القرار الأخير للبرلمان الأوربي، والذي استهدف مصالح بلادنا، بجميع البرلمانيين الاشتراكيين الأوروبيين، وذلك لبيان حقيقة الملفات التي كانت موضوع التوصية المطروحة للتصويت. وهو ما جعل أصدقاءنا النواب في الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني يرفضون التصويت على تلك المواقف الموجهة ضد بلدنا.


الكاتب : مكتب الرباط:  عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 09/02/2023