رقية الدرهم تدعو إلى الخروج من المقاربة المحاسباتية فقط الهدف هو جلب الاستثمار وتوفير مناصب الشغل وتحسين التنافسية
في إطار جوابها عن سؤال شفوي حول تقييم اتفاقيات التبادل الحر التي تربط المغرب بالعديد من الأطراف، تقدمت به المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، أول أمس الاثنين 18/12/2017، بجلسة الأسئلة الشفوية، قالت كاتبة الدولة المكلفة بالتجارة الخارجية رقية الدرهم، أن إبرام المغرب لاتفاقيات التبادل الحر يندرج في إطار التوجه الاقتصادي الذي اختاره منذ بداية الثمانينيات، والمتجسد في نهج سياسة الانفتاح في مجال التجارة الخارجية وتنويع شراكاته بغية فتح الأسواق أمام صادراتنا، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لبلدنا. وأضافت رقية الدرهم أن ذلك يأتي في إطار التوجهات الملكية السامية الرامية إلى زيادة حضور المملكة المغربية ضمن البيئة الاقتصادية الدولية مع تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني والرفع من مستويات التبادل التجاري والاستثمارات.
وأضافت الوزير أن الوزارة عملت على تبني آليات متنوعة لتقييم تأثير اتفاقيات التبادل الحر المبرمة من طرف المغرب مع شركائه التجاريين على الاقتصاد المغربي .
وأكدت الدرهم أن حصيلة اتفاقيات التبادل الحر المبرمة مع مختلف شركائنا التجاريين قد أعطت دينامية جديدة للاستثمارات الخارجية، التي عرفت قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة، الشيء الذي يؤكد على أهمية هذا الإطار الجديد في استقطاب الاستثمارات من مختلف دول العالم. وتناولت الوزيرة ما ساهمت به هذه الاتفاقيات في الرفع من وتيرة الصادرات والتي بلغت خلال العشر سنوات الأخيرة معدل نمو يناهز 16,4%مع الولايات المتحدة الأمريكية، و13% في إطار اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، و16% في إطار اتفاقية أكادير، و12%مع دولة الإمارات العربية المتحدة، و30%مع تركيا، و6,10% مع الاتحاد الأوروبي و11,30% في إطار اتفاقية التبادل الحر مع المجموعة الأوروبية للتبادل الحر.
مستدركة بالقول إن هذه الإنجازات لم تستطع، صحيح، أن تقلص من العجز الذي يطبع الميزان التجاري لبلادنا، إلا أنه لا يمكن الجزم أن لتفاقم هذا العجز ارتباطا حتميا باتفاقيات التبادل الحر المبرمة مع شركائنا. وأكدت الوزيرة أن العجز يعزى بالأساس إلى الظرفية الاقتصادية للمغرب المتميزة بتزايد الاستثمارات في إطار الأوراش الكبرى التي تعرفها بلادنا، الشيء الذي ينعكس على ارتفاع واردات مواد التجهيز والمواد الأولية والنصف المصنعة التي تدخل في الإنتاج الوطني الموجه للسوق الداخلي والخارجي، مما يساهم في تخفيض تكلفتها عند استيرادها عبر هذه الاتفاقيات، علما أن المغرب لا ينتج مثل هذه المواد، ناهيك عن الطلب المتزايد على بعض المدخلات التي يتم تصنيعها وإعادة تصديرها في إطار تراكم المنشأ أوفي إطار الأنظمة الاقتصادية الجمركية، إضافة إلى ارتفاع فاتورة القمح والطاقة، التي تساهم بحدة في تفاقم العجز التجاري.
وأكدت ورقة جواب الوزيرة التي لم يسعفها زمن البرلمان للجواب بتفصيل عن سؤال المجموعة النيابية أنه في إطار سعي قطاعها التحكم في العجز التجاري وتحقيق تبادل متوازن مع هؤلاء الشركاء والرفع من مستوى استفادة المقاولات الوطنية، خاصة المتوسطة والصغيرة، من اتفاقيات التبادل الحر وتحسين ولوج السلع المغربية إلى أسواق شركائنا التجاريين، فإن الوزارة تعمل على تحسيس الفاعلين حول مزايا اتفاقيات التبادل بالإضافة إلى تنظيم حملات جهوية للتعريف بمقتضيات هاته الاتفاقيات وفرص التصدير التي توفرها، ووضع آليات جديدة لتتبع تطبيق هذه الاتفاقيات والتقييم المستمر لنتائجها، ومواصلة الجهود والتعاون مع البلدان المعنية من خلال اللجان الثنائية المشتركة ولجان تتبع الاتفاقيات التجارية، لرفع الحواجز غير الجمركية والعوائق التقنية في وجه صادرات المقاولات المغربية، وتفعيل الاستراتيجية الجديدة لتنمية التجارة الخارجية وكذلك المخططات القطاعية لتقوية وتنويع العرض المغربي القابل للتصدير، والتي ستمكن من دعم الصادرات المغربية وتقوية تنافسيتها خصوصا في هذه الأسواق، كما هو الشأن بالنسبة لقطاع السيارات الذي أصبح يحتل المرتبة الأولى في صادرات المغرب (24.4%)، مستفيدا مما تمنحه هذه الاتفاقيات من امتيازات. وذكرت رقية الدرهم أن هناك آليات لمكافحة الممارسات المضرة بالمنافسة الشريفة والتي من شأنها أن تلحق الضرر بالإنتاج الوطني، كحالات الإغراق أو الدعم أو الاستيراد المكثف والتي تمكن الطرف المتضرر من اللجوء إلى التدابير الحمائية. وأشارت كاتبة الدولة المكلفة بالتجارة الخارجية إلى أنه لا يمكن حصر قراءة هذه الاتفاقيات في مقاربة محاسباتية فقط، بل الهدف هو جلب الاستثمارات وإحداث مناصب الشغل والدفع بالنسيج الاقتصادي إلى تحسين تنافسيته.