في رسالة إلى وزير التربية الوطنية : الاكتتاب لجمع المنح بجماعات قروية بتارودانت

« هي صرخة قد تفيد السيد وزير التربية الوطنية والحكومة الجديدة في مسؤوليتها، التي نأمل أن لا تحذو حذو حكومات سابقة همشت العالم القروي لإقليم تارودانت من حيث الصحة والتعليم،و من ضمن المهمشين أبناء وبنات جماعة النحيت.

في كل سنة يقوم المجتمع المدني بإرسال صرخات لجمع منح لحوالي مائة وعشرين تلميذا وتلميذة يتابعون دراستهم بإعدادية وثانوية الأرك القسم الداخلي، بدل التشرد في الدواوير وجنبات الطرق، وقد يصرن خادمات في بيوت من استفادوا ويستفيدون من المنح، وهذا ما لا يستطيع المواطن المغربي أن يتحمله اليوم،الصبر على الأكل أهون لديه من تجهيل الأبناء.
سكان جماعة النحيت يتوفرون على مدرسة جماعاتية تضم مائتي وخمسين تلميذا وتلميذة وعلى النقل المدرسي، يأتي بأطفال واحد وعشرين دوارا كل صباح يتناولون وجبة الغداء في المؤسسة وتتم إعادتهم إلى منازلهم في المساء، وتتوفر المدرسة الجماعاتية على جمعية التمدرس الساهرة على تسييرها المادي والتربوي.
طبعا، سيدي الوزير،قبل تسلمكم لمسؤولية وزارة القاطرة التنموية الاجتماعية الاقتصادية السياسية، كتبنا في هذا المنبر سنوات حكومة بنكيران وقبله بأن الجماعات الثلاث : النحيت والقاضي وتيسفان بمنتخبيها ومجتمعها المدني، طالبوا ويطالبون بإعدادية وداخلية بجماعة والقاضي لأبنائهم وتم تكوين لجنة عقدت اجتماعات مع عامل إقليم تارودانت بحضور المدير الإقليمي للتعليم و المدير الجهوي للأكاديمية واللجنة السداسية ، وتبرع أحد أبناء جماعة والقاضي بالوعاء العقاري وتم عقد اجتماع آخر بالأكاديمية الجهوية بأكادير وثالث مع المدير الإقليمي للتعليم بتارودانت حضره رؤساء الجماعات الثلاث وأعضاء اللجنة السداسية التي كونها المجتمع المدني، وخرجنا باتفاقية شراكة تجسد الموافقة على بناء الإعدادية وداخلية بوالقاضي بموافقة رؤساء الجماعات الثلاث و المدير الإقليمي للتعليم، ضمنوها بنود الشراكة وما على كل طرف القيام به.
طلب رئيس اللجنة السداسية مقابلة السيدة والي جهة سوس ماسة قبل انتقالها، وتم استقباله من طرف الكاتب العام للولاية بدل السيدة الوالي التي طلبنا مقابلتها ، وبعد طرحه المراحل المشار إليها، طلب منه صياغة الطلب على شكل ملتمس. طبعا كتبنا الملتمس، خلاصته ، بعد استعراض المراحل المطالبة بالتعجيل ببرمجة مشروع الإعدادية وداخلية بوالقاضي ، محاربة للهدر المدرسي الذي عانت منه المنطقة لسنوات عصفت بالمواهب والأدمغة لو توفرت لها الإمكانيات، لاستفاد منها الوطن ، طبعا لم نتوصل لحد الآن بأي جواب.
لماذا المطالبة الملحة بإعدادية وداخلية بوالقاضي ؟

إعدادية الأرك بإيغرم ومنذ تأسيسها في الثمانينات ، لا تتوفر فيها شروط استقبال تلاميذ وتلميذات ست عشرة جماعة قروية وبلدية واحدة عددهم 1100 تلميذ وتلميذة في السنة الماضية، لكونها أولا لا تتوفر على الماء الشروب والنظافة كمادة ضرورية للحياة، ساعة واحدة كل يومين بالنسبة للداخليين والداخليات وعددهم خمسمائة. للأسف ذكرنا بهذا في الاجتماعات وفي تحقيقات صحفية، لكن يا ليت لكن لم تكن، رغم إيمان الكل بقوله تعالى : «وجعلنا من الماء كل شيء حي» فقد شرع المسؤولون في بناء دور الطالب داخل المؤسسة نفسها. آخر خبر أن إعدادية وثانوية الأرك لديها نقص في الحجرات لن تتمكن من قبول ما يناهز مائتي تلميذ وتلميذة موسم 2018-2019.
اكتتاب منذ خمس سنوات

قد تستغربون ، السيد الوزير، ومعكم قراء الجريدة، أن سكان جماعة النحيت يكتتبون لجمع المنح منذ خمس سنوات بعد أن لاحظوا الحرمان الكلي من التعليم الإعدادي والثانوي لأبنائهم خاصة لمن اجتازوا المستوى السادس ابتدائي، علما بأن أبناء ساكنة الجماعة المسجلين في إعدادية وثانوية الأرك يتوصلون فقط بمنحتين من وزارة التربية الوطنية.وفي كل عطلة يجمعون المنح بواسطة الاكتتاب في مواقع تواصلية وأنا الآن أكتب وأمامي لائحة المساهمين من أبناء المنطقة وخارجها، تقوم اللجنة المشرفة على موقع «تامونت نايت النحيت» وحدة أبناء النحيت، بوضع لائحة بأسماء المساهمين ومبلغ مساهمة كل واحد والحث على جمع منح أكثر من مائة وعشرين تلميذا وتلميذة لن يستفيد منهم من داخلية الأرك إلا المستفيدون من منح وزارة التربية الوطنية وعددهم اثنان كل سنة. وعليكم أن تقارنوا بين تصريحاتكم أمام الرأي العام داخل البرلمان وخارجه، تصريحات تلتزمون فيها بتوفير التعليم والصحة والماء وضروريات الحياة الكريمة لساكنة العالم القروي شمالا وجنوبا، شرقا وغربا ووضع حد للاهتمام فقط بالمدن الكبيرة، حيث الشركات والأغنياء… في سياق الحديث عن الواقع المر بجماعاتنا القروي ، نستحضر قول الشاعر الأمازيغي حين قال :
«ءادئباين ربي غ-لجن ما يكـان لحـاق
ئما لينس ءوريتءوجين وامان ن-واتان «
«ليظهر الله من الجن من يمنحنا الحق.. الإنس لن يتركه الشاي».
طلب من الله أن يأتي بالجن ليحقق العدالة وتكافؤ الفرص للإنسان المحب للرشوة وجمع المال مما حال بينه وبين إنسانيته وبينه وبين معاناة أخيه الإنسان ولو كان أخا له في الدين والوطن.
هذه المنطقة، يا حكومتنا الجديدة ، شيدت مدارسها الابتدائية أواخر الخمسينات بالعمل الجماعي التطوعي ونفس الشيء بالنسبة للمدرسة الجماعاتية حاليا ، ويطالبون ويلحون على المسؤولين إقليميا وجهويا ومركزيا بالعمل على برمجة الاتفاقية المبرمة بين وزارة التربية الوطنية وبين رؤساء الجماعات الثلاث إلى جانب اللجنة السداسية التي كونها المجتمع المدني والخاصة بالإسراع ببرمجة الإعدادية بداخليتها بوالقاضي.
دعني أحلم في واضحة النهار

بالنسبة للمنح التي تم حرمان أبناء العالم القروي، أبناء الفقراء المنتمين إلى هذا الوطن، منها ، دعني أحلم لألتمس من وزرائنا ومن الموظفين السامين ومن البرلمانيين و المستشارين ومن عمالنا ورؤساء المجالس المنتخبة، من جماعات وبلديات ومجالس إقليمية وجهوية …. دعني أحلم حلما وطنيا في واضحة النهار، ألتمس منهم كلهم التنازل عن أجرة شهر واحد كل سنة لفائدة منح غير الممنوحين في العالم القروي شمالا وجنوبا، شرقا وغربا ويشكلون %98من المستحقين الذين يجبرون على مغادرة الدراسة فور نجاحهم في القسم السادس، أقترح عرض هذا الاقتراح للتصويت تحت قبة البرلمان بمجلسيه ، وعلى الوزراء في اجتماعاتهم الدورية … فهذا كفيل بإنقاذ جيل، بل أجيال، من الضياع.
قلت في بداية هذه الصرخة، للسنة الخامسة على التوالي يقوم المجتمع المدني في جماعة النحيت ، بالاكتتاب لجمع المنح، قيمة المنحة الواحدة 4000 درهم سنويا لإنقاذ حوالي خمسة وأربعين طالبة، بالنسبة للذكور يتجاوزون السبعين، يعيشون في «فضاء» يسمونه خيرية الهوزالي بإيغرم، والعلامة الهوزالي رحمه الله لو كان حيا لما قبل أن تحمل هذه المؤسسة اسمه، سبق أن شرحنا وضعيتها المزرية في السنة الماضية ، ومن حق بل ومن مسؤولية وزير التربية الوطنية أن يقوم بزيارتها بصفة مفاجئة ودون إشعار مسبق، المشار إليهم الذين يكتتبون لجمع المنح لا يتوفرون على إمكانيات مادية كبيرة ، فهم عبارة عن موظفين وتجار صغار، بل ويساهم بعض من لا عمل قار له في سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أبنائهم الذين هم أبناء هذا الوطن، كما يساهم بعض الميسورين خارج ساكنة النحيت تضامنا مع أصدقائهم وأبناء وطنهم.
كل مخلص لهذا الوطن سيردد «الوقاية خير من العلاج « ، عليكم بتحقيق المساواة قولا وفعلا تفاديا للأسوأ. كفى من النظر إلى العالم القروي باعتباره «غير نافع» ، نتجه إليه فقط، كسوق مزود ل»المغرب النافع» في مدننا، بالخادمات وباليد العاملة الرخيصة، أو عندما تكتشف شركة عملاقة معدنا نفيسا في أملاكهم ودون استفادة ما لساكنتها.
ما جوابكم سيدي الوزير ؟ أوكما قال الشاعر الأمازيغي في ديوان «أسايس» أطال الله عمره. «ءاغرابءورارئسفليد مدن ضورضرناكé
الجــدار أصـم والنـاس لا يسمعـون».


الكاتب : محمد مستاوي

  

بتاريخ : 13/07/2017