خطوة هامة وغير مسبوقة تلك التي قامت بها، مهنيا، المجلة الأسبوعية المغربية (باللغة الفرنسية)، الزميلة «تيل كيل»، في عددها رقم 1013 (من 7 إلى 13 أكتوبر 2022)، حين خصصت غلافها وموضوعها الرئيسي لشخصية ولي العهد الأمير مولاي الحسن ومساره الدراسي كطالب بكلية الحكامة والعلوم الاقتصادية والاجتماعية التي هي جزء من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات (فرع سلا)، حيث يدرس سموه تخصص العلاقات الدولية، بسبب اهتمامه الكبير بكل ما هو مرتبط بمجالات «الجيو سياسي».
انطلقت «تيل كيل» من قصة بناء فرع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بسلا، في ظرف قياسي نهاية سنة 2021، وكيف انتقل للدراسة بها ولي العهد مولاي الحسن، بعد أن قضى سنة كاملة بالمقر الرئيسي للجامعة بمدينة بنجرير، التي تابع بها الدروس عن بعد بسبب ظروف جائحة كورونا سنة 2020. ذلك أنه بعد حصول سموه على شهادة الباكالوريا الدولية علوم اقتصادية واجتماعية بميزة حسن جدا وهو في 17 من عمره، أعلن أنه سيتابع دراساته العليا بجامعة محمد السادس ببنجرير، الحديثة التأسيس سنة 2013، بما رافق ذلك من بعض الأخبار الزائفة التي ادعت أن سموه سيحظى بإقامة خاصة مستقلة عن باقي المجمع الطلابي وهو ما نفاه مصدر موثوق ومأذون ل «تيل كيل»، مؤكدا: «أن الفكرة الأساسية لالتحاق ولي العهد بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات ببنجرير تتمثل في الإعلاء من تكافؤ الفرص، وأن ادعاء وضع مسافة بينه وبين باقي الطلاب لا معنى له». وأنه أمام تلك الأخبار الزائفة، سيلغي سموه زيارة تفقدية له إلى تلك الجامعة نهاية 2019، حتى لا يعطي الفرصة لأية تأويلات مختلقة.
ومما تؤكد عليه «تيل كيل» أن إدارة الجامعة، شرعت فقط في الإعداد لتخصيص استقبال مميز لسموه، تأسيسا على معرفة مديرها العام بشغف ولي العهد برياضة كرة السلة، حيث قرر تقديم هدية مفاجئة له تتمثل في قميص رياضي لفريق «لوس أنجليس ليكرز» الأمريكي الشهير يضم توقيعات كل لاعبي الفريق وفي مقدمتهم اللاعب الأمريكي الأشهر للعبة براون جيمس. وأنه قامت بتهييئ إمكانية لقاء بين سموه واللاعب الأمريكي الآخر الشهير راي آلن (اللاعب السابق لفريق سياتل وفريق ميللووكي وفريق ميامي هيت)، بمناسبة زيارته إلى المغرب ضمن برنامج للتعاون والشراكة بين المكتب الشريف للفوسفاط والبطولة الأمريكية للمحترفين لكرة السلة (NBA). وهي الشراكة التي كان قد نصح بها الرئيس المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط السيد مصطفى التراب، الرئيس الرواندي السيد بول كاغامي شخصيا. كان المقرر أن يتصادف حضور اللاعب الأمريكي ذاك إلى بنجرير مع يوم زيارة ولي العهد التفقدية تلك، لكن اللقاء لم يتم بسبب عدم حضور سموه إلى الجامعة في نهاية الأمر.
كان ولي العهد مولاي الحسن ، تقول «تيل كيل» قد حسم اختياره، قبل حصوله على الباكالوريا، وهو الدراسة في جامعة محمد السادس رغم إلغائه تلك الزيارة التفقدية سنة 2019. وبسبب ظروف جائحة كورونا، التي تصادفت مع حصول سموه على شهادة الباكالوريا يوم 17 يونيو 2020، فإن الدراسة بها ستتم مثل باقي المؤسسات التعليمية بالمغرب عن بعد، مما شكل فرصة للتسريع في بناء فرع الجامعة بالرباط، الذي تكفلت بإنجازه مؤسسات هندسية وعقارية مغربية وأجنبية، وظفت 3 آلاف من اليد العاملة العامة والمتخصصة، التي ظلت تعمل بالتناوب على مدار 24 ساعة. وما أن حل تاريخ شهر أكتوبر 2021، حتى كانت البناية مكتملة، على أحدث طراز، وأنها جاهزة لاستقبال الطلاب الجدد الذي من ضمنهم ولي العهد.كانت كلية الحكامة والعلوم الاقتصادية والاجتماعية المدمجة ضمن جامعة محمد السادس المتعددة التقنيات سنة 2014، تحمل قبل ذلك اسم «مدرسة الحكامة والاقتصاد» (كان مقرها بمدينة العرفان بالرباط ويديرها حينها الباحث الإجتماعي المغربي الدكتور محمد الطوزي، وتأسست سنة 2008). وحين تحولت من مدرسة عليا إلى كلية للحكامة، افتتحت بها أربعة تخصصات دراسية عليا هي العلوم الإقتصادية، العلوم السياسية، العلاقات الدولية وعلوم الاجتماع، اختار ولي العهد الدراسة في شعبة «العلاقات الدولية»، في اختلاف عن والده العاهل المغربي محمد السادس وجده الملك الحسن الثاني رحمه الله، اللذين تخصصا في دراسة القانون والحقوق.
تؤكد «تيل كيل» معلومة أخرى هامة، هي أن من بين الأساتذة المؤطرين للطلاب في شعبة ولي العهد نجد نخبة من كبار الأساتذة المغاربة والأجانب، في مقدمتهم وزير المالية والاقتصاد الأسبق في حكومة التناوب الدكتور فتح الله ولعلو، ووزير التعليم الأسبق بذات الحكومة الدكتور عبد الله ساعف والسفير الأسبق للمغرب بهيئة الأمم المتحدة محمد لوليشكي ووالوالي السابق بوزارة الداخلية والمدير العام الأسبق للأمن الوطني امحمد الظريف، وممثل فرنسا الأسبق بهيئة الأمم المتحدة ومستشار الرئيسين الفرنسيين شيراك وساركوزي جون دافيد لوفيت (كما علمتُ من مصادري الخاصة أيضا أن من بين الأساتذة المشاركين بالمحاضرات الخبير الاقتصادي المغربي العربي الجعيدي والوزير الفرنسي الأسبق هوبير فيدرين وباحثة جامعية من نيجيريا. وأن من المباحث والعروض التي قدمت أمام سمو ولي العهد وزملائه الطلبة عرض حول «كلفة غياب المغرب العربي على بلداننا المغاربية الخمس» وأن لسموه اهتمام كبير بالفضاء المغاربي).
مصادر «تيل كيل» ستؤكد لها أن ولي العهد مولاي الحسن، طالب مجد ومنضبط وحريص على المشاركة في الدروس، وأن النقاش معه يعكس صورة طالب جامعي متمكن من دروسه وأن معارفه العلمية رصينة وعالية. وأن الدروس تقدم باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والفرنسية. بل إن سموه حين يكون مضطرا للتغيب ضمن مهام رسمية تفرضها مهمته كولي للعهد، فإنه يحرص على إرسال فروضه إلى أساتذته، الذين أكد واحد منهم أنه تلقى مرة رسالة اعتذار على حسابه الإلكتروني الخاص من سموه، يشرح له فيها أسباب غيابه وأنه ملتزم بإرسال واجبه البحثي في سقف زمني يتوافق والسقف الزمني الذي تفرضه الشعبة والكلية. وأنه التزم بذلك فعليا. وأن صداقاته الطلابية تشمل زملاءه السابقين بالمعهد المولوي وباقي الطلبة المسجلين بذات الشعبة، وأن تنقله بين أرجاء الكلية يتم بشكل عادي مثل أي طالب جامعي، وكل الطلبة يحترمون خصوصيته كولي العهد، دون أن يكون ذلك عنوانا لأية قطيعة أو مسافة بينه وبينهم. وأنه طالب مواظب على ممارسة رياضة كرة السلة التي يعشقها بملعب الكلية، مثلما أنه عازف ماهر على آلة الطبل ضمن فرقة طلابية لموسيقى الروك التي يعشقها. مثلما أن مشاركته ضمن باقي الأنشطة الموازية الطلابية بالكلية، تعكس اندماجا كليا من سموه ضمن الجو الطلابي، وأنه أشرف مثلا منذ شهور على تنظيم حفل فني رفقة زملائه إحياء لعيد الاستقلال يوم 18 نونبر 2021. مع تسجيل أنه عكس زملائه الذين درسوا معه بالمعهد المولوي، فهو لا يقيم بالحي الجامعي للجامعة، بل إنه اختار في البداية السكن في إقامة لعمه مولاي رشيد قريبة من مقر الكلية، قبل أن يقرر الإقامة بالقصر الملكي حتى يكون جوار والده باستمرار وهو يمارس مهامه الملكية. وأن زيارته خارج ساعات الدراسة إلى زملائه بالحي الجامعي كثيرة ومعتادة، إما للقيام بحصص مراجعة جماعية للدروس أو لقضاء أوقات راحة ومتعة معهم، وأنه كثيرا ما يتناول غذاءه بمطعم الكلية مثله مثل باقي الطلبة. بل إنى سموه، سيبادر مرة إلى مرافقة شقيقته الأميرة لالة خديجة إلى الكلية، حيث أخذها في زيارة إلى كل مرافق الجامعة والكلية، بشعف خاص، مما عكس مدى قوة العلاقة بينهما، مثلما أكد ذلك مدى ارتياح سموه للدراسة بذلك المركب الجامعي.
مما أشارت إليه «تيل كيل» أخيرا، هو أن الجوانب الأمنية لحماية ولي العهد حاضرة بقوة وبصرامة، لكن باحترافية عالية، حيث تكاد لا تظهر مظاهر تلك الحماية الأمنية الدقيقة، لكنها قائمة ومتواجدة. وأن من مجالات الحماية واجب القيام بفحص طبي لفيروس كورونا لكل المتداخلين مع أنشطة الكلية الدراسية والرياضية. وأن سموه قد تتبع دروسه عن بعد منذ يناير 2022، بعد عودة ارتفاع موجة كوفيد بالمغرب، قبل أن يعود مع بداية الموسم الدراسي الجديد 2022/ 2023 إلى الدراسة حضوريا. ومن الأخبار المتداولة، في أفق حصول سموه على الإجازة سنة 2024، أنه لربما يكمل دراساته العليا بإنجلترا (جامعة كامبريدج)، أو فرنسا (جامعة دوفين أو السوربون)، حتى والأخبار شبه الرسمية تذهب في اتجاه أن سموه يفضل إتمام دراساته العليا بالمغرب بذات جامعة محمد السادس للحصول على ماستر في العلاقات الدولية.