على هامش ملتقى أكادير الخامس للرواية، حظي الشاعر والروائي الكبير محمد الأشعري بحفاوة استثنائية من قبل أطر وتلاميذ وتلميذات التأهيلية بحي بنسركاو بأكادير ،في لقاء طغى عليه الإبداع في أعلى تجلياته.
وكم كانت غبطة الجميع من أطر إدارية وتربوية وممثلي جمعية الآباء والتلاميذ ومجموعة من المتدرسين والمتدرسات بثانوية بدر التأهيلية وهم يستضيفون الشاعر والروائي محمد الأشعري الوزير السابق لوزارة الثقافة لولايتين حكوميتين في عهد الوزيرين الأولين عبد الرحمن اليوسفي ثم إدريس جطو، وصاحب الدواوين الشعرية الأحد عشر المتميزة بتيماتها الساخنة بعبق النضال الأدبي والسياسي والكلمة الملتزمة، من أبرزها ديوان «صهيل الخيل الجريحة»و»عينان بسعة الحلم»و»يومية النار والسفر «وأيضا صاحب الروايات الشهيرة”جنوب الروح”و «علبة الأسماء»و”القوس والفراشة « الحائزة على جائزة البوكرالعربية.
وبعد الكلمة الترحيبية التي ألقاها مديرالمؤسسة «عبد السلام باحمي»والكلمة التقديمية المؤطرة لهذا اللقاء الأدبي بامتياز،والتي ألقاها الروائي المغربي محسن الوكيلي،ألقى محمد الأشعري مداخلة قيمة ركز فيها على دور المدرسة العمومية في التربية والتكوين، وفي امتلاكه لناصية اللغة وأبجديات الكتابة الإبداعية منذ الشغب الطفولي، ولها دورأيضا في صقل مواهب عدة أجيال تعاقبت على المدارس والثانويات والجامعات بداية من الستينات وما بعدها من القرن الماضي وإلى اليوم، عبر القراءة الذاتية والمطالعة .
وفي هذا الشأن تحدث بإسهاب عن دور اللغة والأدب العربيين كمكونين أساسيين للهوية الحضارية في تكوين شخصية المبدع ، عبرالقراءة الحرة والمستدامة للكتاب الذي لايمكن للوسائط الإلكترونية مهما بلغت تعويضه. ونبه محمد الأشعري التلاميذ والتلميذات من الوقوع في مغبة الأفكار الخاطئة والمغرضة التي يروج لها البعض اليوم ضد القراءة التقليدية للكتاب الورقي، حين يدعي تعويضها بالقراءة الإفتراضية، مضيفا أن الوسائط الإلكترونية مسألة حيوية للإتصال والتواصل بالعالم بشرط ألا يصبح المستخدم لهذه الوسائط عبدا لها، يضيع الساعات تلو الساعات في أشياء لا تفيده في شيء. واستدل على ذلك بكون 90 في المائة مما يوجد في الفايسبوك من معلومات وأفكار،هي أشياء افتعالية وافتراضية لا نشعر من خلال «الأنترنيت»أننا أحرار لدينا إرادة واختيار،بل نشعربأننا مكبلون ومقيدون بأشياء يفرضها الفايسبوك وغيره من الوسائط علينا،عكس تلك الحرية التي تمنحها لنا القراءة التقليدية لأي عمل أدبي .
واستدل الأشعري أيضا على أن الغرب الذي صنع هذه الوسائط لم يقع عبدا لها، فمازالت سوق القراءة رائجة،فبفرنسا مثلا تصل مبيعات الكتب سنويا إلى مليون نسخة في السنة، كما أن أي كتاب جديد يصدر في هذه السوق إلا ويجد إقبالا من طرف قرائه حيث تصل مبيعاته إلى ما يفوق 300 ألف نسخة في النسخة، وهذا دليل على أن الغرب مازال متشبثا بقراءة الكتب والأعمال الأدبية غير آبه بهذه الوسائط الالكترونية،لأن القراءة تبقى قبل كل شيء تمرينا أساسيا للمعرفة والتخيل والجمال.وقال الأشعري :إن الأدب يمنح قارئه حرية أوسع من الدراسات العلمية والهندسية،لأنه من خلال قراءته للأعمال الأدبية الجيدة يشعر بمتعة الفن وبلذة النص الأدبي المقروء،وهذه القراءة تساهم لا محالة في نمو خياله وحلمه وتجعل القارئ يبحث من خلالها عن حلم مشترك،يبحث من خلالها عن الجمال والخيال وحب الحياة والسلم والسلام.
وأعطى الأشعري مثالا بالإرهابيين الإنتحاريين بأمريكا الذين تورطوا في أحداث 11 شتنبر2001،حيث أكد أن المعطيات التي أفادت بها فرق الأبحاث،تقر أن المنتحرين الإرهابيين لهم تكوين علمي وهندسي،ولم يسبق لهم أن تكونوا تكوينا أدبيا يغرس فيه حب الحياة والجمال والسلام.ولذلك طالب الشاعر والروائي المغربي الوزارة الوصية على التربية والتكوين بأن تضع استراتيجية قرائية تربوية تعمل على توجيه التلاميذ وحثهم منذ السنوات الأولى في الإعدادي ثم الثانوي في جميع الشعب وعلى الخصوص العلمية على قراءة أعمال أدبية مغربية وعربية وعالمية، وتعمل قدر الإمكان،وبدون تبخيس، على تحبيب العمل الأدبي إليهم بجميع الشعب الأدبية والعلمية والهندسية حتى يمتلكوا ملكة فنية تساعدهم على تجريب الكتابة الإبداعية في فنون الأدب وأجناسه حتى يتعلقوا بقراءة الأعمال الأدبية عن حب وشغف ويستمتعوا بلذة النصوص الأدبية.
وعن الجوائز الأدبية التي تمنح للكتاب العرب في مناسبات مختلفة قال الأشعري،أثناء إجابته عن أسئلة التلاميذ:»هذه الجوائز ليست مهمة للغاية وليست ضرورية لكي تكون محفزا لأي كاتب مبدع على الكتابة ،لأننا بكل بساطة لم نكتب يوما ما من أجل الجائزة فقط،بل أبدعنا في الشعر والرواية لأننا نحب الأدب حتى النخاع ونعشق معه الحياة في جميع الفنون الجميلة وعلى رأسها الأدب».
في لقاء مفتوح مع تلاميذ ثانوية بدرالتأهيلية بأكادير : محمد الأشعري: «لايمكن للوسائط الإلكترونية، أن تعوض الإنسان عن القراءة»

الكاتب : عبداللطيف الكامل
بتاريخ : 14/05/2018