في مبادرة هي الأولى من نوعها على مستوى المستشفيات الإقليمية والجهوية .. شراكة ثلاثية لأنسنة استقبال المرضى والمصابين في مصالح مستشفى الزموري بالقنيطرة

المستشفيات ليست بالضرورة وفقط تلك المحطة القاتمة في حياة الإنسان، التي هي عنوان على الحزن جراء فقدان قريب عزيز في مصلحة من مصالحها، لأنها هي كذلك عنوان على الحياة حين يرى بها النور مولود جديد، يوضع بين ذراعي والدته وأسرته تحيط به من كل جانب، وحين يغادر مريض أسِرّتها وقد عاد إلى حضن عائلته الصغيرة والكبيرة في وقت كان يعاني فيه من عارض صحي وكان من الممكن أن يكون مميتا، لكن تدخلا جراحيا ناجحا مكّن من استعادته ومن منحه أملا جديدا في الحياة.
هكذا هي المؤسسات الصحية، وهذه هي طبيعة وظيفتها وأدوارها، التي يمكن أن يُنظر إليها على أنها عملية ميكانيكية، لكن الأساسي في ارتباط بهذا الموضوع والذي يجب ألا يتم تغييبه في مصالحها، هو توفير الموارد البشرية الضرورية في كل التخصصات الطبية، والأسرّة الكافية، والمعدات البيوطبية والأجهزة الأساسية للقيام بالتدخل الطبي أو الجراحي في ظروف تحترم الشروط والمعايير، حتى لا يكون هناك أي خلل أو تقصير قد يؤدي إلى ما لا يرغب أحد في وقوعه.
هذا الشرط الأساسي يرافقه كذلك ضرورة توفير عامل آخر لا يقلّ أهمية وهو المتعلق بالجانب الإنساني، لأن المستشفيات في حاجة إلى الكثير من الأنسنة، وإلى حسن الاستقبال، وسعة الصبر للتواصل، والعمل على تعزيز الثقة بين الطبيب والمريض، هذا المعطى الذي يبقى حضوره مقترنا بالقيم والشيم التي يحملها هذا الطبيب أو ذاك الممرض وكل من له صلة بالمنظومة العلاجية في كل مستوياتها. ولعلّ من بين الخطوات التي يمكن وصفها بالجميلة والملفتة للأنظار، المرتبطة بمحور الأنسنة، ما أقدمت عليه إدارة المركز الاستشفائي الزموري بالقنيطرة التي أوضح مصدر منها لـ «الاتحاد الاشتراكي» بأنه في إطار الجهود المتواصلة للارتقاء بجودة خدمات الاستقبال والرعاية، وخاصة في ما يتعلق بجعل الولوج إلى المستشفى والإقامة به، فقد تم وضع آلة بيانو في بهو المركز لإضفاء لمسة دافئة ولخلق أجواء أكثر طمأنينة داخل فضاءات الاستقبال والانتظار، بما يخفف الضغط عن المرضى ومرافقيهم.
هذه الخطوة لم تكن الوحيدة التي قامت بها مصالح مستشفى الزموري، فقد عملت الإدارة، حسب ذات المصدر، على تجهيز قاعة مخصصة داخل مصلحة طب الأطفال، تتيح للمرضى الصغار التعرّف على أساسيات الموسيقى والفنون طيلة فترة إقامتهم بالمستشفى الذين يحتاجون إلى محيط داعم ومحفّز يساعدهم على تجاوز محنتهم الصحية، ويشجعهم على اكتشاف عالم الفن والإبداع حتى بعد مغادرتهم المستشفى. وأوضح متحدث من إدارة المستشفى للجريدة بأن هذه المبادرة جاءت لتحسين الحالة النفسية للأطفال المرضى، وللحدّ من التوتر والقلق المصاحبين لمرحلة العلاج، ولتمكينهم من فضاء آمن للتعبير والإبداع، يساعدهم على تجاوز تجربة الاستشفاء بثقة أكبر وبذكريات أقل وطأة.
هذا ويأتي هذا المشروع في إطار شراكة بين المركز الاستشفائي الزموري، والمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا، ومؤسسة الدكتور فنيش، حيث أكدت إدارة الزموري بأنه يعدّ الأول من نوعه على مستوى المراكز الاستشفائية الإقليمية والجهوية، من خلال تبنّي مقاربة جديدة تجعل الفضاء الصحي أكثر تفاعلا مع احتياجات الإنسان النفسية والاجتماعية، وتعتبر أن الاستشفاء ليس فقط علاجا دوائيا، بل تجربة متكاملة تحتاج إلى عناية خاصة بسلامة المريض وراحته وكرامته.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 09/12/2025