أساتذة و باحثون يجمعون على أهمية سينما فوزي بنسعيدي نظرا للمواضيع المطروحةو طريقة معالجتها
أجمع المتدخلون ،محمد باكريم وسعيد المزواري وعبد الكريم الشيكر والطاهر الشيخاوي، في ندوة “السينما المغربية اليوم، أنفاس ومسارات جديدة’ التي انعقدت صبيحة يوم الإثنين بدار الثقافة، على أن السينما المغربية تمر بمرحلة توهج وإشعاع، يعكسه حضورها القوي في مهرجانات عالمية مرموقة، بل وحصولها على بعض الجوائز واستقبالها بتنويه خاص،مجمعين أيضا على أن سينما فوزي بنسعيدي تحديدا، سينما مجددة سواء في المواضيع المطروحة أو طريقة المعالجة الفنية.
و حرص منسق الندوة محمد أولاد علا ،على التأكيد على أن السينما المغربية تعيش إحدى أزهى لحظاتها، إلى حد أن مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط قرر في مبادرة غير مسبوقة عرض المنجز الفيلمي للمخرج فوزي بنسعيدي، نظرا لغناه وأبعاده الفنية والفكرية المتفردة،هي سينما في نظر أوعلا استطاعت خلق فضاء ثالث حسب تعبير نور الدين الصايل، منتقلة من منطق التراكم إلى رفع تحدي الكيف والإبداعية.
وقد مهد الناقد محمد باكريم لعرضه بالتشديد على دور النقد الذي يمثل سندا للإبداع السينمائي، مشيرا إلى السينما المغربية غالبا ما تعيش يتمها بغياب النقد المواكب لسيرورتها. وبين أن عرضه ينتظم حول ثمان محطات، لا يتسع الوقت للتوقف عندها، ملخصا مسيرة السينما المغربية في حركة انتقال من سينما المؤلف إلى سينما تجارية تعتمد النجومية، ما أدى إلى تغييب سينما المركز، الذي يعني لديه سينما مجموعة الدار البيضاء، وهي سينما ذات حمولة اجتماعية وتطرح مواضيع كبرى ولا تضحي بالفني،والنتيجة السقوط في قطبية أحادية، ولكن مع فيلم الثلث الخالي، هناك عودة إلى مخاطبة الذوق الجمالي والوجدان واستنفار ذكاء الملتقي. ولاحظ الطاهر الشيخاوي أن سينما فوزي بنسعيدي ، سينما مفتوحة تسمح بالنقاش والتأويل، وقد تناولها انطلاقا من أربعة نقاط: هي أولا سينما تتجاوز الحدود القطرية، ما يجعل فوزي أحد أهم سينمائيي جيله، ممن أغنوا سينما بلدانهم بقيمة فنية مضافة؛ وهي سينما تحتفي بالفضاء وبقدرتها على مساءلة المحيط، ففي فيلم الحائط، الذي هو تكثيف لمجمل أعمال فوزي، الفضاء هو الذي يصنع الشخصيات ويحدد ملامحها، وهو فضاء متحول وليس جامدا؛ وهي سينما تنأى بنفسها عن الشكلانية وتنطوي على موقف سياسي بمعناه الرحب؛ وأخيرا هي سينما تقيم حوارا دائما مع كبار السينمائيين، ضمن لعبة سينمائية مرآوية، مع الإشارة إلى أنها سينما اللقطة في نوع من التقعير والتبئير. في حين، أبرز الناقد والجامعي عبد الكريم الشيكر أن أهمية فوزي بنسعيدي تكمن في تلك الرغبة العارمة في خلخلة حدود السينما ذهابا نحو مفهوم أدق يجعل من الأجدر الحديث لا عن السينما بلام التعريف ولكن عن هذا الفيلم أو ذاك في حد ذاته، بعيدا عن منطق التعميم والتعويم الذي يلغي الخصوصية وتفرد العمل المفرد.
إن فوزي، في نظر الشيكر، ينتمي إلى سلالة من عشاق السينما الكبار، من السينيفيليين كالخطيبي والمؤدب. وحرص سعيد الناقد سعيد المزواري على الإشارة إلى أن مداخلته تسعى إلى وضع سينما فوزي ضمن السياق العام للسينما المغربية، مع ضرورة الاهتمام بجنس سينمائي لا يحظى بالاهتمام الكافي، وهو الفيلم الوثائقي الذي فرض حضوره بفضل مخرجات تطرقت لمواضيع بعيدة عن المألوف والمكرور، وهنا يبرز دور المهرجانات الذي ما فتئ يحتضن هذا الجنس السينمائي ويضمن النهوض به والترويج له.
ولم يفت الناقد الإشارة إلى أن السينما المغربية أصبحت تختبر وتجرب كل الأجناس السينمائية (الخيال العلمي، الإثارة، الحركة، الكوميديا…).