في ندوة علمية نظمتها جمعية رباط الفتح : أكاديمون يقدمون قراءة نقدية لقانون المالية ويدعون للنجاعة الاقتصادية والانتباه للأوضاع الاجتماعية الهشة وتدهور القدرة الشرائية

اعتبرت الأستاذة الباحثة عفيفة حكم أن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد مقلقة على جميع المستويات، خاصة ونحن نعيش في سياقات وطنية وجهوية ودولية صعبة، زادت من تفاقم الأزمة، والأرقام الاقتصادية خير دليل ومؤشر على ذلك.
وأضافت أستاذة الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، التي قدمت مداخلة في ندوة نظمتها جمعية رباط الفتح، مساء أول أمس بمقرها بالرباط حول قانون المالية 2023، أن جل جهات المملكة المغربية تعيش في الهشاشة والفقر، باستثناء ثلاث جهات تشهد استثمارات وحركية اقتصادية كجهة الرباط سلا القنيطرة وجهة الدار البيضاء سطات وجهة طنجة تطوان الحسيمة.
وقدمت نفس المتحدثة صورة قاتمة عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي المقلق، وفي نفس الوقت انتقدت النموذج التنموي الجديد الذي قالت إنها قرأته أكثر من مرة ولم تجد فيه أي إضافات كبيرة، مطالبة في نفس الآن بمراجعته لأنه يتضمن عدة أشياء تستوجب ذلك، بل هناك وضعيات اقتصادية تم نقلها من النموذج التنموي السابق إلى النموذج التنموي الجديد.
ووقفت أستاذة الاقتصاد، بنفس المناسبة، على الوضعية الاجتماعية التي يعيشها عدد من المغاربة في كثير من الجهات جراء تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، بل هناك من يعيش على الهشاشة والفقر، متسائلة كيف لهذه الموارد البشرية أن تساهم في النهوض بالاقتصاد الوطني والتنمية بالبلاد وهي تعيش أزمة اجتماعية عميقة.
وبالموازاة مع ذلك أشارت حكم إلى إشكالية الحكامة الجيدة التي تنقص المجالات التدبيرية والاقتصادية بالبلاد، والخصاص التأطيري في عدد من القطاعات الاجتماعية، ورغم المجهودات المبذولة في قانون المالية لكنها تبقى بعيدة كل البعد عن المتطلبات الحقيقية، وساقت مثالا صارخا عن ذلك بقطاع الصحة الذي تحتاج فيه البلاد إلى 12000 طبيب و50 ألف ممرض بينما قانون المالية لسنة 2023 لم يخصص إلا 5 آلاف منصب لهذا القطاع.
ومن جهته قدم سعيد التونسي، الأستاذ الباحث بجامعة محمد الخامس، قراءة نقدية في قانون المالية لسنة 2023، حيث ناقش الفرضيات التي ارتكز عليها هذا القانون موضحا أنها غير واقعية وبإمكانها السقوط  أمام تحديات وتحولات الاقتصاد الدولية والسياق الوطني المتسم بمناخ يسوده الجفاف وندرة المياه.
وتساءل سعيد التونسي، المتخصص في الاقتصاد، بروح نقدية، حول أحد الأعمدة الأساسية التي ركز عليها قانون المالية لسنة 2023، والمتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، مشيرا إلى أنه لا تكفي العزيمة والإرادة لتحقيق ذلك، متسائلا “هل لدينا كل الإمكانيات التمويلية والوسائل التدبيرية لإنجاز هذا المشروع الملكي الكبير؟”.
وانتقد الأكاديمي النسب الاقتصادية المتعلقة بالنمو والتضخم وعجز الميزانية، بالمقارنة مع ما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي، الذي تطرق للوضع الاقتصادي في المغرب خلال سنة 2023، منتقدا قانون المالية في شقه الاجتماعي مبرزا أن كل قراءة للقانون المالي من الضروري أن تكون خارج النفقات المخصصة لقطاعي التعليم والصحة باعتبار أن هذه القطاعات تحظى دائما باعتمادات كبيرة.
كما نوه بالمجهود الكبير المبذول هذه السنة في ما يتعلق بما رصد لصندوق المقاصة: 26 مليار درهم مقابل 13 مليارا سابقا، مذكرا أن هذا الرقم سيساهم نوعا ما في التحكم في نسبة التضخم، كما شدد على أن كل البرامج الحكومية التي اقترحتها كأوراش، فرصة، ….لا يمكن أن تعرف نتائجها وآثارها الاقتصادية والاجتماعية إن لم يكن هنا تقييم علمي حقيقي، لنضمن نتائج ناجعة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
كما طالب نفس المتحدث، في مداخلته، بأن تكون هناك عدالة ضريبية،  وضرورة أن يؤدي كل من له دخل وعلامات ومؤشرات الغنى والثروة، وأكد أنه لا يعقل أن نرى مقاولات تعيش أكثر من عشرين سنة ودائما تصرح بأنها لا تحقق أرباحا، مستنكرا الوضع الضريبي الذي وصلت إليه البلاد بحيث أن 140 مقاولة فقط هي من تؤدي الضرائب، معتبرا أن هذا الرقم مقلق جدا ويبعث على التساؤل ومراجعة مبدأ العدالة الضريبية بالمغرب.
كما دعا الحكومة إلى اتخاذ عدد من الإجراءات المادية التحفيزية للأجراء لا تتعلق بالضرورة بالزيادة في الأجور، لكن بإمكانها أن تشجع هؤلاء الأجراء وتخفف عنهم الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الثقيلة التي تتحملها هذه الفئات خاصة أنها تؤدي الضرائب، وفي المقابل نجد عددا من المهن الحرة تتهرب من أدائها.
وكان عبد الكريم بناني، رئيس جمعية رباط الفتح، تقدم بكلمة ترحيبية بالحضور المكثف والنوعي الذي حضر هذه الندوة بمقر الجمعية، كما أشار إلى أن هذه الندوة كانت مبرمجة قبل عرض القانون المالي على البرلمان للمصادقة عليه إلا أن ظروفا قاهرة حالت دون ذلك، لكن، يقول رئيس الجمعية، قانون المالية يبقى موضوعا ذا راهنية بالنظر لأهميته الكبيرة في حياة المواطن المغربي خلال السنة الجارية.


الكاتب : مكتب الرباط:  عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 16/02/2023