في ندوة قطاع المحاميات والمحامين الاتحاديين بالدار البيضاء

إبراهيم الراشدي: حق التقاضي والحق في محاكمة عادلة يقتضي المساواة بين جميع المواطنين

 

كوثر جلال : معركة التنفيذ قد تكون أشد قسوة من معركة التقاضي

عزيز روبيح: مشروع المسطرة المدنية نوع من الردة السياسية والإفلاس السياسي والدولة أكبر من مجرد خلطة سياسية

سعيد بعزيز: إصلاح العدالة ورش مستمر ولكن القوانين تتغير ونحن كاتحاديين من نُجلد

عبد الكبير طبيح: الحكومة تقدم صورة بشعة أمام المستثمرين الأجانب

 

 

 

أجمع كل المتدخلين، في ندوة قطاع المحاميات والمحاميين بالدار البيضاء، على أن مشروع قانون المسطرة المدنية فيه خلل كبير من طرف هذه الحكومة، وهو تضييق وحجم على دور المحامي، ويشرع لمغرب آخر، مغرب التمييز.
وأكدت كوثر جلال على أن مشروع المسطرة المدنية الجديد الذي قدمته الحكومة في شخص وزير العدل، فيها العديد من التراجعات، وخلل في عجلة التشريع، حيث تم إلغاء قانون المحاكم التجارية والإدارية والاستئناف الإداري ومحكمة النقض، حيث يتناقض مع الدستور 2011 ، ومطالبتنا في هذا المشروع هو محاكمة المواطنين محاكمة عادلة، تصدر وتنفذ باسم جلالة الملك.
والمعركة التي يجب الدفاع عنها هي معركة التبليغ، تقول كوثر جلال المحامية بهيئة الدار البيضاء، في ندوة « ما مدى احترام مشروع قانون المسطرة المدنية للشرعية الدستورية «، من تنظيم قطاع المحاميات والمحامين الاتحاديين بالدار البيضاء، بحضور النقيب علال البصراوي منسق القطاع الحزبي والعديد من النقباء والمحاميين والمحاميات، لأن معركة التنفيذ أشد قسوة، وعدم التبليغ فيه مساس بمؤسسة القضاء، وأن التنفيذ حق دستوري ومسؤولية الدولة. ولقاضي التنفيذ اختصاصات وصلاحيات تعطيه الحق في التواصل مع جميع الإدارات.
وسجلت الأستاذة جلال أن مشروع المسطرة المدنية، غيب المفوض القضائي وتجاهله، كما سجلت أن الحجز التحفظي، أعطى سلطة عدم إمكانيات منع الحجز على ممتلكات الدولة والجماعات المحلية.
من جهته، أشاد النقيب عزيز روبيح، باختيار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لهذا الموضوع، وكان سباقا تاريخيا للدفاع عن المهنة والقضاء في هذه البلاد، ومن المدافعين الذين أعطوا الكثير للعدالة واستقلالية القضاء وحريته.
مشروع المسطرة المدنية الذي جاء به وزير العدل، هو مشروع التضييق الذي حجم من دور المحامي، وكأن كل ما تعاني منه منظومة العدالة السبب فيه هو المحامي.
إنه ضرب في مقتل لممارسة الفعل السياسي، يقول النقيب، ويشرع لمغرب آخر لا نريده أن يكون كذلك، هل نحن محتاجون لثورة تشريعية؟ هل مشروع المسطرة المدنية صورة؟ الدولة التي تحترم نفسها لا يمكن أن تقود تغييرا جذريا .
وأضاف النقيب روبيح، نتحمل مسؤولية تاريخية اليوم، المحاميات والمحامون لم يكونوا فئويا، نحن نتطوع ونحتكم إلى الدستور، ونخاف أن نطبع ونستسلم لهذا المشروع، المحامي كجندي وسنواصل الدفاع عن المواطنين كمحامين ولن يقيدوا أيدينا، ولن ننسحب يوما .
وختم نقيب هيئة المحامين بالرباط، بالقول إن هذا المشروع إذا مر، فهذا نوع من الردة السياسية والإفلاس السياسي، وأن الدولة أكبر من مجرد ذ خلطة سياسية، الدولة أكبر من الحكومة والدولة المغربية أكبر من مجرد نزاعات سياسية ذ، والتاريخ فيه تجارب عابرة، وأنا غير متشائم.
من جهته أكد سعيد بعزيز، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، أن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب – المعارضة الاتحادية يشتغل بتوجيهات الكاتب الأول ومنسق قطاع المحامين الاتحاديين، وقد تم وضع مشروع قانون المسطرة المدنية يوم 19 دجنبر 2013، أي 7 أشهر من النقاش في 14 اجتماع و3 أيام دراسية.
ولنا، يقول بعزيز، موقف من مشروع مدونة المسطرة المدنية ونحن كاتحاديين من نجلد. فإصلاح العدالة ورش مستمر ولكن القوانين تتغير. وأبرز رئيس اللجنة على أن ما نخشاه أن نحول ذلك الفشل بأزمة التبليغ ونلقيه على المحاماة بدل الجهة التي تشرف على التبليغ، وأن هناك جهة ما تريد فشل المنظومة، وأول إشكال هو أين هو قانون المسطرة المدنية، لأن القوانين هي دراسة الواقع الميداني. كما تساءل عن ما هو التقاضي بسوء النية؟ والاختصاص القيمي مبالغ فيه، ويجب أن لا يتعدى 10.000 درهم ، هل الأساس هو القيمة المادية ؟ بل الحق هناك مطالب بدرهم رمزي.
كما أعطى بعزيز أمثلة عديدة، مثل الأحكام النهائية، الوكيل، مسؤولية المحامي من موكله، منازعات الشغل والحالة المدنية .
وختم سعيد بعزيز بمفارقة عجيبة وهي أن المحامي لا يترافع أمام محكمة النقض إلا بممارسة المهنة 15 سنة، إذا أضفنا لها ثلاث سنوات تدريب تصبح 18 سنة. وأن هناك 6 جهات هي المخول لها إحالة القانون قبل تنفيذه إلى المحكمة الدستورية.
من جهته قال عبد الكبير طبيح، عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء،إن هذه الحكومة الحالية حكومة لا اجتماعية، لا تهتم بالتشغيل ولا بالأطباء وتقدم صورة بشعة للمغرب أمام المستثمرين الأجانب، كيف نشجع الاستثمار الأجنبي وقانون المسطرة المدنية لا يعطي للمستثمر الحق في الدفاع عن حقوقه أمام الإدارات والجماعات المحلية.
إن السياق السياسي الذي قدم فيه مشروع قانون المسطرة المدنية للبرلمان، وهو سياق تتميز فيه الحكومة بهيمنة كاملة لأغلبيتها على البرلمان، أي أنه لا مجال لأي دور للمعارضة في أي تغيير أو تعديل لمشروع القانون، إذا لم تقبل به الحكومة.
بل حتى اللجوء إلى المحكمة الدستورية ليس متاحا لأي حزب من أحزاب المعارضة وحده. ما لم تتفق كلها على كلمة واحدة. وهو الأمر الذي لن يتحقق كما كشفت عن ذلك المحاولة الأخيرة لتقديم ملتمس الرقابة الذي اقترحه الفريق الاشتراكي، والذي لم تجتمع عليه كل أحزاب المعارضة.
لهذا السبب إذا لم تبادر الحكومة إلى إدخال التعديلات التي تلائم مشروع القانون مع الدستور فإن هذا المشروع سيصوت عليه البرلمان كما هو بكل ما يحمل من تعارض مع الدستور وتعارض مع قواعد النجاعة القضائية.
هناك هجوم على المحاماة من طرف هذه الحكومة، يقول طبيح، كل وزير يريد أن يبدل القوانين ليبقى توقيعه فقط، ففي فرنسا هناك قانون منذ 1830 لا يتغير ، ما هو مبرر إلغاء المسطرة المدنية الجاري بها العمل اليوم بكاملها، وسن قانون مسطرة مدنية جديد؟ علما أن إلغاء قانون المسطرة الجاري به العمل سيلغى معه كل الاجتهادات القضائية والعمل القضائي الذي راكمه المغرب لما يزيد عن نصف قرن. وسيؤثر إلغاء المسطرة الحالية على استقرار العمل القضائي وبالتالي على استقرار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
ألم يكن من المفيد أن يتم إدخال التعديلات التي تجيب عن بعض الإشكالات المطروحة اليوم، وعلى رأسها معضلتا التبليغ والتنفيذ الذي لا يظهر أن المشروع قدم لهما حلولا ناجعة ونهائية. ومشروع القانون سيؤدي إلى تقليص حق المواطن في الولوج للعدالة، وسيزيد من الضغط على القضاة من أجل الإسراع بالبت في عدد أكبر من الملفات، ويخلط بين من هو المسؤول عن الإدارة القضائية وبين مهمة إصدار الحكم.
قدم فقرات هذه الندوة وسيرها إبراهيم الراشدي، محامي بهيئة الدار البيضاء، كما قدم أرضية جاء فيها : « السادة النقباء الأجلاء، زميلاتي وزملائي، أقدم لكم جميعا خالص الشكر والامتنان، باسم قطاع المحاميات والمحامين الاتحاديين، على تلبية دعوتنا، إن حضوركن وحضوركم يعتبر تشجيعا لنا على مواصلة النضال من أجل المهنة الشريفة والنبيلة قصد الدفاع عن حرمتها واستقلاليتها ومكافحة الفساد وتقوية رهان التخليق .
أشكر كذلك الأستاذ النقيب والأخ العزيز الأستاذ عزيز رويبح نقيب هيئة المحامين بالرباط على تحمله مشاق السفر، إن اختيار النقيب عزيز رويبح ناتج عن دفاعه المستمر عن مهنتنا الشريفة المحاماة، وكذلك نضاله المستمر من أجل نصرة حقوق الإنسان بمفهومها الكوني .
الدكتور سعيد بعزيز ، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب سيكون من أهم المحامين في الدفاع عن التعديلات التي ستصدر عن ندوتنا هذه ، أو التعديلات التي تقدمت بها جمعية هيئة المحامين بالمغرب وكذلك التعديلات المقدمة من طرف قطاع المحامين الاتحاديين، اختياره نابع عن قناعتين:
القناعة الأولى: أنه حقوقي متميز معروف بنشاطه داخل عدة جمعيات ورئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان.
القناعة الثانية: أنه سيلتحق في القريب العاجل بمهنة المحاماة.
الأستاذة كوثر جلال محامية عضو سابقة بمجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء، متميزة وفاعلة حقوقية تهتم إلى جانب زمرة من الزميلات والزملاء بتنشيط منصة تناقش قانون الممارسة المهنية، والاجتهادات التي تعرفها الساحة الحقوقية.
الأستاذ العزيز عبد الكبير طبيح له عدة قبعات : رئيس سابق لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، فاعل حقوقي كرس جل حياته في الدفاع عن المحاماة وتكريـــــــــــــس حقوق الإنسان، ساهم إلى جانب الأستاذ إدريس لشكر، والأستاذ سهيل وعبد ربه في إغناء مناقشة الترسانة القانونية المتعلقة بالشركات ومدونة التجارة وإلغاء القانون المشؤوم المعروف بقانون كل ما من شأنه ظهير 1935 . أمام هذا الحشد الكبير من عمداء ونقباء و محاميات ومحامين أفاضل، نريد طرح بعض الإشكاليات التي جاءت في مشروع مدونة المسطرة المدنية، والتي هي محل نقاش بين الفاعلين والمهتمين منذ عدة أسابيع.
هذه الندوة تنخرط في التعبير عن الإرادة القوية لقطاع المحامين والمحاميات الاتحاديين عن إرادتهم القوية في المساهمة الفعلية، بجانب الهيئات المنتخبة للمحامين كجمعية هيئة المحامين بالمغرب، ومجالس الهيئات، في إنجاز ترسانة قانونية عصرية ومتقدمة تجعل القضاء في خدمة المواطن طبقا للمفهوم الجديد لإصلاح العدالة الذي جاء في خطاب جلالة الملك في افتتاح الدورة البرلمانية في أكتوبر سنة 2010، والذي أكد كذلك على أن النجاعة القضائية هي التي ترفع من مردودية عمل السادة القضاة وتساعدهم على إصدار الأحكام العادلة والمنصفة.
يخول الفصل 83 من الدستور 30 يوليوز 2011 الصلاحية للحكومة بأن تتخذ المبادرة لتقديم بعض التعديلات على المشروع احتراما لمبدأ التشاورية الدستوري . لذا نهيب بزميلنا الأستاذ عبد اللطيف وهبي ، وزير العدل والمحامي السابق واللاحق أن يأخذ بعين الاعتبار اقتراحات التعديلات الموضوعية الصادرة عن هيئات المحامين ، وكذلك عن بعض الزميلات والزملاء وعلى الخصوص لا الحصر المواد 375 و 30 و76 و 96 و 10 و 62 ، وكما لا يخفى عليكم فإن دستور المملكة لسنة 2011 ينص في جزء من الباب السابع منه على حقوق المتقاضين والعدالة وضمنها حق التقاضي والحق في قواعد سير محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول، وكذلك أن يكون التقاضي مجانيا في الحالات المنصوص عليها قانونا لمن لا يتوفر على موارد كافية للتقاضي ، لأن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة.
ومن هذا المنطلق فإن حق التقاضي والحق في محاكمة عادلة يقتضي المساواة بين جميع المواطنين وتمكينهم من نفس الوسائل للوصول إلى حقوقهم وضمنها دفاع له دراية بالمساطر القانونية للدفاع عنهم، وذلك بحذف التمييز بين المواطنين في ممارسة الطعون لأن تنصيص المادة 30 من المشروع على بت المحكمة الابتدائية انتهائيا في القضايا التي لا يتجاوز المبلغ القيمي فيها 40.000,00 درهم، وكذلك عدم قابلية القضايا التي لا يتجاوز مبلغها 100.000,00 درهم للطعن بالنقض، فيه تمييز وحيف ومساس بقواعد المحاكمة العادلة ، كما أن التنصيص على عدم إلزامية المحامي في كثير من القضايا يشكل حيف وعدم مساواة، خاصة وأن الدولة مسؤولة عن توفير الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لتمكين جميع المواطنين للوصول إلى حقوقهم ولو عن طريق المساعدة القضائية.
لن أطيل عليكم، أريد أن أذكر أن المحكمة الدستورية هي المؤهلة للبت في مطابقة هذا المشروع للدستور بعد المصادقة عليه وعرضه عليها من طرف الحكومة أو مجلس النواب.»
وفي الأخير قدمت للمشاركين في هذه الندوة، هدية رمزية، من طرف قطاع المحاميات والمحاميين بالدار البيضاء.


الكاتب : مصطفى الإدريسي تصوير: الموساوي

  

بتاريخ : 12/07/2024