في ندوة منظمة النساء الاتحاديات حول  «القانون الجنائي والحقوق الإنسانية للنساء» بهيئة المحامين بالرباط

حنان رحاب: اختيار هذا الصرح الحقوقي ذي الباع الطويل في الدفاع عن الحقوق والحريات وتعديل القوانين كمكان للندوة ليس اعتباطيا
فتيحة شتاتو: ضرورة ملاءمة المنظومة القانونية الجنائية مع المقتضيات الدستورية والاتفاقيات الدولية
عائشة الحيان:  ضرورة رفع التجريم عن مجموعة من الأفعال المتجاوزة في المنظومة القانونية الجنائية
نعيمة الكلاف: منظومة القانون الجنائي المغربي لم يتم تغييرها بالشكل المطلوب والترقيعات لا تفي بالغرض المنشود
مريم جمال الإدريسي:  نسعى إلى سياسة جنائية بمفهومها الشامل ومنسجمة مع السياسات العمومية لضمان حماية استباقية للنساء

 

أجمعت فعاليات حقوقية ونسائية على أن الحاجة ماسة إلى إرادة سياسية حقيقية لتغيير المنظومة القانونية المرتبطة بحقوق المرأة المغربية، ولم يعد الوضع المجتمعي الحالي والممارسة الميدانية يحتملان الترقيعات والتعديلات الجزئية في بعض القوانين الرئيسية المتعلقة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمرأة.
وأكدت هذه الفعاليات المشاركة في ندوة وطنية نظمتها منظمة النساء الاتحاديات، يوم الأربعاء 15 ماي2024  بمقر هيئة المحامين بالرباط، أن صياغة التعديلات في المنظومة القانونية، يجب أن تتجاوز المنظور التقليدي  للمرأة المغربية والصورة النمطية الذكورية، وأن ترتقي إلى صياغة قانونية تعتمد على المقاربة الحقوقية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ثم الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
وشارك في هذه الندوة التي اختارت منظمة النساء الاتحاديات أن يتمحور النقاش فيها حول « القانون الجنائي والحقوق الإنسانية للنساء»، كل من المحامية فتيحة شتاتو، المحامية عائشة الحيان، المحامية نعيمة الكلاف، المحامية مريم جمال الإدريسي وعضو الكتابة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، كما قامت بتسيير أشغال هذا اللقاء المحامية عتيقة الوزيري، عضو الكتابة الوطنية للمنظمة.
وبخصوص اختيار موضوع هذا اللقاء، أوضحت حنان رحاب، رئيسة منظمة النساء الاتحاديات، في مداخلة لها، أن المنظمة اختارت هذا الموضوع الذي يستحق الترافع حوله خاصة أن الوضع الحالي يسمح بتغيير القانون الجنائي في اتجاه إقرار المزيد  من الحقوق الإنسانية للنساء، وترسيخ المقاربة الحقوقية في صياغة التعديلات الجوهرية، ولإغناء مذكرة المنظمة التي ستقدم في هذا الإطار، بجميع آراء مكونات الحركة الحقوقية والمدنية والنسائية.
كما انتهزت رحاب الفرصة للتقدم بالشكر والتحية والتقدير إلى كل المحاميات  المشاركات  في هذا اللقاء، فضلا عن الفعاليات الحقوقية والمدنية والأكاديمية المكثفة التي أبت إلا أن تحضر هذا اللقاء الهام والمشاركة في النقاش بمداخلات قيمة.
كما عبرت رئيسة المنظمة عن اعتزازها باختيار هذا المقر لتنظيم هذا اللقاء الحقوقي الذي هو مقر هيئة المحامين التي لها تاريخ وباع كبير وطويل في المساهمة الفعلية في تعديل وتغيير القوانين والتشريعات وإقرار الحقوق والحريات.
وفي مداخلة لها انتقدت المحامية فتيحة شتاتو المنظومة القانونية الجنائية التي تضم عددا من الفراغات أثبتت الممارسة الميدانية أنها تشكل نتائج واختلالات مطلوب مراجعتها لإنصاف الحقوق النسائية.
كما دعت شتانو إلى ضرورة المراجعة الشاملة للمنظومة القانونية الجنائية في اتجاه إقرار الحقوق الإنسانية للنساء، وضمان الحماية القانونية والاستباقية لهن.
وطالبت شتاتو بملاءمة المنظومة القانونية المرتبطة بالحقوق النسائية مع المقتضيات الدستورية و المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
واستغربت المحامية عائشة الحيان في مداخلة لها، أن عددا من القوانين التي تعنى بحقوق النساء في قضايا أساسية كالإجهاض والعنف ضد النساء والاتجار في البشر، والتمييز بين النساء في القانون، تمت بخصوصها دراسات وأبحاث مستفيضة لا تؤخذ بعين الاعتبار.
وفي ذات السياق دعت الحيان إلى رفع التجريم عن مجموعة من الأفعال في القانون الجنائي، كالإجهاض الذي يجب أن يكون خاضعا لإرادة ولحرية المرأة على جسدها، ثم العلاقات الرضائية.
كما أكدت الحيان أن الحركة النسائية تطالب بقانون إطار في كل ما يتعلق بحقوق المرأة، خاصة العنف ضد النساء، يضمن الوقاية والحماية والزجر وجبر الضرر، عوض قوانين خاصة متفرقة.
ومن جهتها أكدت المحامية نعيمة الكلاف أن منظومة القانون الجنائي المغربي لم يتم تغييرها بالشكل المطلوب، بل نجد بعض الترقيعات التي لا تفي بالغرض المنشود كمنظومة قانونية متكاملة تضمن الحقوق والواجبات وتتماشى مع روح العصر.
وسجلت الكلاف أن منظومة الحقوق متعبة ومعقدة، والحقوق الإنسانية للنساء مرتبطة بالتمييز ضدهن، والواقع اليومي يبين بالملموس أن هناك تمييزا يضر بحقوق النساء في عدد من المجالات والحياة اليومية سواء على مستوى الأجور، شغل المناصب العليا، الحق في الملكية، والحق في التعليم، على سبيل المثال لا الحصر.
وخلصت الكلاف في مداخلتها إلى أن القانون الجنائي لايمكن أن يغفل الحقوق النسائية كالحقوق الثقافية والمدنية والاقتصادية، مشددة على تغيير المنظومة القانونية الجنائية والقوانين الأخرى بمرجعية الدستور والمواثيق الدولية الحقوقية والاتفاقيات الدولية.
كما دعت إلى ضرورة أن تعمل المنظومة القانونية على تجريم عدد من الأفعال كالاستغلال الجنسي، الإهمال، الطرد من بيت الزوجية، وتشديد العقوبة في جريمة الاتجار بالبشر.
ومن جهتها، تساءلت مريم جمال الإدريسي، عن الاختلالات والنقائص الميدانية في المنظومة القانونية الجنائية في شق التعاطي مع النساء وقضاياهن القانونية، «كيف تعاملت المنظومة القانونية الجنائية مع المرأة كمبلغة أو كمشتكية أو المرأة كضحية، والمرأة كجانية، والمرأة كاختلاف نوعي ؟ لتخلص في الأخير وتشدد على أن المرأة تتواجد في عدد من المراكز وتتأثر بالصورة النمطية والمنظور السوسيو ثقافي.
وتساءلت الإدريسي حول الشق المتعلق بالاستباقية وحماية المرأة كاختلاف نوعي، مؤكدة أن الممارسة تطرح تساؤلات حول كيفية معالجة المشرع لهذه التفاصيل.
وبالموازاة مع ذلك تساءلت الإدريسي حول أية سياسة جنائية لضمان حماية النساء وإقرار العدالة، هذه السياسة الجنائية التي نسعى أن تكون في مفهومها الشامل والمنسجمة مع السياسات العمومية التي تضمن حماية استباقية للنساء.
وتناولت الإدريسي بالتدقيق بعض القضايا المشرقة للمرأة والمجتمع، منتقدة سياسة التجريم لبعض الأفعال التي تقوم بها بعض الفنادق التي تحرم المرأة من الإقامة إذا كان عنوانها بالبطاقة الوطنية في نفس المدينة التي يقع فيها الفندق.
وقالت بخصوص الإجهاض إن هناك معاناة تدمي القلوب بهذا الخصوص، خاصة النساء اللائي تعرضن للاغتصاب، حيث لا حق لهن بالإجهاض، ويكون مفروضا على المرأة تحمل عنصر التخلف في القانون الجنائي وتربية ذلك الطفل على نفقتها، دون إثبات النسب، مع تحمل نظرة المجتمع السلبية.

 


الكاتب : عبدالحق الريحاني

  

بتاريخ : 18/05/2024