ادريس لشكر: “خيار المغرب ملكا وشعبا هو التضامن الإيجابي الفعال “لكي نرى فلسطين حرة وآن الأوان لوقف تمزيق الصف الفلسطيني”
السفير الفلسطيني: “ندعو إلى مسار سياسي يعيد للفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة و العلاقات بين الشعبين المغربي والفلسطيني عميقة”
المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس “: دعم المغرب للقضية الفلسطينية ليس مجرد تعبير رمزي، بل حضورا فعليا عبر مبادرات ملموسة
احتضن مسرح محمد السادس بجماعة الصخور السوداء في الدار البيضاء، مساء الأربعاء 3 دجنبر 2025، احتفالية خاصة بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وذلك في إطار أسبوع التضامن المغربي مع فلسطين. وحضر هذا الموعد الإنساني والرمزي كل من السفير الفلسطيني بالمغرب، ومدير وكالة بيت مال القدس الشريف، والأستاذ إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى جانب شخصيات سياسية وثقافية وبرلمانيين ومنتخبين وفعاليات من المجتمع المدني.
انطلق الحفل في أجواء مؤثرة تجسد عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين المغربي والفلسطيني وشهدت الفعالية تقديمًا احترافيًا منظمًا، بدأ بعرض فيلم تعريفي صيغ بذكاء بصري وبلاغة سردية، لخص بدقة مسار الاحتلال على الخريطة الفلسطينية، من لحظة الانتداب البريطاني مرورًا بالتوسع الصهيوني، وصولًا إلى واقع التهويد الحالي. وقد تابع الجمهور الفيلم بانفعال واضح، تبعته تصفيقات مؤثرة ثم تفاعل الشباب بشكل لافت مع كلمات المتدخلين، وصدحت القاعة بشعارات مناصرة لفلسطين والقدس، بينما بدت الحماسة جليّة في أعين الحاضرين ونبرات أصواتهم، في تعبير صادق عن عمق المشاعر تجاه قضية يعتبرونها جزءا من الضمير الجمعي للمغاربة.
ادريس لشكر الذي تناول الكلمة باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الحزب الوطني الأول الذي جعل من القضية الفلسطينية عبر مساره التاريخي قضية مصيرية بالنسبة له، حيث خصص مداخلته لقراءة تاريخية ووجدانية لمسار القضية الفلسطينية، والتعاطي الواقعي والمسؤول الذي نهجه المغرب في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وروى لشكر ما عاشه جيل كامل من المغاربة خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي من دعايات إعلامية عربية أوهمت الشعوب بقرب تحرير القدس، غير أن الواقع كشف لاحقاً زيف تلك الخطابات، وضياع مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس وغزة.
وأكد لشكر أن المغرب ظل، خلافاً لنهج الشعارات والمزايدات، ثابتاً في مواقفه وواقعيًا في ممارساته، مذكراً بأن إحراق المسجد الأقصى سنة 1969 شكّل لحظة فارقة دفعت المغفور له الملك الحسن الثاني إلى الدعوة لعقد قمة إسلامية طارئة. وأضاف أن المغرب كان من الدول العربية المؤسسة للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني سنة 1974، ما مهد لاحقاً لتمكين الفلسطينيين من مخاطبة العالم في الأمم المتحدة، وهو المسار الذي حمل خلاله ياسر عرفات غصن الزيتون، داعياً إلى السلام.
وشدد لشكر على أن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، نهج مقاربة عملية في التضامن، تتجاوز ردود الفعل العاطفية والمواقف الانفعالية، مؤكداً أن خطاب جلالته الذي دعا فيه إلى الانتقال من التنديد إلى التدبير يمثل منهجية ناضجة تتطلب تبنيها عربياً وفلسطينياً للتقدم نحو حلول واقعية تحقق العدالة والكرامة. وقال لشكر بنبرة واضحة: “إسرائيل لا تستفيد فقط من تفوقها العسكري… بل من انقسام الفلسطينيين. ألَم يحن الوقت لوقف التشكيك وتمزيق الصف؟”.
وفي ختام كلمته، ثمّن لشكر الالتفاف الشعبي والمؤسساتي المغربي حول القضية الفلسطينية، مؤكداً أن خيار المغرب ملكاً وشعباً هو التضامن الإيجابي الفعال، “ليس لأجل شيء إلا لكي نرى فلسطين حرة”. مضيفا أن التضامن المغربي مع فلسطين ليس ظرفياً، ولا موسمياً، ولا شعارياً، بل هو تضامن تاريخي وعقلاني وعملي، يستند إلى إرث حضاري والتزام دولتي ومجتمعي مستمر بهدف حفظ الحقوق وتحقيق العدالة وإبقاء الأمل قائماً في مستقبل تنعم فيه فلسطين بالحرية والسيادة.
هذا الخط الثقافي والإنساني يفتح باباً لمقاربات جديدة في تناول القضايا العربية الكبرى، تتأسس على الفعل الرصين بدل الخطابة العابرة.
من جانبه، أكد محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، أن دعم المغرب للقضية الفلسطينية ليس مجرد تعبير رمزي، بل هو حضور فعلي في القدس عبر مبادرات اجتماعية وإنسانية وتنموية ملموسة، معتبراً أن المغاربة “لا يدافعون فقط عن حقوق الفلسطينيين، بل عن حضورهم التاريخي في القدس الشريف”. وأبرز الشرقاوي أن المغرب رفع شعار: “معاً في الشدائد كما في أيام الرخاء”، في ردّ واضح على الظروف القاسية التي تعيشها غزة والضفة الغربية.
أما السفير الفلسطيني بالمغرب جمال الشوبكي فثمّن مبادرة التضامن، مذكراً بأن العلاقات بين الشعبين المغربي والفلسطيني تمتد تاريخياً إلى تحرير القدس على يد صلاح الدين الأيوبي بمشاركة فاعلة من المغاربة، الذين أقيم لهم حي خاص ولا تزال آثارهم شاهدة على ذلك. وأضاف الشوبكي أن العالم اليوم يقف بوضوح ضد سياسات الاحتلال التي وصفها بـ”الفاشية”، داعياً إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى وفتح مسار سياسي يعيد للفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.
واختتم الحفل التضامني بعروض موسيقية تمزج بين الغناء المغربي الأصيل والثراث الفلسطيني الخالد.

