قافلة نزاهة شعرية تجوب البوادي والهوامش ولقاءات استثنائية نواحي أزيلال

لقاءات وقراءات شعرية وفنية واحتفاء بالتراث المادي واللامادي وانفتاح دائم على التعدد اللساني والتنوع الثقافي المغربي، في ثان محطة نظمتها دار الشعر بمراكش، ضمن برنامجها الثقافي والشعري «نزاهة شعرية» واختارت هذه المرة منطقة تامدة نومرصيد، وأمنترك، وشلالات أوزود، ومدينة أزيلال، فضاءات مفتوحة في لقاءات شعرية وثقافية استثنائية في يوم واحد، وعرف مشاركة العديد منن الوجوه الثقافية والفنية، الى جانب الحضور الفعلي لقافلة دار الشعر بمراكش، والتي تكونت من فعاليات تنتمي لحقول الأدب والفن والإعلام.
فقرة أصوات معاصرة ب»امنترك»: احتفاء بالتجارب الشعرية الجديدة
مقر جمعية آوال نوزيلال، كان أول محطة في هذا اليوم الاستثنائية، صبيحة السبت 13 يوليوز وفي مدينة أزيلال وعلى الطريقة المغربية التقليدية، تم استقبال قافلة دار الشعر بمراكش في فضاء هذه الجمعية الفتية، والتي ترعى العديد من المبادرات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. في الفضاء المفتوح، أمام مقر الجمعية وبعد زيارة معرض المنتوجات النسائية، لأحد التعاونيات، والتي تحرص على صناعة الزريبة التقليدية، تم تنظيم فقرة أصوات معاصرة شارك فيها مجموعة من الشعراء الشباب وافتتح الأصبوحة الشعرية، الشاعر بدر هبول قائلا:
غَرَقٌ جَمِيل: لملم غيـــــــابك زر كالنـــــور أحداقي/ بل كن جميلا وخذنــــــي حد إغراقي// وكن دوائـــــي فــــــــإن البعد يتعبني/ بل كن شفائي وكن في الحب ترياقي// وكن لبـــــــــــــــيبا فإن الشعر بوصلة/ تدنو القلـــــــــوب بها من بعد أشواق// وكن خفيفا فروحــــــــــي عطر زمبقة/ وكن مجــــازا وعــــانق صبح إشراقي// فإنني رغم مـــــــا في العجب يحملني/ نهر القصـــــــائد كي تلقـــــــاك آفاقي. لتتواصل القراءات الشعرية، فصيحا وأمازيغية، لشعراء شباب من مراكش وأزيلال: إلهام زويريق، حنان آيت ايزو، أنس وجوضن، محمد بوحاز، هشام آيت سعدي، محسن زعاك، وحمزة أبعاش.
حضرت القصيدة العمودية والشعر الأمازيغي وقصيدة النثر، تنوع للألسن ولأنماط الكتابة الشعرية، لكن الجوهر ظل هو اللقاء والحوار والتفاعل الشعري والإبداعي، بين أصوات شعرية تنتمي لراهنها اليوم.

فقرة «أوال» ضمن البرمجة الجديدة لدار الشعر بمراكش
تنسج هذه الفقرة الجديدة، أوال، لحظة شعرية مضافة لدار الشعر بمراكش والتي ظلت تبدع في «وسائل وتقنيات التدبير المؤسساتي الثقافي». لحظة شعرية للتناسج والحوار اللساني الشعري ولتفاعل الرؤى الإبداعية، بين أجيال شعرية مختلفة. احتضنت دار الثقافة أزيلال، بقاعة العروض، اللقاء الشعري الثاني «أوال» ضمن برمجة استثنائية عرفتها تظاهرة نزاهة شعرية، ودائما ضمن فعاليات اليوم الخاص بالسفر والترحال بين الفضاءات والأماكن البعيدة وهوامش المدن.
وشارك الشعراء: يوسف آيت المودن، ومريم أبجو، وحسناء عاشر، وطه فارس وفاضمة نايت خويا في ديوان أوال الشعري. أجيال مختلفة تنتمي لشجرة الشعر المغربي الوارفة، اختارت القصيدة جسرا لأفقها الإبداعي، ويبقى اللافت في تجربة الشعر باللغة الأمازيغية خصوصا عند الأجيال الجديدة، هو العودة للأسلوب الحكمي والقيمي. هذه اللحظة الشعرية الثانية، شهدت حضورا لأعضاء جمعية أوال نوزيلال الى جانب رواد المركز الثقافي بالمدينة.
في أحد إشراقاتها تقول الشاعرة حسناء عاشر، من منطقة البرادية، «ومضة»: «لم تمض سوى دقائق/ جبنت فيها خطاي../ وسرقت من عينيك لهفة/ نخرت جسدي الصغير/ أتراني القاتل أم القتيل؟/ ومضيت من وهني أشدو/ أأجعلك فيه ذكرى/ أم أزرع منفاي في منفاك وننصهر..».

شعراء ضفاف يتقاسمون قصائدهم مع الماء
حضر السيد لحسن آيت اصحا، رئيس الجماعة تامدة نومرصيد، والذي أصر على دعوة قافلة دار الشعر بمراكش لحضور افتتاح المهرجان الفني والثقافي لتامدة نومرصيد، والذي صادف تنظيم تظاهرة نزاهة شعرية للدار. وحضر الوفد للفعاليات والتي شهدت عرضا للتبوريدة، هذا التراث المغربي الأصيل والذي صنف تراثا إنسانيا، وكانت مناسبة للشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، أن يعرف بدور هذه المؤسسة الثقافية والتي تمثل نموذجا خلاقا للتعاون الثقافي المشترك بين وزارة الثقافة المغربية ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة.
المحطة الأخيرة لهذه التظاهرة، كانت شلالات أوزود في جماعة آيت تاكلا في إقليم أزيلال (150 كلم عن مراكش)، وفي مواصلة للانفتاح على المناطق البعيدة. ويبلغ ارتفاع الشلالات حوالي 110 متر، وتعد من أشهر مناطق الجذب السياحي في المغرب. وفي فضاء أزركان التقى شعراء ضفاف شعرية: ابراهيم مجاهد، عزيزة لعميري، حياة بوترفاس، في أمسية سهرت على تقديم فقراتها الشاعرة سمية آيت زهرا، خريجة مشاتل ورشات الكتابة الشعرية لدار الشعر بمراكش، فيما أحيت الحفل الفني، لضفاف شعرية، فرقة إشراق الفن أحيدوس امرصيد.
اقترحت الدار ديوانا شعريا ماتعا، جمع بين الشعر الأمازيغي (الشاعرة حياة بوترفاس والشاعر ابراهيم مجاهد) بتنوع روافده من الريف الى الأطلس وقصائد الفصيح (الشاعرة عزيزة لعميري)، وفي ضيافة الماء حيث الشعر ينساب بين التفاصيل. افتتحت الشاعرة عزيزة لعميري هتاف الشعر قائلة: «قف بالمدى يا غريبا رده الشجن/ نبك النوى فرقة الأحباب من ظعنوا// لتواصل في «مديح المغاربة»:
شموسا على الدنيا يطل المغاربه/ إذا ما ظلام الدهر أبلى كواكبه// يسيرون لما الأرض تظمى لغيثها/ رياحا إلى الربى تسوق سحائبه// تراهم يجدفون البلى صوب شطهم/ وموج الردى فيهم يدير مراكبه// وتبري لهم أيدي الزمان نبالها/ وصم الصفا تخزي على النبل صاحبه// وهم قد أعاروا للجبال شموخها/ ترد به على الزمان نوائبه».
فيما قرأت الشاعرة حياة بوترفاس، من ديوانها أزويت، في مزيج بين الكلمة الشعرية والشدو. واختتم الشاعر (أنظام) ابراهيم مجاهد، هذه الذاكرة الشعرية الحية فقرة ضفاف، بمقاطع تستدعي الحكمة.
شهدت هذه التظاهرة الاستثنائية لقافلة دار الشعر بمراكش، تنظيم لقاءات شعرية وتواصلية وزيارات لمؤسسات ثقافية، الى جانب عقد لقاءات أدبية شهدت قراءات شعرية ومداخلات، سعيا لترسيخ قنوات التواصل والإنصات لشعراء وشاعرات يمثلون مختلف تجارب وحساسيات المنطقة. هي «أصوات وأوال وضفاف».. فقرات شعرية جديدة ضمن برنامج «نزاهة شعرية» والتي تسعى لترسيخ حوار شعري وفني بين القصيدة وفنون الأداء والفرجة، ضمن استراتيجية، دار الشعر بمراكش، ترسيخ أنماط و»قوالب» حديثة للتداول الجمالي للقصيدة، وإرساء نسق خاص للإلقاء الشعري «الفرجوي»، بفضاءات مفتوحة على الفرجة الجمالية والشعرية.


الكاتب : مراسلة خاصة

  

بتاريخ : 18/07/2024