قدسية الألف

 

ليس الألف حرفا عاديا.. إنه استقامة الأحرف جمعاء… انتصاب مسلة اللغة في جوف الكلام.
تجلي لهمسات ابن عربي في أذن بورخيس.. الذي رأى الألف «في كافة أنحاء الكون».. وإنه هو هو وأنت أنت في مقامه السماوي.. متعال عن كل انحناء وانعواج.. إنه بلاغة الخط وصراط الأحرف لمنتهى الكلام..
في بدء كان الألف.. مهد الإشارة وآخر النبأ.. وامض مثل أبيض الألوان.. فيه تتحد الحروف ومنه تتشكل المنطوقات، وتعرف النواكر، وتشخص المنسيات في اللغة والكلام.
إنه رائحة اللغة، حرف يتخلى عن حروفيته، في سبيل الصعود في أفق عمودي إلى قمة المقام.. إنه الواحد المتعدد.. اللفظ المراوغ.. والشكل المتنصل من سلطة المعاني وألفة التفاسير..
عدد في حرف وحرف في أقصى أعداد العرب.. ليس بعد الألف الى ألف ألف وألوف الألف /الٱلاف..
لا يعرف الرب إلا بالألف.. ا لـ ـلـ ـه.. ا لـ ا لـ ـه… اللام والهاء إضافات لتأكيد الربوبية.. أما الألف إقامة في الملكوت وفي السماء.. ولا تكتمل وحدانية الله الا بالألف.. لـ ا – إ لـ ـه – إ لـ ا – الـ ـلـ ـه..
يرفع المسلم المصلي ألف الأصابع لإعلان الا ستشهاد والشـهادة.. لا بد من استقامة ومن انتصاب للواحد/الإصبع/الألف.. حتى يكتمل الاتصال بالملكوت.. وتصير للقول بلاغته، ويتحقق الإيمان والإقرار بالوحدانية والخضوع والخنوع والاستسلام..
ينتفض الأصبعان رمزا للنصر المُعَلْمَـنِ، لكن لا اكتمال للنصر الإلهي عند المسلم إلا بوحدانية الإصبع، لا ثنائية له ولا ثانيا معه.. لأنه رمز ألف الأول وألف الٱخر، وألف الأبدي…
وبه، ليس الألف حرفا بل صورة الوحدانية وهيئة المنتهى في اللغة والعد.. يبدأ الحساب بالألف واحد الٱحاد (1) وينتهي عنده.. إذ تجتمع الأصناف في اللامنتهى على الواحد.. وعنده تستقيم وتبقى…
الألف أبقى.


الكاتب : عز الدين بوركة

  

بتاريخ : 21/02/2024