أطلسُ التجربة الشعرية وقراءة العالم
أيتها الريح…
دمري ما تبقى من معبد القلب…
لقد بلغت سبعين كارثة…
وما زال عطش العمر..
يشعل ثورة ويغرق الدلاء…
قال البير كامو ( أنا متمرد إذاً أنا موجود ). فبعد ديوان «الفيلسوف الذي أبحر في اليابسة» ها هو الشاعر المتمرد كبور فرتاد يؤكد تواجده مرة أخرى بإصدار منجزه الجديد الموسوم ب. «أطلس يحمل العالم ويلعب البوكر» عن منشورات ميزوبوتاميا 2024 بهولندا، وهو ديوان شعري من 49 قصيدة. وبرسمة غلاف من تصميم الزبير فارس، رسمة تمتح سيميائيتها من عالم الحظ والألوان والخانات المتشابكة، حيث المتاهات ذات الأبعاد اللا متناهية. التي يكون الداخل إليها مفقودا والخارج منها مولودا.
وديوان « أطلس يحمل العالم ويلعب البوكر» باعتباره تجربة شعرية متميزة للشاعر فرتاد كبور فقد قالت في شأنها لجنة القراءة لدار النشر ميزوبوتاميا ما يلي : « تتميز قصيدة الشاعر المغربي كبور فرتاد بقدرتها الفائقة على الجمع بين السيرة الشعرية وقراءة العالم، تجربة شعرية متميزة مبنية على مباغتة القارئ بمفارقات تتراوح بين التأمل والدهشة بين التاريخ والراهن». كما نحس من خلال انغماسنا في حمولة وتراكمات قصائد هذا الديوان أننا نسبح في سيل من الأنساق التي تُعَبِّرُ وبصدق عن كثير من التجارب التي عاشها الشاعر في بيئة وجودية لا تعرف الاستقرار ولا السكينة، بيئة مليئة بالأحداث والمعاناة والفواجع. غنية بالإكراهات ذات العواقب غير المحسوبة والمفضية إلى عوالم غير مؤثثة بما يكفي من متطلبات الحياة ولو في حدودها الدنيا، عوالم استطاع الشاعر قراءتها والتماهي معها بما يناسب من الذكاء درءا لكل ما من شأنه أن يفضي في نهاية المطاف إلى الاستكانة أو الخنوع.
أطلس الإله في ذوات متناقضة :
إذن لنقتحم مفارقات هذا المنجز بدءا بعتبة العنوان «أطلس يحمل العالم ويلعب البوكر» باعتباره عتبة محددة لهوية النص، فعند نقرة بحث حول أصل كلمة «أطلس» نجد أنها تعني إلها معبودا في الميثولوجيا الإغريقية، يشتهر بحمله قبة السماء على كتفيه، وهو أحد الجبابرة الأقوياء كأوقيانوس وكريوس و كرونوس وغيرهم، حسب الميثولوجيا الإغريقية فهو ابن العملاق ايبتوس و الحورية كلايموني، يقول البعض الأخر أن أمه كانت حورية اسمها آسيا. كما أن أصل التسمية «أطلس» فهو يعود للغات ظهرت ما قبل اليونانية، لكن الإغريق والرومان اعتقدوا أنه مشتق من جذر يوناني لكلمة تعني «شديد التحمل». ولهذا سخره الشاعر لحمل العالم بقوله في الصفحة 25. من الديوان :
وحدي
انفردت بحمل العالم
ولعب البوكر في حدائق «لاس فيݣاس»
جريرتي أبدية
قبل أن يولد جلال الدين الرومي
ويحرق «ڨان خوخ» أصابعه في فرن
ومن عبثية القدر أن شاعرنا جعل هذا الأطلس مهووسا بلعبة البوكر، وبالضبط في حدائق «لاس فيݣاس» المدينة السياحية بولاية نيڨادا الأمريكية، الشهيرة بكونها عاصمة القمار في العالم، ومعروفة في المقام الأول بالقمار والترفيه والحياة الليلية. والبوكر حسب بعض المواقع المتخصصة هو مجرد “لعبة ورق تمكن من ربح كثير من المال، وتحتاج إلى محترف وجزء كبير من الحظ، وأرباحها هائلة والخسائر فيها واردة أيضا، فهي في المقام الأول لعبة قمار”. وجريرة أطلس في كل ذلك أبدية حتى قبل ولادة جلال الدين الرومي، هذا المتصوف الزاهد الذي اشتهرت أشعاره بأمريكا بعد ترجمتها حيث غنت المطربة المشهورة «مادونا» إحدى قصائده. وكذلك حتى قبل أن يحرق المختل «ڨان خوخ» أصابعه في فرن من أجل موافقة عمه تزويجه ابنته كورنيليا أدريانا فوس ستريكير (وتسمى «كي»). مهددا بقوله : «اجعلوني أراها قدر ما أستطيع وضع يدي في هذا اللهب». وفي هذه الصورة المشهدية من قصيدة الشاعر كبور فرتاد التي جمعت بين أطلس وجلال الدين الرومي وڨان خوخ. مقاربة تأويلية لكل المتناقضات التي اجتمعت في شخص حامل العالم.
هكذا يصور لنا الشاعر كبور أن العالم الذي هو كل شيء، قد حُمِّلَ على ظهر هذا الأطلس المستهتر الذي جمع بين زهد جلال الدين الرومي وخبل ڨان خوخ إلى جانب لعبه القمار، فما هذه المفارقة الغريبة يا ترى التي خولت الشاعر منح مسؤولية كبرى لشخصية فيها من الزاهد شيء ومن المقامر شيء ومن المختل شيء؟ وهل في هذا الانزياح شيء من الجدل الواقعي الذي تَنْضَحُ به مجريات أمور هذا العالم الصاخب المتموج الذي لا يستقر على قرار؟. هذا العالم الذي فقد جادبيته وتوازناته نتيجة تجبر الإنسان على نفسه لمجرد مكاسب مادية لحظية تولد عنها طغيان وجشع كبيرين مبعثهما كفر عوالم الصناعة بمبادئ الطبيعة وبأنسنة الإنسان، إلى جانب كبث الحريات ومعضلة الذكاء الاصطناعي. وكذا تراجع منسوب الأمن العالمي أمام التسابق نحو التسلح بدافع الصراعات السياسية المتتالية، ومما زاد الطين بلة أن كل ذلك تم تغليفه بمعلومات خاطئة ومضللة تهب علينا وتنتشر من حين لآخر بشكل متعمد عبر أنجع وأسرع وسائل التواصل الحديثة، الأمر الذي أثر وبشكل كبير على مستوى الاستقطاب المجتمعي، وكأننا بالفعل نعيش لعبة البوكر على حقيقتها حيث يتأرجح فيها ميزان القوى بين الربح والخسارة، والتي ينعكس تأثيرها بشكل مباشر على المجتمع عامة. ومن كل هذه العناصر تتشكل المادة الدسمة التي تغذي الأفكار الواردة في كثير من متون ديوان «أطلس يحمل العالم ويلعب البوكر».
أطلس ما بين غفوة العدم وصحوة الوجود :
من خلال قصيدة «انس كل شيء»ص5 التي مطلعها :
إنس الشعر
إنس اسمك الحركي
الذي محته الريح
إنس سقيفة بني سومر
واللحية الماركسية
التي سقطت من الذقن المستطيل
إنس المنافي
نلاحظ مدى تشظي ذات الإنسان الذي لم يَجْنِ من نضالات الحياة وتضحياتها كما ذكر الشاعر، سوى الركون تحت شجرة لاحتساء الشاي والتسلي بالكتابة عن الشيخ الذي قبض على غابة وهَرَّبَ جميع الظلال وأكياس الأكاجو، وعن العاشق الذي بعثر نبضاته في كأس، وعن شيخوخة الشعر والحب وعن السُّكْرِ والصمت والموت. تاركا حمله الثقيل من رصيد ما ورثه عن اسمه الحركي ولحيته الماركسية وسهر الليالي وكميات الدخان التي تكلست بسببها شعاب التنفس، وما استُهْلِك من حبرٍ وكلامٍ بسقيفة بني سومر. كل ذلك اعتُبِرَ عبثا أمام ما آلت إليه أوضاع الإنسان الذي فضل بل آثر الركون إلى أَمَلٍ سرعان ما تحول إلى ألمٍ سقط نجمه ولم يكترث، وما هذا إلا نمودج لكثير من نصوص الشاعر كبور التي قال عنها وعن كاتبها القاص والناقد ميلود فيروشة* بأنها «تتغيا المفارقات الكبرى، وتخاتل الزمن اللعين، وتعانق معضلات بني جلدته، وتسخر من وقائع بعينها ْلذلك فهو دوما متفردا جانحا، نحو أفق بديل». وبالفعل فإن الشاعر هنا قد جمع في قصيدة واحدة ما لا يجمع في مجلدات، حياة بمعاناتها وشخوصها، بأماكنها وطقوسها، بأحداثها وتقلبات أوضاعها، وفي آخر المطاف لم يتحقق من كل ذلك سوى ما عبرت عنه قصيدة «أموت مثل كلب» التي نصها : ص68.
نام الوجود
نام العدم،
كلاهما مات.
سأموت مثل كلب
وحدي
أعرف هذا الخليط
يعلو صفير المقابر
أتعرف عليّ
أنا القادم من رماد النسيان.
فحينما تتكالب الظروف على صاحبها يتبدى له الجانب الأسود من الظل، المعبأ بكل أشكال التمثلات والانزياحات المحبطة للعزائم. التي سرعان ما تدب حفيفا لأعماق الشق المتلبس باللواعج من النفس، مما يؤلم القلب فيُصَيِّرُهُ مُضغة وكأن بها مس من شيطان رجيم. ربما هذا ما جعل شاعرنا يغوص بسرده عميقا في الغموض، ليتعرف على نفسه بل ليعلن ولادته وكأنه قادم من رماد النسيان ما بين غفوة العدم وصحوة الوجود. معلنا تمرده الشامل على كل ما تلبست به هذه الحياة من تلاوين ليشكل ذاته من خلال اختياراته متحملا في ذلك كامل مسؤولياته. ومن خلال هذا الإعلان الوجودي للشاعر كبور فرتاد قد نستنسخ كثيرا من المفاتيح التي يمكن بواسطتها فتح مغاليق واقتحام دهاليز هذا العالم الصاخب المتموج الذي لا يعرف معنًى للاستقرار أو الهدوء. حيث يقول في آخر مقطع من قصيدة «قضية» :ص20.
كيف أضحك يا كامو
ووجهي معفر بالتراب؟.
أشحذ قلما
وأكتب عن عصر «زفت»
لا غرب يسع غروب الشمس
لنصنع من الطحالب مشواة
ومن الحجر أسماكا
لهذه النوارس الجائعة.
فالوجه معفر بالتراب والعصر زفت والأفق ضيق والنوارس جوعى، إنه منظر سوريالي لواقع مرير مليء بالتناقضات. فرغم شساعة العالم يؤكد الشاعر أن ليس هناك غرب يسع غروب الشمس، هذا العالم لا نحس شساعته بالعين بل بما يختلج في النفس من أحاسيس، إذ هو شاسع رحب لحظة الفرح والغبطة، وضيق حد الاختناق لحظة الحزن والتعاسة. وحسب «شوبنهاور» فإن كل وجود خارجي مرده في الواقع إلى الذات، وفي ذات السياق نجد «باسكال» يذكرنا بفكرة الاحتواء، وهي فكرة قائمة على أن الكون يحتوينا ماديا ونحن نحتويه فكريا وبالتالي فالعالم الصغير هو الإنسان، والإنسان الكبير هو العالم. نفس ما ذهب إليه وتبناه «غدامير» الذي يقول بأن الفرد ينتمي للعالم والعالم يحتوي الإنسان، وكلاهما يمتلك الآخر. ونجد هذا الهم الأنطولوجي للإنسان حاضرا وبقوة في غالبية قصائد ديوان «أطلس يحمل العالم ويلعب البوكر.» ففي قصيدة «مازال جسر ميرابو كما هو»ص 36. نجد الشاعر يخاطب سارتر بقوله :
سارتر!
ادفع بي عربة الوجود
أريد بيع هذا الجنون لضباب باريس
وأقلم أظافر الهذيان
في الليالي الباردة
بساحة سان جيرمان
إذن ما قيمة وجُودٍ مستقبَلُهُ غامضٌ؟. وجودٌ لا فائدة ترجى من حمولة ماضيه و حاضره. حمولة بدون قيمة كونها لم تعد تفضي لأي مستقبل واضح، الأمر الذي جعل «هيدجر» يقلب الأنطولوجيا رأسًا على عقب، حيث بدأ بالسؤال المنسيّ طوال التاريخ الأنطولوجي : ما الوجود؟» 1، وخاصة في ظل مستجد غير واضح المعالم، وجودٌ فرض نفسه بقوة جنونية إلى جانب الوجود الواقعي، إنه الوجود الافتراضي الذي قلب كل الموازين، وأصاب شاعرنا بنوع من الجنون مما حدا به إلى التوسل إلى الفيلسوف «سارتر» صاحب كتاب «الوجود والعدم» كي يدفع عربة الوجود التي يركبها شاعرنا، عله يستطيع التخلص من جنونه، ليتمكن من تقليم أظافر الهذيان الذي اصابه بسبب عدم قدرة فكره تحمل واستيعاب تغيرات بيئة الوجود المحيط به. هذا الوجود الذي لم يعد يربط بين عناصره الثلاثة (الماضي، الحاضر والمستقبل) أي خيط ناظم.
أطلس بين تعدد
الشخوص والأزمنة :
فالشاعر غالبا ما يجعل قصائده تتأسس على قوالب لا يتقن صنعتها إلا هو، بحيث يكاد الفهم يحار في الهندسة التركيبية التي اعتمدها عند وضع كل اللبنات لبناء قصائده،،، وبصوغ يكاد يجعل المتن شفافا مُزيحا كل الحجب عن مكنوناته. حيث نجد كل قصيدة تكاد تشكل كيانا مستقلا بذاته، كيان تَجَمًَعَ فيه من الأحاسيس والخوالج والانزياحات ما تَجَمَّعَ في حياة بكاملها. وبمضامين تجمع بين سرائر الحب…وعذابات الهجر… نجد كذلك ضنك الغربة… وهلوسة الشك…ثم فلسفة الوجود…إلى جانب محاورة شخصيات… أو إشراكها كعنصر أساسي لتشكيل الصورة الإبداعية الكاملة لما يريد الشاعر صوغه من أفكار وتصورات. وبتجوالك بين دروب ديوان « أطلس يحمل العالم ويلعب البوكر» غالبا ما تصادفك قصائد فيها كثير من التجرد عن نمطية وحدة الموضوع التي تطبع الحكي التقليدي المبني على أساس سردي يتضمن استهلالا ومشكلة ثم حلا.
فالأسلوب السردي المعتمد عند الشاعر كبور فرتاد، نجده لا يتقيد في مجمله بشخصية واحدة أو زمن محدد، بل بشخوص كُثُر وبأزمنة وأمكنة متعددة.
فمثلا في قصيدة «ما زال جسر ميرابو كما هو» نجد السارد يتناول ضمنها وبشكل مُرَكَّز شخوصا متعددة وهي كالآتي : العابر ، الملائكة الأرضية، سيمون، سارتر، فرعون، المعري، ابن جني، المتنبي، ثم ليليت. نفس الشيء بالنسبة للأمكنة حيث نجد : جسر ميرابو، باريس، شارع سان جرمان، حقل الجلنار، البحر، أسوار حلب ثم شارع بيسوا.
وكل تلك الشخوص والأمكنة تُتَداول أحداثها بطبيعة الحال في أزمنة متعددة مختلفة. وهذا أمر لا يتأتى بالسهل من جانب أي شاعر إلا إذا كان متمكنا من لغته الشعرية، متعدد المشارب، خصب المعرفة و الاطلاع. وهذا ما أكده الناقد أبوشامة حنيف بقوله : إن ( الشاعر « كبور « يعجن اللغة الشعرية في كفٍّ ذكيّةٍ تمتلك رؤيا أذكى و هو يعومُ في بحر الشعر مسلّحاً بمقولة عالية المنسوب الإبداعي، تخبرنا قبل أن تخبِرهُ، و تهمس لنا بقرار ( أن أكون شاعراً ينبغي أن أختلف عن الشعراء لا في تمايزٍ مجاني ينعت شعريتي بالفرادة ، فهذا لا يعني لي شيئا ، بقدر ما هو قرار بأن أكون أنا كما أتصوّرُني أنا ، لا غيْرِي ، عارياً في ثوبِ الصدقِ : صدقِ الرفضِ وصدقِ التمرّد وصدقِ الإدهاش ))…انتهى كلام الناقد أبو حنيف. وقد لخص لنا الشاعر كبور مجمل عناصره هذا الكلام في النص الشعري التالي ص 62.
كتائه يتسلق ادراج الظلام
كجلاد يفتل حبل مشنقة
كقصيدة غرقت في ماء
ككأس لم يسعفها فم
كفم وجد مرا في قبلة
كقبلة أتت في خريف عمر
كعمر لم نعشه بَعدُ
هذا البَعدُ
مجرد حلم وألم…
وهكذا فحينما تتشابك خيوط الحياة المحيطة بنا، فإنها تحدث في دواخلنا كثيرا من التَّمَاسات التي لم يعد لها موقع ألم داخل علب الأحاسيس التي يتشكل منها هذا الكيان/البدن العجيب، الجامع لكل الأجهزة المسؤولة عن الحركة والتفكير والتفاعل، والتي تبقى بدون قيمة ما لم تكن هناك على قول الشافعي روح حاملة لهذا البدن. والتي سمَّاها ابن تيمية نفسا كونها مدبرة للبدن، هذه الروح التي قد تفر منا في أية لحظة. ومن باب أن المرء فوق طاقته لا يُلام. وما دام لكل شيء حد، ومن أجل الحفاظ على هذه الروح المتخنة بالجراح والمتاعب فإن الشاعر فرتاد قد آثر الركون إلى السفح لأنه لم يعد له اطمئنان في البقاء واقفا على جبل في غياب كثير من الشروط المؤثتة للقدرة على الصمود ولمواجهة الصعاب، في ظل زمن لم يعد رجاله كما الرجال. ليكتفى بعَصرِ كلماته المشردة في كأس خمر، كونها كلمات لم تجد آدانا مناسبة للصغو ولا قلوبا بها متسع للاستيعاب. ثم احتفظ بورقة زيزفون نظرا لما لهذا النوع من الورق من دلالات رمزية فيما يخص الحفاظ على هذه الروح وضمان بقاءها مستمرة الحيوية في ذواتنا. خاصة وأن ورق الزيزفون قد تبث علميا أن له فوائد جمة على الصحة من قبيل الحماية من الأمراض المزمنة كمرض السرطان. تأخير شيخوخة الجلد، تحسين الهضم، علاج القلق وتحسين المزاج، تخليص الجسم من السموم، علاج الكحة ونزلات البرد، تحسين صحة القلب. وهذا ما ضمَّنَه الشاعر قصيدته «لحظات مفترسة» ص 23/22. بقوله :
أعصر كلمات مشردة في كأس خمر
وأحتفظ بورقة زيزفون
لم يعد لي اطمئنان أن أقف على جبل
سأترك القصائد تتدحرج
وألود بسفح
سأحاول الوقوف عند هذا الحد، لا استيفاء لكل ما تتطلبه القراءة النقدية الرصينة، وإنما لكون أي ديوان شعري من قيمة وطبيعة دواوين الشاعر كبور فرتاد قد لا تنتهي عندها القراءات النقدية مهما تعددت. نظرا لخصوبة الأفكار، وفرادة الأسلوب، وصخب بحار التصورات والدلالات، إلى جانب ما تزخر به من المقولات الفلسفية والمواقف الإنسانية الغير محددة لا في الزمان ولا في المكان.