تكتسي الكتابة حول تاريخ الجنوب المغربي دورا مهما في إغناء المكتبة التاريخية المغربية، نظرا لأهمية هذا المجال في فهم واستيعاب العلاقة بين المركز والهامش ، أي العلاقة بين السلطة المركزية والقبائل وتمكننا دراسة هذه العلاقة بشكل يستجيب والموضوعية التاريخية إمكانية كتابة التاريخ من أسفل. ولعل ما كُتب حول الجنوب المغربي لا يغطي متطلبات الباحثين من مختلف مشارب المعرفة الانسانية، بمن فيهم المؤرخين الذين وجدوا صعوبات ما تزال قائمة لصياغة مونوغرافيات مركبة تتماشى والتوجه الجديد في الكتابة التاريخية الجديدة والتي تركز على التاريخ الاجتماعي والاقتصادي وتاريخ الذهنيات وتاريخ المهمشين أو المسكوت عنهم في الكتابة التاريخية.
لا يمكن فهم أدوار الزاوية السملالية بمعزل عن الأدوار التي مارستها الزوايا الأخرى بربوع المغرب، كما يصعب استيعابها دون وضعها في سياق الأحداث التي مر منها المغرب وبخاصة سلسلة الغزوات الإيبيرية التي لم ينجو منها سوس بفعل تخلي السلطة المركزية الوطاسية عن أدوارها المتمثلة في الامارة والجهاد والدفاع عن حوزة «الوطن» وحماية البلاد والعباد، فكان لابد للمغاربة بكل فئاتهم الالتفاف حول شخصية دينية رزينة ومؤهلة لممارسة الأدوار المتخلى عنها من طرف المخزن «الضعيف». وبالعودة إلى أحداث المغرب خلال الفترة التي عاش خلالها سدي أحماد أوموسى يتضح أن سوس كان بعيدة عن المركز وعن سلطة القرار المخزني؛ إذ أن أحكام المخزن لم تعد تنال أهل سوس وأن إصدارها من فاس لا يحصل لهم الغرض بها. إن المصلحة الوقتية بدأت تفرض على أهل سوس ضرورة البحث عن شخص يتمتع بمكانة دينية تؤهله لممارسة الجهاد ضد الإيبيريين. وحسب دراسة أنجزها محمد المازوني- الباحث المتخصص في التاريخ الديني- حول أدوار الزاوية خلال القرن السادس عشر فإن الزاوية مارست منذ بداياتها الأولى أدوارا اجتماعية ودينية لم تتجاوز :
التربية الصوفية وتهذيب الذات أو المجاهدة والإرشاد:تقوم التربية عند الشيخ أحماد أوموسى على مبدأ المجاهدة والإرشاد، وذلك عبر التأكيد على «تلمس الخطأ دون الإصرار عليه». وقد خول له ذلك استقطاب العديد من المذنبين الذين وجدوا لديه الوسيلة الناجعة للتوبة من الخطأ، وخاصة معاصي “الزنا” و”السرقة” التي كانت منتشرة بين مريديه وزواره، وخاصة عبر الإرشاد والنصح المستمر. كما واظب الشيخ على حث مريديه على الاقتصاد وعدم الإفراط سواء تعلق الأمر بأمور الدنيا أو أمور الدين كالحث عل الإقلال من الأوراد، وعدم الإسراف في المحبة.
دور التدريس: ترجيح الباطن على الظاهر
اشتهر الشيخ أحماد أوموسى في كل ربوع سوس باشتغاله ب”علم الباطن” أكثر من علم الظاهر، والذي أخذه عن الشيخ عبد العزيز التباع. فكان ديدنه تعليم مريديه هذا العلم في المسجد من خلال استقاء دروسه مما يقلق بال مريديه. ورغم اقتصاره على علم الباطن، فإن مدرسته الصوفية أنبتت العديد من الفقهاء والعلماء وخاصة منهم ابنه عبد الباقي، وأدفال الدرعي (أحمد بن محمد الحسني الدرعي). كما كانت الزاوية محجا لعدد من المتصوفة والفقهاء كيحي بن يدير الرسموكي، وأحمد بن عبد الرحمان بن محمد الجزولي المسكدادي، والشيخ امحند أوبراهيم التمنارتي.
دور الإطعام:
تعتبر خدمة الإنفاق والإطعام خاصة خلال فترات المسغبات والجوائح من أبرز الخدمات التي واضبت الزاوية على تأديتها. فقد اشتهرت مبكرا بالسعي إلى التغلب على الفقر المادي، خصوصا وأن من بين أهم عوامل انتقال الشيخ من بومروان إلى تازروالت كان هو البحث عن مكان مزدهر اقتصاديا ويتيح تنفيذ برنامج محاربة الفقر، واستمرار الزاوية في القيام بدورها في الإطعام والإنفاق.
كرامات الشيخ أحمد بن موسى أو الرأسمال الرمزي للشيخ:
لا يمكن إحصاء كرامات الشيخ سيدي أحماد أوموسى ويروى عنه تعدد «كراماته»، وخاصة كرامة معرفة «هواجس الضمير» حيث كان يعلم ما يخطر ببال مريديه وما يجول بخواطرهم قبل أن يجهروا بها. وقد كثر اعتقاد الخاصة والعامة في حديثه عن هواجس الضمائر حتى ظن البعض أنه «يطالع اللوح». ومن الكرامات التي تروى عنه: تكلمه المرموز مع الحيوانات وبخاصة الحية والبقرة والغراب، كما كان يحول الرمل إلى ذهب ويعالج المرضى والمشلولين ويعالج العقم و يضخ الخصوبة للحيوانات والنباتات.