قمة «كوكب واحد بباريس تباطؤ في جهود إنقاذ البيئة بفعل الجائحة التي تجسد فداحة الخطر المترتب عن الأزمات البيئية

 

شهدت باريس ( يوم الاثنين 11 يناير )بقصر الإليزيه، قمة افتراضية وهي الرابعة حول التنوع الحيوي بعنوان «وان بلانيت» (كوكب واحد)، بهدف إعادة الزخم للدبلوماسية الخضراء، بعد تباطؤ جهود إنقاذ البيئة بفعل الجائحة التي تجسد فداحة الخطر المترتب عن الأزمات البيئية. وأصبح هذا الموضوع اليوم ذا حساسية خاصة فيما تجسد جائحة «كوفيد-19» التكاثر الكبير في الأمراض الحيوانية المنشأ، التي تنتقل إلى البشر، لاسيما بفعل تزايد الاحتكاك بين الأجناس نتيجة القضاء على مواطن العيش الطبيعية.
كما أن موضوع البيئة تأثر بشكل سلبي بسبب تجاهل الادارة الأمريكية لدونالد ترامب لهذا الموضوع، التي كانت تعتبر أن المشكل البيئي غير مطروح وهو الأمر الذي سوف يتغير اليوم مع الادارة الامريكية الجديدة. حيث وعد الرئيس الجديد جو بايدن بإعطاء اهتمام خاص للبيئة في سياسته لسنوات المقبلة سواء على مستوى الولايات المتحدة الامريكية او على المستوى الدولي.
وسبقت هذه القمة حسب قصر الاليزيه منتدى للاستثمار في الجدار العظيم الاخضر الذي يخص منطقة الساحل الافريقي، هذا المنتدى الذي ضم فاعلين من القطاع الخاص والعام من أجل هدف واحد وهو تحقيق الجدار الاخضر العظيم في افق سنة 2030 الذي من المنتظر ان يخلق 10 ملايين فرصة عمل، والذي سوف يمس 100 مليون هكتار من الاراضي التي تعرضت لتصحر في 11 بلدا في منطقة الصحراء الكبرى والسودان.
قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون -في كلمة من قصر الإليزيه حيث حضر بعض المشاركين شخصيا الأشغال، فيما شارك آخرون عن بعد – إن «مستقبلنا ومستقبل كوكبنا رهين بما نفعله هنا و الآن» ، موضحا أن «بدء عام 2021 مع قمة «وان بلانيت» مهم جدا لأنها سنة تلائم بين كل تحدياتنا مع المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، والاجتماع ال15 لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن التنوع الحيوي، ومؤتمر الأطراف ال26 من أجل المناخ ومؤتمر الأطراف بشأن مكافحة التصحر.»
و أشار ماكرون إلى عدم بلوغ أي من الأهداف المحددة للعقد المنصرم على صعيد حماية التنوع الحيوي، قائلا «علينا الإقرار بهذا الفشل، ليس لتحويل الأمر مأساة بتاتا (…) بل لتسريع عملنا مع أمور ملموسة جدا ومتابعة واقعية لها».
وتخللت القمة بفرنسا كلمات نحو ثلاثين شخصية عالمية، أدلى بها معظمهم عبر الفيديو بسبب الأزمة الصحية. ومن بين هؤلاء المتدخلين الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي ذكر أن العالم «لا يستطيع العودة إلى الوضع السابق بعد أزمة /كوفيد-19/ التي تجسد فداحة المخاطر المتأتية من الاختلالات البيئية.
من جانبه، أكد نائب رئيس الوزراء الصيني خان جينغ أنه «بالنظر إلى استمرار تفشي الفيروس، على الأطراف إيجاد آليات نقاش جديدة وزيادة التواصل ، والعمل في الاتجاه عينه لتسريع المفاوضات، تحضيرا لمؤتمر الأطراف ال15 بشأن التنوع الحيوي الذي تستضيفه/ كونمينغ/ الصينية هذه السنة.
و شهدت الأشغال مداخلات العديد من المشاركين كانت أغلبها افتراضيا، من بينهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، رئيسي الوزراء بريطانيا بوريس جونسون وكندا جاستن ترودو و رئيس كوستاريكا كارلوس ألفارادو ، إلى جانب رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس و رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، و الامير البريطاني الأمير تشارلز، ورئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد.
وشهدت القمة تقديم كل من هؤلاء مبادرات أو قطع التزامات ملموسة بشأن مواضيع القمة الأربعة، وهي حماية الأنظمة البيئية الأرضية والبحرية، والترويج لعلم البيئة الزراعي وحشد التمويل، والرابط بين إزالة الأحراج والحفاظ على الأجناس وصحة البشر.
وتأمل باريس من هذه القمة «الدفع باتجاه تقاطع التحديات المناخية وحفظ الأنظمة البيئية»، بحسب مصدر في الرئاسة الفرنسية، والذي اعتبر أن «الحفاظ على التنوع الحيوي يشكل ما يشبه تأمينا على حياتنا الجماعية» بمواجهة الأوبئة والاحترار (غداة الإعلان عن تصدر 2020 قائمة أكثر السنوات حرا على الإطلاق بالتساوي مع 2016).
وقد عانت الدبلوماسية الخضراء أخيرا في ظل غياب شبه تام للأولويات البيئية عن المشهد العام في 2020، بعدما طغت الجائحة على ما عداها من اهتمامات.
ومن ناحية التنوع الحيوي، كان الإرجاء حتى خريف 2021 مصير مؤتمر الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة وقمة الأطراف الخامسة عشرة الرامية إلى وضع خطة دولية لحماية الأنظمة البيئية اللازمة للبشرية وإعادتها إلى طبيعتها بحلول 2050.
وعلى صعيد المناخ، أرجئت قمة الأطراف السادسة والعشرين في غلاسكو الأسكتلندية عاما كاملا إلى نونبر 2021 إذا ما سارت الأمور على ما يرام.
وطمحت قمة «وان بلانيت» إلى «المشاركة في حشد التعبئة» لإنجاز هذا المسار الدبلوماسي من خلال «إظهار إمكان التحرك من أجل الحفاظ على الكوكب والتنوع الحيوي بصورة ملموسة للغاية».
وفي ما يتعلق بحماية الأنظمة البيئية، تسعى القمة إلى إعادة إطلاق «ائتلاف الطموحات العالية من أجل الطبيعة»، بإشراف فرنسا وبريطانيا وكوستاريكا، والرامي إلى إدماج نحو خمسين بلدا يلتزم كل منها تحويل 30 بالمائة من أراضيها إلى مناطق محمية.
وعن تمويل قضايا التنوع الحيوي، تحدثت القمة على تشكيل ائتلاف يرمي إلى تخصيص 30 بالمائة من الأموال العامة المرصودة للقضايا المناخية إلى «حلول قائمة على الطبيعة» (إعادة التحريج على سبيل المثال). كما قد يعلن في القمة عن إقامة تحالف مستثمرين من القطاع الخاص.
أما في ملف الصلة بين التنوع الحيوي والصحة، أطلقت القمة «وان بلانيت» خصوصا ائتلافا بحثيا بشأن «الوقاية من ظهور الأمراض الحيوانية المنشأ» يرمي إلى إدارة برامج قائمة مختلفة.
وفي مجال علم البيئة الزراعي، من المتوقع الإعلان عن جملة مشاريع، كما سبق قمة «وان بلانيت» منتدى استثماري مخصص لبرنامج «الجدار العظيم الأخضر» للاتحاد الإفريقي، الرامي إلى مكافحة التصحر في محيط منطقة الصحراء الكبرى، حيث يسعى المنتدى إلى التحصل على التزامات يصل مجموعها إلى عشرة مليارات دولار، كما يتوقع إطلاق مسار متابعة في هذا المجال.


الكاتب : باريس- يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 13/01/2021