«كتاب محمد زفزاف: المذكرات، الروائي، العائد» : عن كتابة الفقدان أو الموت

 

(1)
بداية ينبغي التوضيح، بأن هذا الكتاب الذي يصدر عن « دار أكورا « طنجة. ليس فكريا أو نقديا، وإنما هو كتاب في الإبداع. كتاب عن الشاعر، الروائي، القاص والمترجم الراحل «محمد زفزاف». ويتضمن: المذكرات التي اخترت عنونتها ب «كان كاتبا كبيرا..كبيرا»، إلى روايتين : «الروائي» ثم الجزء الثاني «العائد». وكنت من قبل نشرت «الروائي» كجزء أول عن ( «دار أزمنة « / الأردن و «الدار العربية للعلوم ناشرون»/ لبنان 2011)، حيث قدم له الروائي والقاص الأردني «إلياس فركوح» بمقدمة ضافية وسمها بـ «كتابة خاصة تستدعي قراءات خاصة». وهي المقدمة التي أعيد إثباتها ضمن الكتاب، في مُسْتهل النص «الروائي».
(2)
قد يتساءل البعض: ولم العودة في جزء ثان عن هذه الشخصية بالذات، وبالتالي من خلال مذكرات؟ إن قارئ الجزء الأول يدرك أن التخييل الروائي انبنى على فكرة تمثل شخصية الروائي «محمد زفزاف» يفكر في كتابة روايته «الثعلب الذي يظهر و يختفي». الفكرة التي اقتضت السفر من فضاء الدارالبيضاء إلى الصويرة، والعودة إلى الدارالبيضاء. فكتابة الرواية في ارتباطها بالسفر هي كتابة الحياة. وفي الجزء الثاني، يستعيد التخييل الشخصية وقد انتهت إلى الغياب. و تتحقق الاستعادة عبر فضاء الدار البيضاء من خلال الأمكنة التي داوم الراحل «محمد زفزاف» التردد عليها. إنها كتابة الفقدان أو الموت. فالجزء الثاني يستكمل الأول. إنها السيرة الواحدة التي تضيء شخصية أدبية لا يمكن أن يطالها النسيان.
بيد أن المذكرات كقسم أول في هذا الكتاب – وكما فكرت في تدوينها – فأعدها وليدة زياراتي المتعددة لبيت «الكاتب الكبير» منذ نهاية السبعينيات إلى أن أفل نجمه. على أني لم أدونها في حينه، وإنما اعتمدت الذاكرة في عملية الاستدعاء والاستحضار، إذا ما ألمحت لكون النسيان والتقدم في السن بمثابة عاملين حالا دون قوة الاسترجاع. من ثم فبعض الوقائع دونت بتثبيت سنواتها، فيما أخرى لم أستطع التوصل إلى تأكيد زمنيتها. يبقى القول بأن القسم الثاني والثالث من الكتاب، أعتمد فيهما على التخييل الروائي، وهو ما يستلزم التعامل معهما وفق هذا المقتضى، بينما المذكرات هي وقائع وأحداث ومشاهد أثبتها كما عشتها.
(3)
إنني وأنا أستعيد الراحل «محمد زفزاف» في هذا الكتاب الذي تتداخل فيه الرواية بالسيرة، واليوميات بالمذكرات، أفي هذه الشخصية التي أبدعت فجددت وأقنعت، بعض الجميل المستحق والحضور الدائم. وأشير في الختام إلى أن التكرار والتداخل يسم بعض الوقائع الواردة في هذه السيرة. وتحقق ذلك :
1-عن قصد.
2-بحكم كون السيرة واحدة، والمعني بها الشخصية ذاتها.
3- ولكون اكتمال المعنى يفرض ذلك، وهو ما نقف عليه في أكثر من تجربة سيرية غيرية أو ذاتية.


الكاتب : صدوق نور الدين

  

بتاريخ : 05/11/2021