كثيرا ما خلف تغييبها نقائص تنموية فاضحة على أكثر من صعيد : «المقاربة التشاركية».. نهج تدبيري مغاير يسائل «المؤتمنين» على تسيير الشأن العام في أكثر من جماعة ترابية؟

 

تجدد الحديث، مؤخرا، عن أهمية إرساء «المقاربة التشاركية» في تدبير الشأن العام، وذلك عقب دورية جديدة لوزارة الداخلية، موجهة للولاة والعمال ورؤساء المجالس الترابية، تشدد على «ضرورة إعمال آليات الديمقراطية التشاركية، لما لها من مزايا في عملية تدبير الشأن الترابي التشاركي وخلق جو من التعبئة حول العملية التنموية».
دورية تمتح مرجعيتها من منطوق الفصل 12 من دستور فاتح يوليوز 2011، الذي يقول «تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها، وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون..».
كلام واضح لا لبس فيه، ومع ذلك لوحظ خلال ولايات انتدابية سالفة، وبأكثر من جماعة ترابية، إصرار العديد من «المؤتمنين» على تسيير شؤون المواطنين، عبر نهج أساليب الاقصاء والإبعاد في حق فعاليات جمعوية محلية وعدم إفساح المجال أمامها لتقديم آرائها ومقترحاتها، التي من شأنها الإسهام – بهذا الشكل أو ذاك – في التخفيف من وطأة بعض المعضلات التنموية، كما يستشف من مضامين شكايات عديدة تناولتها وسائل إعلام مختلفة.
نهج «تدبيري» معاكس لتطلعات الساكنة ولما ينادي به الخطاب الرسمي، أظهرت الظرفية العصيبة التي مرت ولاتزال تمر بها البلاد، في ظل الحرب المتواصلة ضد تفشي فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، مدى خطورة إبقاء أصحابه في منأى عن المحاسبة، في زمن يحتاج إلى التعبئة الشاملة وتضافر الجهود في أفق إرساء نموذج تنموي جديد؟
زمن تؤشر على بعض عناوينه، عشرات «المبادرات المواطناتية»، على امتداد جغرافية البلاد بحواضرها وقراها، والتي كان هاجسها الأوحد «تحقيق المنفعة « المتمثلة في التخفيف من حدة تداعيات هذه الجائحة ، سواء على الفرد أو الجماعة، بشتى تمظهراتها المادية والمعنوية.
مبادرات أكدت – لمن يحتاج إلى تأكيد – إمكانية بلوغ أفضل مما هو كائن في كثير من المناطق على امتداد الجهات ال 12، في ما يخص النهوض بأوضاع الساكنة وتحسين مستوى الخدمات المقدمة إليها، شريطة إشراك مختلف الفعاليات المتواجدة بالنفوذ الترابي لهذه الجماعة أو تلك، والإنصات المنصف والمسؤول للمقترحات البناءة المتطلعة لتيسير سبل الانعتاق من «أصفاد» التردي والتخلف ، بغض النظر عن «المرجعية» السياسية أو «المدنية» لحامليها.
مبادرات، وتنزيلا لمنطوق الوثيقة الدستورية وفحوى «دورية الداخلية» المستشهد بها أعلاه، تحتاج إلى الدعم والتشجيع، بدلا من اصطناع عوامل العرقلة والتشويش، كما هو حال بعض العقليات «المعمرة» في تدبير الشأن العمومي، والتي لا تحسن سوى «الاجتهاد» في التضييق على أنشطة جمعيات محلية ترفض مسايرة توجهاتها التبذيرية، سواء من خلال استعمال «سلاح» الدعم المخصص للجمعيات، مثلا، أو تعمد عقد دورات المجلس المحددة مواعيدها قانونيا، بعيدا عن «الأعين» تحت مبرر «السرية»، علما بأن دورية الداخلية الأخيرة أكدت استعداد الوزارة الوصية «لتقديم الدعم اللازم في مجال تقوية قدرات منتخبي وأطر الجماعات الترابية في ميدان التواصل والديمقراطية التشاركية…».


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 18/10/2021