كريم يونس «عميد الأسرى» الفلسطينيين يغادر المعتقل بعد أربعين سنة سجنا

غادر الفلسطيني كريم يونس، صباح الخميس الأخير، سجون إسرائيل بعد أن أمضى 40 عاما سجينا بتهمة قتل جندي في العام 1983، وهو أول فلسطيني يمضي هذه المدة المتواصلة في السجون الإسرائيلية، وفق ما أعلن نادي الأسير الفلسطيني.
واستقبل المعتقل كريم يونس (64 عاما) في قريته «عارة» الملاصقة لقرية عرعرة العربية داخل إسرائيل محمولا على الأكتاف، وكان يضع الكوفية الفلسطينية على كتفيه، ويحمل العلم الفلسطيني.
وقال كريم يونس لصحافيين في قريته «عارة» عقب إطلاق سراحه «أربعون سنة مليئة بالحكايات والقصص، وقصص الأسرى هي قصة شعب بأكمله، وأنا فخور أنني كنت من هؤلاء الذين قدموا وضحوا من أجل فلسطين، وعندنا استعداد أن نقد م أكثر في سبيل حرية فلسطين».
واعتقل يونس مع ابن عمه ماهر في العام 1983 بتهمة قتل جندي إسرائيلي ونقل أسلحة لصالح حركة فتح. ويتوقع أن يطلق سراح ابن عمه بعد أسبوعين.
وكريم يونس هو عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقد انتخبه أعضاء الحركة وهو داخل السجن، ويطلق عليه الفلسطينيون اسم «عميد الأسرى».
وأعلن وزير الداخلية الإسرائيلي الجديد أرييه درعي الثلاثاء الماضي أنه يريد سحب الجنسية الإسرائيلية منه ومن ابن عمه، علما أن هذا التدبير غير قانوني في إسرائيل.
وقال «لا يمكن القبول بأن يواصل مثل هؤلاء الأشخاص حمل الجنسية الإسرائيلية. تجريدهم من جنسيتهم سيشكل رسالة مهمة للذين أصبحوا رموزا بسبب أعمالهم الإرهابية».
وتعليقاعلى ذلك، قال كريم يونس اليوم «الكل يعرف أن جواز السفر الإسرائيلي هو أكثر جواز مكروه في العالم».
وهنأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس يونس على إطلاق سراحه، وكذلك رئيس الوزاء الفلسطيني محمد اشتية الذي كتب على حسابه على «فيسبوك» عن يونس بأنه «خرج من بطن الحوت».
يونس هو واحد من 25 معتقلا فلسطينيا لا زالت إسرائيل تعتقلهم منذ ما قبل اتفاقية أوسلو التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل في العام 1993. وكان من المفترض أن يطلق سراح هؤلاء، لكن المفاوضات تعثرت حول ذلك.
وعبرت عائلة يونس الذي توفي والداه وهو في السجن، عن سعادتها بإطلاق سراحه.
وقال شقيقه نديم (56 عاما) لوكالة فرانس برس:
«لم أشعر بهذا الشعور من قبل، فرحة غير محدودة ومنقوصة بغياب الوالدة والوالد»، مضيفا «الفرحة الحقيقية بعودة كل الأسرى إلى بيوتهم وتحرير كل الأراضي الفلسطينية من الاحتلال».
وأشار إلى أن شقيقه «تغير» وظهرت «تجاعيد» في وجهه.
وقال كريم يونس من جهته «مشاعري مختلطة، لكن أكيد لو جئت وحدي إلى البيت لما عرفته، كل شيء تغير».
وتعتقل إسرائيل في سجونها 4700 فلسطيني قرابة 500 منهم محكومون بالسجن المؤبد.
واستهل كريم يونس الساعة الأولى من الإفراج عنه بزيارة قبر والدته التي توفيت قبل 8 أشهر فقط من تحرره، واحتضن قبر والده الذي توفي قبل 10 سنوات، والذي حُرم لقاءه لأكثر من 17 عاماً. وكانت والدته تحصي الأيام انتظارا لحريته، كما كانت دائمة الظهور على وسائل الإعلام للحديث عنه والمطالبة بالإفراج عنه، وروت رحلة انتظارها الطويلة، إذ عاشت 39 عاما و4 أشهر تتنقل بين سجون الاحتلال آملة أن ترى ابنها الأكبر.
وخلال هذه السنوات لم تحتضن الحاجة صبحية نجلها إلا مرة واحدة عندما كانت برفقة زوجها يونس في زيارة كريم، حين سمح للأسرى بالتقاط صور مع أسرهم، فاحتضنته لدقائق معدودات، وأملت كثيرا أن يمهلها العمر لتعيش معه ما تيسر لها بعد إطلاق سراحه.
وفي أوّل تصريح له لدى وصوله إلى بلدته عارة عقب الإفراج عنه، قال يونس إن فرحته بالإفراج عنه بعد 40 عاماً بالأسر تبقى منقوصة لوجود 4500 أسير في السجون الإسرائيلية.
وأردف: «تركت 4500 أسير هم موحدين في وجه الآتي، في وجه بن غفير وزمرته الذي منذ تسلّمه منصبه يهدد الأسرى، وأنا أُبشّر أبناء شعبنا بأن الأسرى لن يرفعوا الراية البيضاء ولن يستسلموا لا لابن غفير ولا لغيره».
وأضاف: «لدينا استعداد لتقديم 40 سنة أخرى من أجل حرية شعبنا، وهذه العزيمة والعطاء موجودة لدى كل الأسرى، وعزاؤنا أن الأسرى اليوم موحدون أمام همجية الاحتلال».
ويشهد كل من زملاء كريم في مرحلة الشباب، ورفقاؤه الأسرى المحررون الذين أمضوا معه سنوات في السجن، بأنه كان «طالبا مجتهدا ومثقفا، وذا شخصية جريئة مناضلة وشجاعة، كما كان سياسيا مبادرا رغم طبعه الهادئ، وكان يتفانى في الصراع مع إدارة السجون من أجل حقوق الأسرى، كما اتصف بالصبر والصمود».
وأشار يونس وهو عضو في اللجنة المركزية لحركة «فتح» إلى أنه «سيُكمل مشواره السياسي بعد الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية».
وقضى كريم يونس 40 عاما من النضال من أجل حرية فلسطين وكرامة شعبها، ولم يكن يتطلع لخلاصه الشخصي بقدر ما كان ينتظر حرية الشعب الفلسطيني من نير الاحتلال، ورغم تعرضه للعقاب والعزل والنفي من سجن لآخر، لم يتأخر عن المشاركة في إدارة دفة الصراع دفاعا عن الحركة الأسيرة ومكتسباتها، ولم تنل منه سنوات الاعتقال ولم تؤثر على معنوياته ومبادئه.
وكان دائما ما يرفض استخدامه للضغط السياسي على القيادة الفلسطينية، على حساب الحقوق الأساسية والثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني، وبذلك أصبح أيقونة للصبر والمقاومة، وقدوة ملهمة لكثير من الأسرى في عزمه وتجربته..
مَن هو عميد الأسرى كريم يونس؟
وُلد كريم يوسف فضل يونس في 24 دجنبر عام 1956 في بلدة عارة الواقعة بالمثلث الشمالي.
اعتُقل يونس وهو على مقاعد الدراسة في 6 يناير 1983 وحُكم عليه بالسّجن المؤبد.
ووفق نادي الأسير، فإن سلطات الاحتلال حددت المؤبد للأسير يونس بـ40 عاماً.
يُعتبر يونس أقدم أسير فلسطيني في السجون والمعتقلات الإسرائيلية وأقدم أسير في العالم أيضاً.
ويُعدّ الأسير يونس واحداً من بين 25 أسيراً، اعتقلتهم السلطات الإسرائيلية منذ ما قبل توقيع اتفاق أوسلو أي قبل عام 1993، ورفضت على مدار عقود أن تُفرج عنهم، رغم مرور عدد من صفقات التبادل، والإفراج وكان آخرها عام 2014.
وتعرّض كريم لتحقيق قاسٍ وطويل وحُكم عليه بالإعدام في بداية أسره، ولاحقاً بالسّجن المؤبد (مدى الحياة)، وحُدد المؤبد له لاحقاً لمدة 40 عاماً.
وفي عام 2013 وفي ذكرى اعتقاله الـ30 توفي والده وبقيت والدته الحاجة صبحية تنتظم في زيارته في معتقل «هداريم» الذي كان يقبع فيه.
وفي أول رسالة له بعد وفاة والدته قال: «أمي زارتني في السجن ما يقارب الـ700 زيارة، كانت تقاتل لتصل إليَّ بالسجن، لم تكل رغم ما نثره المحتل من أشواكٍ في دربها».
وعلى مدار 40 عاماً شارك في المعارك كافة التي خاضتها الحركة الأسيرة، ومنها الإضراب عن الطعام الذي يُعتبر أقسى هذه المعارك، وكان آخرها إضراب عام 2017 الذي استمر لمدة 42 يوماً.
أصدر كريم يونس كتابين من داخل السجن هما:
الواقع السياسي في إسرائيل (1990)، وتناول فيه كافة الأحزاب السياسية الإسرائيلية.
الصراع الأيديولوجي والتسوية (1993).


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي – وكالات

  

بتاريخ : 07/01/2023