كشف تقرير 2024 للمجلس الأعلى للسلطة القضائية عن أرقام تعكس حجم التحولات داخل منظومة العدالة، إذ بلغ عدد الساكنة السجنية 105.094 نزيلا مع نهاية السنة، مقابل 33.405 معتقلين احتياطيين، في وقت تراجعت فيه نسبة الاعتقال الاحتياطي إلى 31,79%، وهو أدنى مستوى خلال أربعة عشر عاما.
وسجل التقرير انخفاضا لافتا في عدد المعتقلين احتياطيا بنسبة 13,35% مقارنة بسنة 2023، ما يعكس وفق المجلس نجاعة سياسة قضائية تتجه نحو ترشيد استعمال هذا التدبير الاستثنائي واعتماد بدائل قانونية أكثر فاعلية.
ورغم الارتفاع الكبير في عدد السجناء منذ 2011 بنسبة تجاوزت 62%، ظل الاعتقال الاحتياطي في منحى تنازلي واضح، بعدما ارتفع بشكل محدود لا يتجاوز 21,6% خلال الفترة نفسها، وهو تطور يراه المجلس مؤشرا على تحول جوهري في تدبير الحرية الفردية داخل المسار الجنائي، وعلى تطابق أكبر مع المعايير الدولية التي تجعل الاعتقال إجراء استثنائيا لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى.
ويضع التقرير هذه التطورات ضمن الدور الدستوري للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في حماية الحقوق والحريات، إذ يشير إلى انخراط واسع خلال سنة 2024 في التعاون الدولي، عبر تزويد آليات الأمم المتحدة بمعطيات دقيقة حول تنفيذ التوصيات الأممية، سواء المرتبطة بحقوق العمال المهاجرين، أو القضاء على التمييز ضد النساء، أو تتبع توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل. وشارك المجلس في إعداد دراسات أممية حول استقلال القضاء، والعنف القائم على النوع، والعدالة وحقوق الإنسان، وعقوبة الإعدام، وبيع الأطفال والاستغلال الجنسي، ما يعكس حضوره المتزايد في الدبلوماسية الحقوقية للمملكة.
وفي الجانب الوطني، يبرز التقرير الوعي المؤسساتي بأهمية نشر ثقافة حقوق الإنسان داخل الجسم القضائي، من خلال الندوات والدورات التكوينية والمبادرات المشتركة مع الهيئات الوطنية والدولية، بما يجعل احترام الحقوق والحريات جزءا من الممارسة اليومية داخل المحاكم.
أما بخصوص توزيع المعتقلين احتياطيا، فقد كشف التقرير أن النصيب الأكبر يظل لدى محاكم الاستئناف بما مجموعه 26.063 معتقلا، أي ما يمثل 78,02% من مجموع المعتقلين الاحتياطيين، بالنظر إلى طبيعة الملفات الخطيرة والمعقدة التي تنظر فيها هذه المحاكم.
وفي المقابل سجلت المحاكم الابتدائية 3.966 معتقلا احتياطيا بنسبة 11,87%، فيما بلغ عدد المعتقلين المعروضين على محكمة النقض 3.376 معتقلا بنسبة 10,11%، وهو توزيع يبرز مرة أخرى أن الاعتقال الاحتياطي مرتبط بالملفات التي تتسم بخطورة الأفعال وتشابك مسارات التقاضي.
ويخلص التقرير إلى أن حصيلة 2024 تؤشر إلى انتقال نوعي في تدبير العدالة الجنائية، يقوم على عقلنة الإجراءات، وترشيد الاعتقال الاحتياطي، وتعزيز التعاون الدولي، وتحديث السياسات القضائية، بما يرسخ الثقة في العدالة ويقوي حماية الحقوق والحريات داخل المغرب.
كشف عنها تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية لسنة 2024 .. الساكنة السجنية فاقت 105 آلاف سجين نهاية السنة الماضية و33 ألف معتقل احتياطي
الكاتب : جلال كندالي
بتاريخ : 21/11/2025