n
أثرت موجة الجفاف الحاد التي ضربت المغرب خلال المواسم الأربعة الماضية، على سلسلة الزراعات السكرية، التي كانت إلى وقت قريب تغطي 67 ألف هكتار قبل أن تنكمش خلال الموسم الفلاحي الماضي إلى 23 ألف هكتار من الشمندر السكري وأقل من 5000 هكتار من قصب السكر، الأمر الذي كانت له انعكاسات مباشرة على الإنتاج الوطني الذي لم يتمكن من الوصول إلى عتبة 200 ألف طن المرجوة، وهو رقم ضعيف جدا بالمقارنة مع المواسم الجيدة (591 ألف طن سنة 2019) ولا يكاد يلبي حتى 15% من حاجيات الاستهلاك الوطني البالغ 1.2 مليون طن من السكر.
وقد عرف قطاع السكر تراجعا حادا بين سنتي 2019 و2024 حيث انخفض الإنتاج بنسبة 68% وبلغ الإنتاج الوطني للسكر الأبيض ذروته في سنة 2019 بـ 600 ألف طن، إلا أنه شهد تدهورا حادا في السنوات الثلاث الأخيرة ووصل إلى أدنى مستوياته سنة 2024 حيث لم يعد يتعدى 191 ألف طن.
ونتيجة لتراجع الإنتاج الوطني كان من الطبيعي أن ترتفع تكلفة دعم استهلاك السكر المكرر، حيث بلغت خلال الفترة من يناير إلى غشت 2024 أزيد من 3 ملايير درهم، مسجلة زيادة تقارب 15 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة السابقة. وعلى مستوى «السكر الخام»، يفيد تقرير المقاصة لمشروع مالية 2025 إلى أنه من أجل تعويض العجز المتزايد في الإنتاج الوطني من السكر الأبيض الناتج عن ظروف الجفاف، وفي ظل سياق دولي يتميز بارتفاع أسعار السكر الخام، منحت الدولة دعما إضافيا متوسطا مرجحا لاستيراد هذا المنتج بقيمة 2.18 درهم للكيلوغرام خلال الفترة التي امتدت من بداية يناير إلى متم غشت 2024.
وهكذا ارتفعت تكلفة استيراد السكر الخام خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية إلى 1.35مليار درهم، أي بزيادة نسبتها 10 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة السابقة. وبزيادة قدرها 13.36 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة السابقة، ناهزت التكلفة الإجمالية لدعم السكر (المكرر والخام) 4 ملايير ونصف المليار درهم خلال الفترة المذكورة (الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2024).
وخلال الموسم الفلاحي الحالي 2024-2025 الذي أعطيت انطلاقته مؤخرا، أعلن الفاعل المرجعي في القطاع (كوسيمار) عن عزمه زيادة هامة في المساحة المخصصة لزراعة الشمندر السكري، والتي يتوقع أن تصل إلى 45 ألف هكتار، وتتوزع هذه المساحات على: 10000 هكتار في دكالة، و10000 هكتار في تادلة، و6000 هكتار في الجهة الشرقية، و13000 هكتار في الغرب، و6000 هكتار في اللوكوس.
وفي الوقت نفسه، تطمح المجموعة لاستغلال 5000 هكتار من قصب السكر موزعة على منطقتي الغرب واللوكوس.
غير أن تحقيق هذه الأهداف التي تصبو إلى تعزيز الإنتاج الوطني من السكر وضمان السيادة الغذائية يبقى مرتبطا بتوافر مياه الري، بعدما تم السماح بإطلاق المياه من السدود طوال السنة الفلاحية في مناطق الغرب وملوية واللوكوس، فضلا عن تخصيص حصة لبداية موسم الزرع على مستوى حوض تادلة.
وعلى الرغم من أن هذه الأهداف المعلنة في بداية الموسم تظهر «جد متفائلة» فإنها مع ذلك تبقى هي الأخرى بعيدة عن طموح المغرب إلى رفع المساحة المزروعة بالنباتات السكرية إلى 73 ألف هكتار لإنتاج 620 ألف طن من السكر الأبيض بحلول عام 2030.
ولتحقيق ذلك، وقعت الدولة مع الفيدرالية البيمهنية للسكر عقد برنامج يسعى إلى تحسين قدرات المعالجة الصناعية وتوسيع وتحديث مسارات توزيع السكر، بما يمكن من خلق 150 ألف يوم عمل إضافي وبلوغ 5 ملايين في أفق عام 2030 وتحسين دخل الفلاحين.