كلف برنامجها وكالة‮ «‬ناسا‮» ‬نحو‮ ‬85‮ ‬مليون دولار : مروحية‮ «‬إنجينيويتي‮» ‬باتت على سطح المريخ استعدادا للطيران في‮ ‬أجوائه

 

‬أعلنت وكالة الفضاء الأميركية‮ («‬ناسا‮») ‬أن مروحية‮ «‬إنجينيويتي‮» ‬الصغيرة المثبتة تحت الروبوت الجوال‮ «‬برسفيرنس‮» ‬الذي‮ ‬وصل في‮ ‬فبراير الفائت إلى المريخ،‮ ‬انفصلت عن المركبة الاساسية وباتت على سطح الكوكب الأحمر‮.‬
وغرد المختبر المسؤول عن برنامج المروحية في‮ «‬ناسا‮» ‬مساء السبت‮ «‬مروحية المريخ على السطح‮!».‬
وكانت‮ «‬إنجينيويتي‮» ‬ذات الوزن الخفيف جدا والتي‮ ‬تشبه طائرة مسي‮ ‬رة كبيرة مطوية ومثبتة تحت الروبوت الجوال‮ «‬برسفيرنس‮» ‬الذي‮ ‬هبط على سطح الكوكب الأحمر في‮ ‬18‮ ‬فبراير الفائت،‮ ‬وبقيت في‮ ‬موضعها إلى أن بلغ‮ ‬الروبوت المكان الذي‮ ‬يفترض أن تقلع منه المروحية‮.‬
وفي‮ ‬تغريدة أخرى،‮ ‬اشار المختبر إلى أن‮ «‬رحلة‮ (‬المروحية‮) ‬البالغة‮ ‬293‮ ‬مليون ميل‮ (‬471‮ ‬مليون كيلومتر‮) ‬انتهت بهذه القفزة الصغيرة البالغة‮ ‬4‮ ‬بوصات‮ (‬10‮ ‬سنتيمترات‮) ‬من بطن المسبار إلى سطح المريخ‮». ‬واضاف أن‮ «‬الاختبار التالي‮: ‬البقاء على قيد الحياة في‮ ‬الليل‮».‬
وأظهرت صورة مصاحبة للتغريدة الروبوت‮ «‬برسفيرنس‮» ‬مبتعدا عن المروحية،‮ ‬وهو‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يبتعد في‮ ‬أقل من‮ ‬25‮ ‬ساعة ما فيه الكافية ليفسح المجال أمام أشعة الشمس التي‮ ‬تحتاج إليها المروحية لتوليد طاقتها بواسطة الألواح الشمسية،‮ ‬بحيث تستطيع تدفئة نفسها خلال ليالي‮ ‬المريخ الباردة‮.‬
وأمنت‮ «‬إنجينيويتي‮» ‬حتى الآن تغذيتها من طاقة العربة الجوالة،‮ ‬ولكنها‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تغذي‮ ‬نفسها بعد الآن‮.‬
وأوضح كبير مهندسي‮ ‬مشروع مروحية المريخ بوب بالارام أن‮ «‬ثمة مبر دا صغيرا‮ ‬يسمح بالحفاظ على درجة حرارة تبلغ‮ ‬نحو سبع درجات مئوية داخل المروحية،‮ ‬بينما تنخفض درجات الحرارة ليلا على المريخ إلى درجة مئوية تحت الصفر‮».‬
وشرح أن هذا الأمر‮ «‬يساعد على حماية المعدات الرئيسية للجهاز‮».‬
وسيتحقق الطاقم الأرضي‮ ‬على مدار اليومين المقبلين مما إذا كانت الألواح الشمسية تعمل بالشكل المنشود،‮ ‬قبل البدء باختبار المحركات وأجهزة الاستشعار قبل الطلعة الأولى التي‮ ‬لا‮ ‬يتوقع أن تحصل قبل‮ ‬11‮ ‬أبريل‮.‬
وستنفذ‮ «‬إنجينيويتي‮» ‬أول عملية طيران لمركبة بمحر ك على كوكب آخر‮ ‬غير الأرض‮. ‬وفي‮ ‬حال نجاح الاختبار،‮ ‬سيشك ل إنجازا كبيرا إذ أن كثافة جو المريخ لا تتعدى واحدا في‮ ‬المئة من كثافة‮ ‬غلاف الأرض الجوي‮.‬
سيكون هذا الحدث المريخي‮ ‬في‮ ‬مستوى أهمية الإنجاز الذي‮ ‬مث لته أول رحلة طيران بمحر ك على كوكب الأرض عام‮ ‬1903‮. ‬وأفادت‮ «‬ناسا‮» ‬بأن قطعة قماش صغيرة من طائرة الأخوين رايت التي‮ ‬أقلعت قبل أكثر من قرن في‮ ‬ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية وضعت على‮ «‬إنجينيويتي‮» ‬في‮ ‬تحية لرحلة الطيران الأرضية الأولى،‮ ‬وبالتالي‮ ‬هي‮ ‬موجودة حاليا على كوكب المريخ‮.‬
ومن المتوقع أن تكون هذه الطلعة الأولى بسيطة جدا‮ ‬،‮ ‬إذ ستقلع المروحية عموديا‮ ‬،‮ ‬ثم سترتفع إلى علو ثلاثة أمتار وتحوم على هذا المستوى لمدة‮ ‬30‮ ‬ثانية ثم تدور على نفسها قبل أن تهبط مجددا‮ .‬
وستتلقى المروحية تعليماتها من الأرض قبل بضع ساعات،‮ ‬لكنها ستتولى بنفسها تحليل موقعها بالنسبة إلى سطح المريخ أثناء طلعتها،‮ ‬من خلال التقاط‮ ‬30‮ ‬صورة في‮ ‬الثانية‮.‬
وسيتمركز الروبوت الجوال في‮ ‬نقطة مراقبة تتيح له التقاط صور بكاميرته لطيران‮ «‬إنجينيويتي‮».‬
وتعتزم‮ «‬ناسا‮» ‬إجراء ما‮ ‬يصل إلى خمس طلعات موزعة على شهر وتتدرج في‮ ‬مستوى صعوبتها‮.‬
وتتألف المروحية من أربع قوائم وهيكل ومروحتين متراكبتين‮. ‬يبلغ‮ ‬طولها‮ ‬1‭,‬2‮ ‬متر من أحد طرفي‮ ‬النصل إلى الطرف الآخر‮. ‬تعمل المراوح بسرعة‮ ‬2400‮ ‬دورة في‮ ‬الدقيقة،‮ ‬أي‮ ‬أسرع بخمس مرات من طوافة عادية‮.‬
وكلف برنامج هذه المروحية وكالة‮ «‬ناسا‮» ‬نحو‮ ‬85‮ ‬مليون دولار‮.‬
وفي‮ ‬المستقبل،‮ ‬يمكن لمثل هذه المركبات أن تؤدي‮ ‬دورا بالغ‮ ‬الأهمية في‮ ‬استكشاف الكواكب بفضل قدرتها على الوصول إلى أماكن لا‮ ‬يمكن للروبوتات الجوالة بلوغها‮ (‬فوق الأخاديد مثلا‮).‬
وتعمل وكالة الفضاء الأميركية على مشروع مركبة طي‮ ‬ارة أخرى كجزء من مهمة‮ «‬دراغون فلاي‮» (‬اليعسوب‮) ‬التي‮ ‬سترسل سنة‮ ‬2026‮ ‬طائرة مسي‮ ‬رة إلى تايتن،‮ ‬أكبر أقمار ز حل،‮ ‬على أن تصل إليه سنة‮ ‬2034‮.‬
وذكرت‮ «‬ناسا‮» ‬بأن تجارب طيران لمركبات من دون محر كات على كوكب آخر سبق أن أجريت في‮ ‬الماضي‮ ‬من خلال إرسال بالونات الطقس عام‮ ‬1985‮ ‬إلى كوكب الزهرة كجزء من برنامج‮ «‬فيغا‮» ‬الذي‮ ‬تعاون فيه الاتحاد السوفياتي‮ ‬مع دول أخرى‮.‬
آثار لتغيرات المناخ‮ ‬

‮ ‬وفي‮ ‬موضوع ذي‮ ‬صلة،‮ ‬أظهرت دراسة جديدة أجراها علماء من معهد‮ «‬علوم الكواكب‮» ‬بولاية أريزونا الأمريكية،‮ ‬أن تاريخ نشوء الوديان العميقة الواقعة في‮ ‬القطب الشمالي‮ ‬للمريخ أظهرت أن الكوكب الأحمر شهد منذ‮ ‬50‮ ‬ألف عام تغيرا سريعا للمناخ‮.‬
وقال أحد مؤلفي‮ ‬الدراسة،‮ ‬وكبير الباحثين في‮ ‬المعهد أليكسيس رودريغس‮ «‬إن العلماء‮ ‬يعتبرون أن طبقات الجليد في‮ ‬مناطق خطوط العرض الوسطى للمريخ تشكلت بعد ذوبان قبعتيه القطبيتين في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬كان فيه محور الكوكب مائلا‮ ‬،‮ ‬وقد خلفت تلك العملية آثارا،‮ ‬مثل الوديان العميقة في‮ ‬القطب الشمالي‮ ‬للمريخ‮».‬
وأوضح العلماء أن قطبي‮ ‬المريخ تغطيهما القبعتان الجليديتان الكبيرتان،‮ ‬اللتان تختلفان عن القبعتين على الأرض من حيث بنيتهما وأبعادهما،‮ ‬وتتألفان من الماء المتجمد وغاز ثاني‮ ‬أكسيد الكربون‮.‬
وفيما‮ ‬يتعلق بالقطب الشمالي‮ ‬للكوكب الأحمر فأوضحت الدراسة،‮ ‬أنه‮ ‬يشقه عدد كبير من الوديان الضخمة بعمق عدة كيلومترات وطول عشرات الكيلومترات،‮ ‬وإنها تشكل بنية حلزونية الشكل ما زالت طبيعتها لغزا بالنسبة إلى علماء الكواكب،‮ ‬إلا أن علماء هذه الدراسة‮ ‬يعتقدون أنهم قد حلوا هذا اللغز،‮ ‬حيث‮ ‬يعتبرون أن الزخارف الحلزونية للوديان ظهرت منذ‮ ‬50‮ ‬ألف عام،‮ ‬حين تغير ميل محور المريخ إلى ذوبان بعض أجزاء قبعته الشمالية الموجهة نحو خطه الاستوائي‮ ‬بتأثير ضوء الشمس‮.‬
ويرى رودريغس،‮ ‬أن تلك الظاهرة أصبحت ممكنة نتيجة تغير المناخ وارتفاع درجة الحرارة في‮ ‬القطب الشمالي‮ ‬للمريخ.وقد نشرت نتائج الدراسة في‮ ‬دورية‮ «‬ساينتفك ريبورتس‮» ‬العلمية الأمريكية‮. ‬


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 06/04/2021