يعرف المشهد الدوائي نقاشا جديدا خلال الأسابيع الأخيرة يبيّن وبشكل كبير غياب وجود رؤية موحدة بخصوص تدبير تفاصيل هذا القطاع الحيوي المرتبط بالأمن الصحي للمغاربة، والذي لا تقف حدوده عند مشكل الانقطاع المتكرر للأدوية وانعدام عدد منها من رفوف الصيدليات، بل يمتد للخطوات المفتوحة على الآراء والملاحظات المرتبطة بإمكانية تطبيق قرار حق الاستبدال وتمكين صيادلة الصيدليات منه من عدمه.
هذا المطلب الذي ظل الصيادلة يرافعون لأجل تمكينهم من ممارسته داخل صيدلياتهم لسنوات، يؤكد المهنيون على أنه وبعيدا عن مسألة اعتباره إجراء تحفيزيا قد يأتي ضمن حزمة التحفيزات التي وعدت بها الوزارة منذ 2013 إلى اليوم التي لم تتحقق، والتي ينتظر الجميع أن يساهم سنّها في مواجهة الأوضاع التي يعرفها القطاع الصيدلاني، فإنه يسمح فعليا في وقف معاناة المريض مع التردد على عدد كبير من الصيدليات بحثا عن دواء يمكنه أن يختفي في لحظة ودون سابق إشعار، وبالتالي إتاحة الحق للصيدلاني على غرار ما هو معمول به في دول أخرى لدواء جنيس أو من نفس المكونات لكن من «علامة تجارية» أخرى.
وأكد عدد من الصيادلة في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أن معاناة المرضى مع اختفاء الأدوية هي جد كبيرة وتفاقم من آلامهم وتزيد من حجم معاناتهم، مبرزين كيف أن هناك صعوبات كبيرة في التواصل مع بعض الأطباء بعد توصل الصيدليات بوصفاتهم الطبية من المرضى من أجل إخبارهم بانقطاع هذا الدواء أو ذاك، وبالتالي اقتراح الطبيب المعالج لدواء آخر يمكن صرفه للمريض، مشددين على أن تطبيق «حق الاستبدال» سيقطع مع هذا الإشكال، وسيعود بالنفع على المريض، الذي يمكنه تسلم أدويته في وقت سريع بالشكل الذي يضمن مواصلة علاجه وعدم توقفه عن أخذ الأدوية التي توصف له.
من جهتهم يرى عدد من الأطباء بأن تطبيق خطوة من هذا القبيل قد يتسبب في تداعيات صحية جد وخيمة على مرضاهم، مشددين في تصريحاتهم للجريدة على أن العلاقة بين الطبيب والصيدلاني هي علاقة قوية ومتينة مبنية على الاحترام وعلى أنه لا يمكن التشكيك في كفاءة الصيادلة المتواجدين بدورهم في الصفوف الأولى لخدمة الصحة العامة، لكن هناك مشكل كبير يُطرح ينقسم إلى مستويين اثنين في علاقة بهاذ الموضوع. الأول متعلق بعدم وجود الصيدلاني المسؤول آو الذي ينوب عن صاحب الصيدلية طيلة أوقات العمل في عدد كبير من الصيدليات، والثاني هو منح هذه الصلاحية لمساعدين الذين يقومون عمليا بممارسة هذه المهمة في صيدليات كثيرة، وهنا تُطرح أسئلة الكفاءة بشكل كبير؟
ونبّه أطباء لـ «الاتحاد الاشتراكي» من أن استبدال بعض الأدوية دون موافقة الطبيب المعالج في عدد من التخصصات الطبية، وضمنها طب الأطفال على سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن تترتب عنه تداعيات مختلفة المستويات، من بينها ما قد ينجم عن الحساسية لهذا الدواء أو ذاك، مع ما يعنيه هذا الأمر من تبعات صحية ليست بالهيّنة، والتي يجب على الجميع أن يدرك مدى خطورتها، وهو ما يمكن أن يمتد ليشمل أدوية توصف لمصابين بأمراض مزمنة مختلفة وغيرها من العلل المرضية. واعتبر المتحدثون أن القيام بخطوة من هذا القبيل يطرح سؤال المسؤولية، خاصة وأن تغيير الدواء لم يتم باستشارة الطبيب، وبالتالي من سيقدم على هذه الخطوة هو الذي سيكون موضع مساءلة.
وبعيدا عن أطروحة كل طرف بخصوص هذا الموضوع، يبقى إشكال توفير الدواء للمريض معضلة كبرى اتضحت معالمها وبقوة خلال السنوات الأخيرة، وهو ما ينعكس سلبا على المواطن وعلى صحته التي تكون في حاجة لأدوية حيوية وأساسية، لكن انعدام وجودها في رفوف الصيدليات يسبب للمتضررين انتكاسات ليس بالسهلة.
كل طرف يؤكد على ضرورة حماية الأمن الصحي للمريض ..«استبدال الأدوية» يحدث شرخا بين الأطباء والصيادلة حول المشروعية وأسئلة الكفاءة
الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 26/11/2025

