أمام الخسائر الفادحة التي ألحقتها الجائحة الوبائية «كوفيد 19 « بالاقتصاد الوطني عموما، وبالتوازنات المالية للبلاد على وجه الخصوص، اضطرت الحكومة إلى التوجه نحو الاقتراض من الخارج لسد حاجيات الموازنة، حيث ضاعفت وتيرة خرجاتها في الأسواق الدولية بحثا عن موارد مالية لمواجهة التداعيات غير المسبوقة للوباء، والتي أنهكت خزينة المملكة. وهو ما يرفع مستوى مديونية الخزينة فوق 76.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام عوض 65.4 في المائة المسجلة خلال 2019.
هكذا وبعد أن اضطرت في بداية أبريل، لسحب 3 ملايير دولار من خط الوقاية والسيولة الذي كان موضوعا رهن إشارتها من لدن صندوق النقد الدولي، وعودتها في شتنبر لاقتراض 1 مليار أورو، عادت الحكومة من جديد لتعلن، أول أمس، عن إصدار قرض بالسندات في السوق المالية الدولية بمبلغ إجمالي قدره 3 مليارات دولار على ثلاث دفعات. وهو ما يرفع حجم القروض الخارجية التي سحبتها الحكومة هذا العام إلى أزيد من 7 ملايير دولار، دون احتساب القروض الموقعة من الدائنين متعددي الأطراف أو الديون الثنائية في إطار برامج تمويلية (آخرها قرض 400 مليون دولار من البنك الدولي لتمويل برامج الحماية الاجتماعية )..
وأوضحت وزارة الاقتصاد والمالية أن الشطر الأول من هذا القرض الذي تصل مدته 7 سنوات، يبلغ 750 مليون دولار، بفارق 175 نقطة أساس وبسعر 99.763 في المئة، وبمعدل فائدة يبلغ 2.412 في المئة وقسيمة بقيمة 2.375 في المئة.
أما الشطر الثاني فيصل أجل استحقاقه إلى 12 عامًا، ويغطي مبلغ 1 مليار دولار أمريكي، بفارق 200 نقطة أساس وبسعر 99.570 في المئة، ومعدل عائد يبلغ 3.043 في المئة وبقسيمة بقيمة 3 في المئة.
بينما تبلغ مدة استحقاق الشطر الثالث 30 عامًا، والذي يغطي مبلغ 1.25 مليار دولار أمريكي، بفارق 261 نقطة أساس وبسعر 100 في المئة، ومعدل عائد 4 في المئة. وقسيمة 4 في المئة.
واعتبرت وزارة المالية أن هذه الخرجة، التي تميزت بعودة المغرب إلى الاقتراض بعملة الدولار بعد غياب دام 7 سنوات، حققت نجاحًا مدويًا لدى المستثمرين الدوليين، منهم 478 طلبا. وتجاوز دفتر الطلبات 13 مليار دولار، وتم تجاوز الاكتتاب في الإصدار بأكثر من 4 مرات.
وقالت الوزارة إن هذه الخرجة مكنت من تجديد الاتصال بالمستثمرين الأمريكيين، وتنويع مصادر تمويلنا وإنشاء مراجع جديدة لمنحنى الائتمان المغربي. وقد حظيت هذه الخرجة، التي عُرضت على مستثمرين رفيعي المستوى، ولا سيما مديري الصناديق وشركات التأمين وصناديق المعاشات التقاعدية، بقبول إيجابي، انعكس على وجه الخصوص في التوزيع الجغرافي الواسع، ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أوروبا وآسيا والشرق الأوسط.
ويتوقع قانون المالية المعدل هذا العام أن تصل نفقات الفوائد والعمولات المتعلقة بالدين العمومي 29.3 مليار درهم، أما استهلاكات الدين العمومي المتوسط والطويل الأجل فيتوقع أن تصل إلى 64.2 مليار درهم، ضمنها 47.8 ملايير درهم كدين داخلي وحوالي 16.4 كدين خارجي. أما مبلغ الاعتمادات المفتوحة برسم السنة المالية 2020 فيما يتعلق بخدمة نفقات وفوائد الدين العمومي من الميزانية العامة فيرتقب أن يتجاوز هذا العام 93.5 مليار درهم.
وتعتزم الحكومة، ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2021، اقتراض 43.9 مليار درهم لسد حاجيات الخزينة التي من المتوقع أن يصل مجموع مواردها 432.1 مليار درهم عام 2021 مقابل 461.6 مليار درهم عام 2020، بانخفاض 6.39 في المئة، وتنقسم هذه المواد ما بين 228.4 مليار للموازنة العامة للدولة (باستثناء القروض المتوسطة والطويلة الأجل) و94.3 مليار درهم للحسابات الخصوصية للخزينة، 107 ملايير درهم ستدخل الخزينة عبر قروض متوسطة وطويلة الأجل (66.2 مليار درهم للاقتراض الداخلي و41 مليار درهم للاقتراض الخارجي) وسيبلغ إجمالي مواد الضرائب في 2021 حوالي 476 مليار درهم مقابل 507.5 مليار في 2020 بانخفاض نسبته 6.2 في المئة.