كورونا عصفت بحلم المغرب لولوج «نادي الخمسين» في قائمة «ممارسة الأعمال» : إكراهات الأزمة الوبائية بعثرت أوراق الحكومة وحولت اهتمامها نحو أولويات أخرى

الاستثمارات الخارجية نحو المغرب تراجعت بنحو 4 ملايير درهم منذ بداية 2020

 

 

في 28 أكتوبر من العام الماضي، كان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، قد وعد أمام البرلمان «بتحقيق هدف بلوغ المغرب المرتبة 50 في مؤشر ممارسة الأعمال في أفق سنة 2021، إلا أن هذا الهدف أصبح اليوم بعيد المنال، بسبب الصدمة العنيفة التي تلقاها الاقتصاد الوطني جراء تداعيات الجائحة الوبائية «كوفيد 19» التي بعثرت أوراق الإصلاحات، وفرضت إعادة ترتيب الأولويات..، حيث أحبطت الأزمة الوبائية التي تعصف بالمغرب منذ بضعة أشهر، المجهود الكبير الذي بذله المغرب طوال سنوات لتحسين موقعه في لائحة البنك الدولي لممارسة الأعمال «دوينغ بيزنس»، وبعد صعوده 7 مراتب في تصنيف ممارسة أنشطة الأعمال 2020، واحتلاله الصف 53 من أصل 190 بلدا، وأصبح المغرب قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هدفه، واعتقد الجميع أن المغرب بات بإمكانه بسهولة أن يدخل نادي أفضل 50 بلدا لممارسة الأعمال في عام 2021.
وفي هذا السياق، سجلت تدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة نحو المغرب نهاية شهر غشت من العام الجاري تراجعا بناقص 28.4 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وهبطت الاستثمارات الخارجية بأزيد من 3.8 مليار درهم لتستقر في حدود 9.6 مليار درهم عوض 13.4 ملايير درهم المسجلة خلال غشت 2019 ، حسب ما أكده التقرير الشهري الأخير لمكتب الصرف حول المبادلات الخارجية للبلاد.
وعزا مكتب الصرف هذا التراجع إلى انكماش مداخيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمعدل 29.3 في المائة، أي بناقص 6.7 مليار درهم، إذ لم تتعد عند نهاية شهر غشت الماضي 16.16 مليار درهم بدل 22.9 مليار درهم المسجلة في نفس الفترة من العام الماضي، وقد حد من تفاقمها التراجع المسجل في نفقات الاستثمارات الخارجية للبلاد التي فاقت نزلت ب 2.88 مليار درهم، أي بتراجع معدله 30.5 في المائة.
ويثير استمرار تراجع مداخيل الاستثمارات الخارجية المباشرة للعام الثالث على التوالي قلقا في الأوساط الحكومية حول جاذبية المغرب للاستثمار الأجنبي بالنظر إلى الأهمية التي يكتسيها في ميزان الأداءات و الاحتياطات الأجنبية للبلاد.
وعلى الرغم من أوجه القصور التي لا تزال قائمة وتعيق تحسين تدفق الاستثمار الأجنبية المباشرة نحو المغرب، فقد تمكنت الحكومة في إطلاق رزمة من الإصلاحات الهيكلية التي ساعدت على تقدم المغرب بشكل ملحوظ في تصنيف البنك الدولي لممارسة الأنشطة والأعمال، وحسّن المغرب ترتيبه بسبع مراتب في العام الماضي وأصبح يحتل المرتبة الأولى في شمال إفريقيا والثالثة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما بات يحتل المرتبة الأولى في غرب إفريقيا والثالثة في القارة.
ومع أن ولوج نادي أحسن خمسين بلدا لممارسة الأعمال كان يبدو بالأمس القريب، طوع اليد، فإنه بات اليوم هدفا بعيد المنال بسبب الأزمة الصحية التي عطلت العديد من الإصلاحات، وحولت اهتمام الحكومة نحو أولويات أخرى فرضت نفسها في مركز الصدارة.
ومن بين الإصلاحات التي كانت ستسمح للمغرب ببلوغ أهدافه للصعود 3 مراتب في تصنيف البنك الدولي، استكمال مجموعة من الأوراش التي شرعت فيها الحكومة من قبل، ويتعلق الأمر أساسا برفع القيود المرتبطة بالمسائل القانونية ، وتلك المتعلقة بالحصول على التمويل ، وخاصة بالنسبة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة الحجم ، وكذا تكييف قانون الشغل ، واستكمال إصلاح المراكز الجهوية الاستثمار ، ووضع نظام مندمج لتشجيع الابتكار، واعتماد استراتيجية وطنية متكاملة في مجال البحث والتطوير. وفع ميزانية البحث العلمي، الذي يمثل سوى 0.8٪ من الناتج الداخلي الإجمالي، وكل هذه الأوراش سيكون على الحكومة بذل مجهود إضافي لاستكمالها، فضلا عن كونها تتطلب اعتمادات مالية لم تعد متاحة اليوم في ظل ضيق الهامش المالي الذي فرضته الأزمة الوبائية بفعل التراجع غير المسبوق في مداخيل الخزينة وارتفاع حاجيات التمويل التي تكاد تخنق ميزانية الدولة.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 08/10/2020